الجنادرية تفتح أبوابها وتوقعات بـ 10 ملايين زائر

إقبال لافت على جناح الهند ضيف الشرف

زوار في مهرجان الجنادرية ({الشرق الأوسط})
زوار في مهرجان الجنادرية ({الشرق الأوسط})
TT

الجنادرية تفتح أبوابها وتوقعات بـ 10 ملايين زائر

زوار في مهرجان الجنادرية ({الشرق الأوسط})
زوار في مهرجان الجنادرية ({الشرق الأوسط})

بدأ المهرجان في استقبال زواره، وسط توقعات أن يتجاوز عددهم العشرة ملايين زائر، في ظل التطور الكبير الذي يعيشه المهرجان، ويأخذ بعده العالمي بفضل الحضور الإنساني والثقافي من جميع المناطق السعودية.
وحظي جناح جمهورية الهند (ضيف شرف الدورة الحالية) بإقبال متنوع من الزوار الذين اطلعوا على ما تحويه أجنحتها من عروض فلكلورية وفنون تراثية، إضافة إلى الصناعات العسكرية والعلمية وجناح الفضاء، وجناح الطب البديل، التي تعكس بعضا من الحضارة الهندية.
واستقبلت القرية التراثية، بالمهرجان الوطني للتراث والثقافة «الجنادرية» في دورته الثانية والثلاثين أمس زوارها على أرض القرية التي تعد القلب النابض لأرض المهرجان الأصيل في السعودية.
وتضم القرية التراثية، أجنحة مناطق البلاد، وتسيطر على الحضور الأكبر من الزوار، وفيها تجتمع منارات المناطق ومعالمها في تشكيل مصغر من أرض واسعة منحت لها الجنادرية إعادة نموذج الوطن في الموقع الواحد وأمام مرأى الزوار، الذين يخرجون بانطباعات متعددة، ترسمها لهم الأرضية المشتركة في جنادرية العاصمة، وصولا إلى نهضة واضحة في المكان.
مشاركات المناطق في الجنادرية، تتجاوز استعراض رقصاتها الشعبية وبيوتها الطينية، إلى فتح مجال أكبر تتبارى فيه الأجنحة على جذب الجمهور وتقديم المزايا التنافسية من الأسواق الشعبية والملبوسات التراثية والبضائع ذات اللمعة التاريخية والأكلات الشهيرة فيها، بل وتعد أجنحة المناطق أيضا كورقات تقديم لأبرز ملامح الاستثمار فيها، وسط التقدم الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، مستعرضة المناطق معالمها ومنجزاتها التنموية وقطاعاتها وجامعاتها في كل منطقة.
وترصد الجنادرية حكايات الماضي العريق لأرض الرسالات السماوية ومهد الإسلام، وكيف أصبحت في طريق التطور منذ الماضي وحتى اليوم، بل وتبرز فيها مشاريع وتطور هذه المناطق بلغة أهلها الذين أصبحت الجنادرية ملتقى أبناء الوطن.
ويعكس الاهتمام الملكي به منذ أكثر من ثلاثين عاما، حرص البلاد على تكوين صورة معرفية عنها ومكوناتها الجغرافية وموروثها الشعبي وثقافات ممتدة تتلاقى تحت مظلة الدولة السعودية، ليفتح سوقا كبرى يشارك فيها أكثر من أربعة آلاف من مناطق المملكة، مع تزايد مليوني في كل عام، مكونا أيضا صيغة للتلاحم بين الموروث الشعبي بجميع جوانبه وبين الإنجازات الحضارية التي تعيشها السعودية ويبرز جليا للمتعمقين فرصة العمل في المهرجان على إزالة الحواجز الوهمية بين الإبداع الأدبي والفني وبين الموروث الشعبي.
ويتميز مهرجان الجنادرية للتراث والثقافة في دورته الحالية بكثير من المشاركات والفعاليات المقدمة، بما فيها مشاركة عدد من دول مجلس التعاون الخليجي عبر تخصيص مقرات دائمة لهم يقدمون فيها برامجهم المختلفة طيلة أيام المهرجان.



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.