انتخابات لبنان... زحمة مرشحين ولوائح وغياب كامل للبرامج

تجاهل البرامج الانتخابية {عادة متوارثة}

TT

انتخابات لبنان... زحمة مرشحين ولوائح وغياب كامل للبرامج

ينتظر المرشحون للانتخابات النيابية في لبنان، المقررة في السادس من مايو (أيار) المقبل، أن تفتح وزارة الداخلية باب الترشيحات في الخامس من الشهر الحالي، للتقدم بلوائحهم والانصراف لخوض غمار المعركة، كلٌ في دائرته. ومع اقتراب موعد الاستحقاق المؤجّل منذ العام 2013، وتزاحم مئات المرشحين وعشرات اللوائح، تغيب البرامج الانتخابية التي يفترض أن تطرحها كلّ لائحة، وترسم فيها سياستها للسنوات الأربع المقبلة، إذا ما فازت في الانتخابات.
وتتعدد الأسباب التي تعفي المرشحين من تقديم برامجهم، ومصارحة اللبنانيين بما يتطلّعون إليه في ظلّ قانون انتخابي يعتمد النظام النسبي للمرّة الأولى بتاريخ لبنان، حيث أوضح الخبير القانوني والدستوري النائب السابق صلاح حنين، أن غياب البرامج «لا علاقة له بالنظام الانتخابي، بقدر ما هو مرتبط بجدّية المرشحين وما لديهم من أفكار ومشاريع لتقديمها للناخبين». وعبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن أسفه، لأن الانتخابات «ليست مبنية على العلم والفكر والتوجه السياسي الواضح، بقدر ما تستند إلى غياب المعرفة الحقيقية، وهو ما يبرر تجاهل الكثيرين تقديم البرامج والمشاريع الانتخابية، التي يجب المحاسبة على أساسها».
ويبدو أن غياب البرامج الانتخابية هي عادة متوارثة في الثقافة اللبنانية، وفق تعبير الخبير الانتخابي عبدو سعد، الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «البرامج الانتخابية هي الغائب الدائم عن أفكار المرشحين». وقال: «لم يسبق لفريق سياسي أو حزبي أو مرشح انفرادي أن طرح برنامجاً سياسياً حول رؤيته، والسبب يعود إلى غياب المحاسبة من قبل الناخبين، الذين يقترعون للأسف على أساس التبعية والحزبية والطائفية، وليس على أساس البرامج والمحاسبة». واعتبر سعد أن «ما طرحه المرشحون وحتى الأحزاب في كل الانتخابات السابقة، مجرد خطابات إنشائية، سرعان ما يجري مسحها والتنكّر لها بعد الانتخابات».
وأعلنت المديرية العامة للأحوال الشخصية في وزارة الداخلية الأسبوع الماضي، عن «جهوزية القوائم الانتخابية الأولية وكذلك القوائم العائدة للناخبين، الذين اختاروا الاقتراع في الخارج». وأكدت أنه «تمّ إرسال نسخ عنها إلى البلديات والمختارين، وإلى مراكز المحافظات والأقضية وإلى وزارة الخارجية والمغتربين بهدف نشرها وتعميمها تسهيلاً للتنقيح النهائي». ودعت «الداخلية» الناخبين المقيمين وغير المقيمين إلى الاطلاع عليها على الموقع الرسمي الإلكتروني الخاص بالمديرية العامة للأحوال الشخصية، أو على نسخ القوائم الانتخابية الأولية.
ولا تقلّ مسؤولية الناخب عن مسؤولية المرشّح، وقال النائب السابق صلاح حنين إن «من واجب الناخب أن يطالب المرشح بتقديم برنامجه، ويضع سقفاً عالياً لمطالبه، كما يفترض بالنائب المرشح لدورة جديدة، أن يقدّم كتيباً يفصّل فيه حصيلة ما أنجز، وبرنامجه للمرحلة المقبلة»، مبدياً أسفه لأن الناخب لا يطالب ولا يحاسب، والمرشّح يفتقد الضمير السياسي الكافي حتى يعد الناس ويفي بوعوده.
وقسّم القانون الانتخابي لبنان إلى 15 دائرة انتخابية، أي جعل الدائرة الواحدة أصغر من المحافظة التي اعتمدت في انتخابات 1992 و1996، وأكبر من القضاء الذي اعتمد في انتخابات 2009، وفرض الترشيحات في لوائح، مانعاً الترشح المنفرد نهائياً.
ورغم تفضيل قانون النسبية المعتمد في الانتخابات المقبلة، والرهان على إحداث تغيير ولو جزئي، استبعد الخبير الانتخابي عبدو سعد: «حصول تغيير حقيقي، لأن القانون الحالي وإن كان نسبياً هو مشوّه، وأي تغيير سيكون مجرّد تبديل أسماء فقط، لأن النوعية والممارسة ستبقى كما هي»، مؤكداً أن «لا حل أو تغييراً فعلياً إلا باعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة، بما يحقق تمثيلاً سياسياً ووطنياً». وشكك سعد بقدرة اللبنانيين على محاسبة نوابهم، وعزا السبب إلى «النظام الزبائني الذي تتحكم فيه الطائفية السياسية، المعتمدة منذ أكثر من مائة عام». وقال: «لن يكون هناك تغيير حقيقي، ما لم ندخل تعديلاً جوهرياً على قانون الانتخابات، ونذهب لاعتماد لبنان دائرة واحدة».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».