عفرين ودعم الميليشيات الكردية محورا مباحثات تركية ـ أميركية

مصادر دبلوماسية لـ {الشرق الأوسط}: توقع محادثات صعبة مع تيلرسون

عائلة تبكي ابنها الذي سقط في معركة عفرين شمال سوريا خلال تشييعه في أزمير بتركيا أمس (أ.ب)
عائلة تبكي ابنها الذي سقط في معركة عفرين شمال سوريا خلال تشييعه في أزمير بتركيا أمس (أ.ب)
TT

عفرين ودعم الميليشيات الكردية محورا مباحثات تركية ـ أميركية

عائلة تبكي ابنها الذي سقط في معركة عفرين شمال سوريا خلال تشييعه في أزمير بتركيا أمس (أ.ب)
عائلة تبكي ابنها الذي سقط في معركة عفرين شمال سوريا خلال تشييعه في أزمير بتركيا أمس (أ.ب)

عشية زيارة وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون لأنقرة والتي من المتوقع أن يسيطر عليها الملف السوري والخلافات التركية الأميركية بشأن دعم واشنطن العسكري لوحدات حماية الشعب الكردية التي تقاتلها تركيا في شمال سوريا، أجرى المتحدث باسم الرئاسة مستشار الرئيس التركي إبراهيم كالين مباحثات مع مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر في إسطنبول، أمس، تركزت على التعاون بين البلدين في مكافحة الإرهاب والملفات الخلافية وفي مقدمتها دعم الولايات المتحدة للميليشيات الكردية في شمال سوريا بالسلاح ومطالبات أنقرة بوقفه وقطع علاقتها مع وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها أنقرة «تنظيما إرهابيا».
ومن المنتظر أن يصل وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إلى أنقرة اليوم الاثنين في زيارة تأتي في إطار جولة في منطقة الشرق الأوسط بدأت أمس من الأردن وتشمل أيضا مصر ولبنان والكويت.
وتوقعت واشنطن مباحثات صعبة بين تيلرسون والمسؤولين الأتراك في ظل غضب أنقرة من دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني (المحظور) والمصنف من جانب تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كتنظيم إرهابي.
وقال متحدث باسم الخارجية الأميركية إن وزير الخارجية (تيلرسون) يعتزم طرح عدد من أكثر المسائل صعوبة في العلاقات الثنائية، ومناقشة النقاط التي نتفق عليها بشكل أسرع، وعلى رأسها الحرب ضد داعش والمواجهة مع حزب العمال الكردستاني، لافتا إلى أن من بين المواضيع الصعبة الوضع في مدينة عفرين السورية، حيث تحث الولايات المتحدة تركيا على الحد من عملياتها هناك وعلى طول الحدود مع سوريا.
وتعترف واشنطن بوجود «مخاوف مشروعة» لأنقرة، لكنها تطالبها في الوقت ذاته بضرورة تقليل عدد الضحايا إلى أقصى حد ممكن، وتسعى لحمل تركيا على «تحديد نواياها طويلة الأجل» في سوريا.
وقال مسؤول في الخارجية الأميركية: «هناك (في أنقرة) ستكون مناقشة صعبة للغاية، لأن تركيا لديها موقف معقد بشأن هذه المسألة، ومن أجل تحديد مجالات الاتصال من الضروري عقد اجتماعات شخصية».
وقال مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن المقترح الأميركي بشأن إقامة منطقة آمنة بعمق 30 كيلومترا في الأراضي السورية على حدود تركيا سيطرح للمناقشة، لافتة إلى أن تركيا تريد أولا أن تضمن موقفا محددا وواضحا من مسألة وقف دعم الأسلحة لوحدات حماية الشعب الكردية، ولا تعارض في مناقشة هذا المقترح ولكن من خلال لجان متخصصة، كما أشار وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأسبوع الماضي.
وأضافت المصادر أن الولايات المتحدة ليست لديها قوات في عفرين وبالتالي فليست هناك مشكلة بين الجانبين من احتمالات مواجهة، كما أنه ليس هناك تنسيق أو صفقات بينهما في شمال سوريا مؤكدة أن كلا من أنقرة وواشنطن لا ترغبان في حدوث مواجهة في منبج التي تعتزم تركيا شن عملية عسكرية فيها إذا لم تنسحب وحدات حماية الشعب الكردية منها.
واعتبرت المصادر أن على واشنطن إذا كانت ترغب في منع وقوع هذه المواجهة المحتملة أن تنفذ تعهداتها السابقة بانسحاب الوحدات الكردية إلى شرق الفرات وأن توقف دعمها بالسلاح.
في السياق، أجرى المتحدث باسم الرئاسة مستشار الرئيس التركي إبراهيم كالين مباحثات مع مستشار الأمن القومي الأميركي هربرت ماكماستر في إسطنبول، أمس.
وقال بيان للرئاسة التركية حول مباحثات كالين وماكماستر، إنهما بحثا سبل تعزيز مكافحة الإرهاب، والتأكيد على الشراكة الاستراتيجية بين أميركا وتركيا، وتبادلا الآراء حول العلاقات بين البلدين والتحديات الاستراتيجية المشتركة وتطورات الوضع في المنطقة، إضافة إلى بحث الملفات التي تؤثر سلبا على العلاقات بين البلدين.
وجاءت زيارة ماكماستر لتركيا، التي وصل إليها أول من أمس، بعد سلسلة من الاتصالات مع كالين أكد المسؤول الأميركي خلالها أن بلاده ستوقف دعم الوحدات الكردية بالأسلحة. وصرح كالين عقب المباحثات مع ماكماستر بأنه تم التأكيد على آلية تعزيز والحفاظ على العلاقات الاستراتيجية «التاريخية» بين أنقرة وواشنطن، لافتاً إلى أنه جرى التطرق إلى حساسيات الطرفين وأولوياتهم فيما يتعلق بجميع الملفات.
وأشار إلى أنه جرى بحث العلاقات التركية الأميركية والتعاون الاستراتيجي بينهما وتبادل وجهات النظر حول التطورات الإقليمية.
على صعيد عملية «غصن الزيتون في عفرين والتي دخلت أمس يومها الثالث والعشرين، سيطرت القوات المسلحة التركية والجيش السوري الحر على قريتي «سرنجك» التابعة لناحية «شران» في شمال شرقي عفرين و«حاج اسكندر» التابعة لناحية جندريس غربي عفرين.
وبالسيطرة على سرنجك وحاج اسكندر يرتفع عدد النقاط التي تمت السيطرة عليها منذ انطلاق العملية إلى 49 نقطة تشمل مزارع وقرى وتلالا استراتيجية. وأعلن الجيش التركي مقتل وإصابة 1266 من عناصر داعش والوحدات الكردية منذ انطلاق عملية «غصن الزيتون» في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقالت الأركان التركية، في بيان، إن مقاتلاتها تمكنت أمس من تدمير 19 هدفاً للإرهابيين في عفرين، بينها ملاجئ وتحصينات ومخازن للأسلحة والذخائر.
وأوضحت الأركان التركية أن قوات «غصن الزيتون»، تمكنت خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية من تحييد 86 «إرهابياً»، ليرتفع العدد إلى 1266 منذ انطلاق العملية.
وتفقد رئيس هيئة الأركان التركية خلوصي أكار، برفقة قائدي القوات البرية والجوية، القوات المشاركة في عملية «غصن الزيتون» بولاية هطاي الحدودية مع سوريا.
وبحسب بيان لرئاسة هيئة الأركان التركية، تفقد رئيس الأركان، وقائد القوات البرية الفريق أول يشار غولار، وقائد القوات الجوية الفريق أول حسن كوجوك آك يوز، جاهزية القوات المشاركة في «غصن الزيتون».
وواصل الجيش التركي في الوقت نفسه تعزيز قواته المنتشرة على الحدود السورية وتم إرسال 60 دبابة وعربات مدرعة دعما للعملية العسكرية في عفرين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».