إسرائيل ترفض استقبال وفد بولندي قبل تغيير «قانون المحرقة»

TT

إسرائيل ترفض استقبال وفد بولندي قبل تغيير «قانون المحرقة»

رفضت الحكومة الإسرائيلية استقبال وفد بولندي رسمي، لإجراء محادثات مصالحة حول حل الأزمة الآخذة بالتفاقم بين البلدين، إلا إذا تراجع مجلس الشيوخ البولندي عن القانون الذي صادق عليه قبل أسبوعين، ويقضي بمعاقبة من يربط الجرائم النازية على أرضها بالحكومة والشعب البولندي.
وقال مسؤول إسرائيلي إن «المشكلة ليست نزاعاً للتفاوض، إنما هي مساس بتاريخ ملايين الضحايا الذين سقطوا على الأراضي البولندية بسبب النازية، وبتعاون كبير من شرائح من شعب في بولندا. ولذلك لا مجال للحديث قبل أن يتم تعديل هذا القانون. ولذلك رفضت إسرائيل استقبال الوفد، الذي شكلته حكومة وارسو من 5 ممثلين، من بينهم دبلوماسيون وخبراء تاريخيون لإجراء حوار في إسرائيل مع فريق مواز لحل الأزمة».
وكان السفير البولندي لدى إسرائيل، جاسيك خودوروفيتش، قد توجه بطلب إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية، لترتيب استقبال الوفد البولندي خلال الأسبوع الحالي لمناقشة الأزمة، إلا أنها ردت طلبه بالقول: «إذا لم تكن بولندا مستعدة لمناقشة جادة حول تعديل القانون، فلا معنى لوصول الوفد». وهاجمت الخارجية الإسرائيلية تصريحات نائب الرئيس البولندي، التي أدلى بها خلال مقابلة صحافية أخيراً، وقال فيها إن «رد فعل إسرائيل على القانون ينبع من مشاعر الذنب حول سلبية اليهود خلال المحرقة»، واعتبرتها تعزيزاً للأزمة الدبلوماسية بين الحكومتين.
ونقلت مصادر إسرائيلية مطلعة، أن الحكومة البولندية قدرت أن إسرائيل ستعترض على القانون، ولكنها لم تتوقع نشوب هذه الأزمة الكبيرة، وهي الآن تحاول إيجاد صيغة من شأنها أن تخفف من الغضب الإسرائيلي، على ألا تظهر وكأنها استسلمت لإسرائيل. وكانت الحكومة البولندية قد رفضت، الأسبوع الماضي، استقبال وزير المعارف الإسرائيلي ورئيس «البيت اليهودي»، نفتالي بنيت.
وأقر مجلس الشيوخ البولندي، الخميس قبل الماضي، قانوناً يرمي إلى الدفاع عن صورة بلاده بتجريمه استخدام عبارة «معسكرات الموت البولندية» في الحديث عن المعسكرات النازية، وهو تشريع تعارضه إسرائيل، التي ادعت أن وارسو تحاول، من خلاله، «إعادة كتابة التاريخ وإنكار المحرقة». وتعتبر السلطات الحاكمة في بولندا أن القانون يهدف إلى تفادي أن تنسب «للأمة أو الدولة البولندية» جرائم ارتكبها النازيون.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».