فرنسوا رو: لا تكافؤ في الفرص مع فريق الادعاء

رئيس مكتب الدفاع بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان أكد أن المحامين لا يتواصلون مع «حزب الله»

فرنسوا رو رئيس مكتب الدفاع بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان
فرنسوا رو رئيس مكتب الدفاع بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان
TT

فرنسوا رو: لا تكافؤ في الفرص مع فريق الادعاء

فرنسوا رو رئيس مكتب الدفاع بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان
فرنسوا رو رئيس مكتب الدفاع بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان

يرى رئيس مكتب الدفاع في المحكمة الدولية فرنسوا رو في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «لبنان من خلال المحكمة الخاصة به سمح بإحراز تقدم على مستوى العدالة الجنائية الدولية»، فللمرة الأولى تم إنشاء مكتب الدفاع مكتب مستقل على قدم المساواة مع مكتب المدعي العام.
وكانت «الشرق الاوسط» نشرت اول امس ملفا عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تضمنت مقابلة مع رئيستها القاضية التشيكية ايفانا هردليشكوفا.
رو ، من جهته، يحرص على توضيح مهمة مكتب الدفاع، التي تبتعد كثيراً عن مهامّ فرق الدفاع التي يعينها مكتب الدفاع، ولكنه ليس ناطقاً باسمها. فمن مهام مكتب الدفاع إعداد قائمة محامين للدفاع عن المتهمين إن كان هؤلاء حاضرين، وإن كانوا غائبين فيدافع المحامون عن حقوقهم ومصالحهم. وثانيا، التحقق من ضمان عدالة الإجراءات أي أنه يحقّ للمتهم أن يشارك في إجراءات منصفة وثالثاً يشارك مكتب الدفاع بإدارة المحكمة إلى جانب الهيئات الثلاثة الأخرى، الرئاسة، ورئيس قلم المحكمة، ومكتب الادعاء.
فرق الدفاع لديها استراتيجياتها الخاصة، ولا يتدخل مكتب الدفاع في تلك الاستراتيجيات، لكن مكتب الدفاع يقدم الدعم اللوجيستي في التحقيقات، ومن خلال المساعدة القانونية للبتِّ في بعض المسائل القانونية والدعم المالي. وبما أنه تم تعيين المحامين من قبل مكتب الدفاع، فهو يدفع لهم أتعابهم من خلال وحدة المعونة القضائية في موازنة المحكمة. ويؤكد رو أن هذه المرة الأولى في محكمة دولية التي يتم فيها مراعاة أهمية الدفاع، لأنه منذ البداية ركَّزت المحاكم الدولية الجنائية على مكافحة الإفلات من العقاب، وبالتالي لم تكن تراعي بما يكفي فرق الدفاع.
يعترف رو، أن «التحدي الأكبر الذي يواجهه هو الدفاع عن متهمين لا يعترفون أصلاً بالمحكمة»... ولهذا السبب لا يدافع المحامون عن المتهمين بل عن حقوق ومصالح هؤلاء، وهذا المفهوم ورد بالنظام الأساسي للمحكمة».
أما كيفية اختيار المحامين، وكيف يمكن لمحام أميركي أن يدافع عن عنصر في «حزب الله»، يشرح رو أن قائمة بمحامين عددهم تقريباً 150 تطوعوا للدفاع عن المتهمين. خضع هؤلاء لجلسة استماع أمام لجنة محامين تختبر مؤهلاتهم ومعرفتهم بالقانون الجنائي وبنظام المحكمة الأساسي، وبعد أن نجحوا هذا الاختبار تم إدراج أسمائهم على هذه القائمة. حاولت أن أحترم التنوع الثقافي والقانوني، تمت تسمية محامين من الشرق والغرب والجنوب والشمال وأصحاب خبرات في مجال العدالة الجنائية الدولية وغيرهم.
ولإدراج أي محامٍ على هذه القائمة، تؤخذ بعين الاعتبار بعض المعايير، معايير تستند إلى عدد سنوات الخبرة، مثلا لمحامي الرئيس لا بد من 10 سنوات خبرة على الأقل، للمحامي المعاون 7 سنوات، المهم ليس الجنسية بل المؤهلات.
ولم تكن القناعة ببراءة المتهمين جزءاً من اختيار المحامين. يقول رو: «هذا السؤال لم يُطرَح لأن المحامي يطّلع على ملف القضية بعد تعيينه، وبعد ذلك يحتكم إلى ضميره؛ إما أن يقبل أو يقرر أنه لا يستطيع أن يدافع عن المتهم وهذا ما لم يحدث»، ويذكر رو أن المحكمة تطبق القانون الأنجلو ساكسوني، بالتالي لا نتحدث عن البراءة، السؤال الوحيد المطروح هو «هل أثبت الادعاء بما لا يرقى إليه أي شك معقول، القضية أو الإدانة، أم لا؟!»، وفي النهاية نتحدث عن إدانة، أو أن الادعاء لم يثبت الإدانة.
لم يتواصل المحامون مع «حزب الله» أو أي من المتهمين، فبحسب مدونة سلوك المحامين، لا يحق للمحامي أن يتصل بطريقة مباشرة أم غير مباشرة بالمتهمين، والسبب بسيط، ففي القواعد يحق لأي متهم يُحاكَم غيابيّاً، بمحاكمة جديدة. ولكن لكي يحافظ على حقه هذا يجب ألا يتصل بمحاميه، لأنه في حال اتصل بالمحامي، لا تعد هذه المحكمة غيابية وبالتالي يفقد حقه بمحاكمة جديدة.
يقر رو بأن التعاون من قبل السلطات اللبنانية مع مكتب الدفاع، لم يكن «عملية سهلة»، فبحسب القانون اللبناني «لا يحق للمحامي إجراء التحقيق بنفسه؛ فهذا هو دور قاضي التحقيق، كما هو في فرنسا. كانت هناك بعض المصاعب أمام بعض فرق الدفاع للحصول على معلومات، ولكن اليوم تم تخطِّي كل تلك المصاعب ونستطيع أن نقول إن التعاون بين فرق الدفاع والسلطات اللبنانية هو تعاون سليم».
مشكلات فريق الدفاع مع مكتب المدعي العام، موجودة، كما في كل المحاكم. يشكو رو أن فرق الدفاع واجهَتْ بعض المشكلات بالنسبة لعملية الكشف عن الأدلة، فهذه العملية كانت طويلة ولا تزال مستمرَّة. ويقول: «فرق الدفاع اشتكَتْ من حصولها على التقارير في اللحظة الأخيرة، أي دائماً كانت تحصل على التقارير باللحظة الأخيرة. عادة في لبنان وفرنسا تستبعد الأدلة التي تقدم خارج المهل الزمنية المحددة، حتى الآن لم تستبعد الغرفة هنا هذه الأدلة سوف نرى أن ستفعل ذلك في قرارها.
وعما إذا كان يعتقد أن ظروف تحقيق العدالة متوفرة في هذه المحكمة، وأن حقوق المتهمين مصونة بالكامل، يقول: «لسنا في عالم مثالي والمسار لا يزال طويلاً أمامنا، لا سيما للوصول إلى تكافؤ الفرص بين الدفاع والادعاء. إن ميزانية مكتب الادعاء هي ضعف ميزانية مكتب الدفاع، ولكن ما أستطيع أن أقوله هو أن شروط الدفاع قد تحسَّنَت من خلال إنشاء مكتب الدفاع هذا».
رو الذي لا يحبذ «اللغة الدبلوماسية»، يقول: «إن قواعد الإجراءات والإثبات كانت تسمح لغرفة الدرجة الأولى بتقصير المهل الزمنية ولكنها لم تفعل ذلك للأسف»، لكن من منظور إيجابي «لم يتمكن أحدهم من لوم الغرفة لأنها لم تأخذ الوقت الكافي»، أما بالنسبة للوقت التي ستحتاج إليه فرق الدفاع، فـ«من المستحيل أن نقول الآن، ولكنني أضمن أن الدفاع لن يحتاج إلى الوقت نفسه الذي احتاج إليه مكتب المدعي العام».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.