نتنياهو يتعهد بالمضي قدما في مخطط «برافر» رغم المظاهرات العربية

انتفاضة «البدو» تؤجج الصراع على الأراضي

الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى لقائه أمس إسحق هيرتسوغ رئيس حزب العمل الإسرائيلي، في مقر الرئاسة برام الله (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى لقائه أمس إسحق هيرتسوغ رئيس حزب العمل الإسرائيلي، في مقر الرئاسة برام الله (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يتعهد بالمضي قدما في مخطط «برافر» رغم المظاهرات العربية

الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى لقائه أمس إسحق هيرتسوغ رئيس حزب العمل الإسرائيلي، في مقر الرئاسة برام الله (أ.ف.ب)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى لقائه أمس إسحق هيرتسوغ رئيس حزب العمل الإسرائيلي، في مقر الرئاسة برام الله (أ.ف.ب)

تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بدفع خطة «برافر» المثيرة للجدل إلى الأمام، على الرغم من المظاهرات العربية في إسرائيل، ضد مشروع القرار الذي من شأنه تهجير عشرات الآلاف من البدو من قراهم في صحراء النقب.
وقال نتنياهو: «سنمضي في المشروع إلى الأمام من أجل مستقبل أفضل لجميع سكان النقب». وأضاف: «كما سيحاسب مخالفو القانون، إذ لا يمكن تحمل أعمال شغب كتلك التي وقعت أمس (السبت)». وتحدث نتنياهو إلى وزير الأمن الداخلي يتسحاق أهرونوفيتش، ومفتش الشرطة العام الجنرال يوحانان دانينو، وطالبهما بفرض القانون بالقوة.
وكان آلاف من عرب 48 ويهود يساريين مناصرين لهم، تظاهروا أول من أمس ضد «برافر»، في النقب وحيفا ويافا والمثلث في إسرائيل، مما أسفر عن وقوع إصابات في صفوف المتظاهرين والشرطة الإسرائيلية، التي اعتقلت نحو 35 منهم.
واتهم المتظاهرون الشرطة باستخدام القوة المفرطة ضد العرب، وأدانت «جمعية حقوق المواطن» في إسرائيل في بيان «وحشية الشرطة الإسرائيلية ضد المواطنين واستخدامها القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع، وذلك حتى قبل محاولتها تفريق المتظاهرين». بينما رد قائد الشرطة بأن المتظاهرين تجاوزوا الخطوط الحمر بالاعتداء على الشرطة.
وأثارت المظاهرات جدلا كبيرا داخل إسرائيل. وعبرت الحكومة الإسرائيلية عن «أسفها» لما وصفته بـ«قيام عناصر متطرفة بأعمال شغب احتجاجا على خطة (برافر)». وقالت الحكومة في بيان لها أمس: «إن ما يقف وراء هذه الاحتجاجات هو عبارة عن مصالح خارجية».
وأضافت: «قانون برافر سيصبح، بعد المصادقة عليه، آلية عملية لحل دعاوى الملكية على الأراضي، والتي تعد العقبة الرئيسة أمام تطوير النقب لصالح كل سكانه».
وحذر وزير الأمن أهرونوفيتش من استمرار ما وصفه بـ«أعمال العنف». وقال إن «الشرطة تفسح المجال أمام نشاطات احتجاجية مشروعة ولا تسمح بأي أعمال عنف». وأضاف: «سنستنفد الإجراءات القضائية بحق المشاغبين».
وهاجم وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، الاحتجاجات بشدة، واصفا إياها بأنها «حرب على أراضي الشعب اليهودي». وكتب في صفحته على «فيس بوك»: «إننا نحارب على الأراضي القومية للشعب اليهودي، وهناك من يحاول بشكل مقصود سلبها والاستيلاء عليها بالقوة، ولا يمكن غض الطرف والتهرب من هذا الواقع». وأضاف أن «المشكلة هي أن العرب يرفضون السكن في مبان متعددة الطبقات».
وتتهم الحكومة الإسرائيلية البدو بالاستيلاء على أراضي الدولة، وعرضت عليهم الاعتراف ببعض القرى غير المعترف بها مقابل إزالة قرى أخرى.
لكن البدو يقولون إن الحكومة تسعى إلى السيطرة على 800 ألف دونم من أراضيهم، بما يشمل هدم نحو 38 قرية عربية، وتهجير نحو 35 ألفا من السكان، مقابل تعويض جزئي، في سياسة «مجحفة» بحق العرب في المكان.
وقال رئيس بلدية راهط، طلال القريناوي، إن المخطط يهدف إلى إسكان البدو في تجمعات قابلة للانهيار السريع لا تستطيع تلبية الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية.
وكان الكنيست صادق في يونيو (حزيران) الماضي، على الخطة بالقراءة الأولى بأغلبية طفيفة (43 عضوا مؤيدا و40 معارضا) في جلسة صاخبة، مزق فيها النواب العرب قانون المشروع وغادروا الجلسة غاضبين.
وينص مخطط «برافر» على تنظيم إسكان البدو في إسرائيل، من خلال تسوية أوضاع القرى البدوية في النقب، وكذلك تسوية الخلاف بين الدولة والبدو .
ويقترح القانون الجديد منح من يطالب بالملكية من البدو تعويضا ماليا أو تعويضا على شكل أراض (حتى نصف مساحة الأرض) ويقر أيضا إعطاء تعويض بنسبة تصل حتى ربع حجم الدعوى بالملكية. لكن عضو الكنيست العربي أحمد الطيبي وصف المخطط بـ«التهجيري»، متعهدا بأنه لن يمر على الأرض مهما كلف الثمن.
وقال مركز «عدالة» في إسرائيل إن «سياسة حكومة إسرائيل، وفق تقرير برافر، كانت وظلت انتزاع أراضي البدو، واكتظاظهم في بلدات حصلت على اعتراف رسمي والاعتراف بجزء من قراهم فقط، من دون إشراكهم في تقرير مصيرهم».
وأضاف المركز: «تقرير برافر، الذي ينكر مطالبات البدو بأراض لا يسكنون عليها ويكتفي بتعويض بنسبة 50 في المائة مقابل الأراضي التي يسكنون عليها، هو غير قابل للتطبيق».
وفي الوقت الذي أثار فيه المخطط الأقليات البدوية في النقب، فإن مخططا آخر قيد التنفيذ من شأنه توسيع المواجهة بين العرب والحكومة الإسرائيلية.
وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس، إن وحدة الاستيطان في منظمة «الهستدروت» (نقابة عمال إسرائيل) بصدد بلورة خطة جديدة لتهويد الجليل من خلال إقامة تجمعات سكانية يهودية جديدة في المنطقة، بالإضافة إلى توسيع القائم حاليا.
وبحسب «هآرتس»، فإن وحدة الاستيطان، المسؤولة عن تنفيذ سلسلة من المخططات في النقب كذلك، بدأت المشاورات من أجل طرح عطاءات لبناء وحدات سكنية جديدة في الجليل، لاستيعاب 100 ألف مستوطن جديد. ويتركز البناء الجديد في مناطق سهل البطوف، وسخنين، وعرابة، ودير حنا. وتعد الخطة قديمة إلى حد ما لكنها لم تر النور قبل ذلك.
وقال حنا سويد، عضو الكنيست من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة: «هذا المخطط هو استمرار للحرب الديموغرافية ضد السكان العرب في الجليل». وأضاف: «هذا ليس إجراء لتطوير المنطقة، بل هو إجراء في قلب الصراع على الأرض».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.