بغداد تقر بتفاقم الفقر وتعد بإجراءات للحد منه

«يونسيف» تؤكد تضرر ربع أطفال العراق

حلاق عراقي يقص شعر طفل في معسكر بغرب بغداد أمس (أ.ب)
حلاق عراقي يقص شعر طفل في معسكر بغرب بغداد أمس (أ.ب)
TT

بغداد تقر بتفاقم الفقر وتعد بإجراءات للحد منه

حلاق عراقي يقص شعر طفل في معسكر بغرب بغداد أمس (أ.ب)
حلاق عراقي يقص شعر طفل في معسكر بغرب بغداد أمس (أ.ب)

أقرت الجهات الرسمية العراقية بارتفاع مؤشرات خط الفقر في البلاد، وبالذات في صفوف الأطفال، كونهم الحلقة الأضعف في المجتمع. وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) أعلنت أمس أن طفلاً من بين كل أربعة أطفال في العراق يعيش في فقر، فيما يحتاج أربعة ملايين طفل للمساعدة نتيجة للحرب على «داعش».
وقالت «اليونيسيف»، في بيان، إن الأمم المتحدة تحققت من وقوع 150 هجوماً على منشآت تعليمية و50 هجوماً على مراكز صحية وموظفيها منذ 2014، وأضافت أن نصف مدارس العراق بحاجة إلى إصلاح فيما تعطلت العملية التعليمية لأكثر من ثلاثة ملايين طفل. وقال جيرت كابيلير، المدير الإقليمي للمنظمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن «الأطفال هم مستقبل العراق»، داعياً إلى الاستثمار في الأطفال لإعادة بناء عراق مستقر.
وأكدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية أن «نسبة الفقر في العراق مرتفعة بالفعل برغم تناقض الأرقام والإحصاءات، لكنها في النهاية قريبة من الواقع إلى حد كبير». وقالت الدكتورة عبير الجلبي، مديرة مكتب رعاية الطفولة في العراق ومديرة ذوي الاحتياجات الخاصة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «نسبة الفقر في العراق تزيد على الـ28 في المائة، وهي نسبة تعد مرتفعة في بلاد يفترض أنها غنية، لكن هناك أسباباً وعوامل عديدة أدت إليها ومنها الحرب ضد تنظيم داعش، وما خلفه من تداعيات اجتماعية واقتصادية تركت تأثيراتها على الطفولة بالدرجة الأولى، كون الأطفال هم النسبة الأكبر من عدد السكان، لأن عمر الطفولة يستمر حتى سن الـ18 عاماً».
وأضافت عبير الجلبي أنه «برغم الإجراءات التي تقوم بها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية على أصعدة مختلفة للحد من مستوى الفقر، لكنها لا تكفي، بل يتطلب الأمر خططاً حكومية شاملة من أجل إيجاد بدائل مناسبة للحد من الفقر». وأوضحت أن «وزارة العمل تمنح العاطلين راتب حماية اجتماعية وكذلك ذوي الاحتياجات الخاصة، كما تمنح قروضاً ميسرة تدر دخلاً للأسرة، ولكن هذه الإجراءات مهما كانت لا تكفي بالتأكيد».
من جهته، أكد عبد الزهرة الهنداوي، المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المؤشرات التي تحدثت عنها (اليونسيف) قريبة من الواقع، حيث إن هناك نحو 9 ملايين عراقي تحت خطر الفقر غالبيتهم من الأطفال»، مبيناً أن «هناك ما يسمى الفقر الطارئ أو العابر نتيجة الحرب على تنظيم داعش، حيث أدت الحرب إلى زيادة نسبة النزوح بين السكان، وبالتالي ارتفعت النسبة من 18 في المائة عام 2014 إلى نحو 28 في المائة الآن نتيجة عمليات النزوح واسعة النطاق». وأشار الهنداوي إلى أن «وزارة التخطيط أطلقت الاستراتيجية الوطنية للحد من الفقر تعتمد على مجموعة من المفردات، من بينها عودة مستديمة للنازحين، لأنه في حال تم تأمين عودتهم، فإن نسبة خط الفقر سوف تنخفض، بالإضافة إلى إجراءات أخرى، من بينها السكن والصحة والتعليم والدخل حيث تهدف الخطة إلى تخفيض النسبة إلى 25 في المائة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».