المغرب: مجلس التربية والتكوين يدعو إلى إلزامية التعليم الأولي

TT

المغرب: مجلس التربية والتكوين يدعو إلى إلزامية التعليم الأولي

دعا المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي في المغرب إلى فرض التعليم الأولي بشكل إجباري على جميع أطفال البلاد بهدف تعميمه خلال العشر سنوات المقبلة، وأكد أن الدولة مطالبة بتوفير الموارد المالية والأطر البشرية اللازمة لتأمين هذا الطور التربوي لجميع الأطفال البالغين 4 سنوات بمختلف مناطق المملكة.
وطالب المجلس الذي يرأسه عمر عزيمان، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس، في لقاء تواصلي عقد أمس الأربعاء بالرباط، حول موضوع «التعليم الأولي أساس بناء المدرسة المغربية»، بوضع منظور إصلاحي شامل يضمن «ولوج جميع الأطفال المتراوحة أعمارهم بين أربع سنوات إلى حدود استيفاء خمس سنوات، دون أي تمييز، إلى تعليم أولي، عصري وذي جودة، في أفق العشر سنوات المقبلة».
وقال نور الدين أفاية، عضو اللجنة الدائمة للتربية والتكوين للجميع والولوجية في المجلس، إن «المجلس حاول أن يعمق النظر في الرؤية الاستراتيجية لصياغة القرارات اللازمة من أجل الارتقاء بالمنظومة التربوية»، مبينا أن الخطوة تروم «الدمج التدريجي للتعليم الأولي في سلك التعلم الابتدائي، لكي يشكل تصورا تعليميا موحدا».
وشدد أفاية على أن كلا من «الدولة والأسرة ستكون ملزمة بقوة القانون لتمكين كل الأطفال البالغين 4 سنوات من ولوج التعليم الأولي»، كما حث على ضرورة «إشراف وزارة التربية الوطنية على هذا الطور التربوي بصيغة ملائمة لمستلزمات التعليم الأولي، أساسه توحيد المنظور التربوي الشامل وتحقيق الانسجام التام في التدخل بين جميع القطاعات الحكومية المعنية».
وسجل عضو المجلس العلمي الأعلى للتربية والتكوين أن التشخيص الدقيق لواقع حال التعليم الأولي بالمغرب قاد الهيئة إلى الوقوف عند وجود حالة من «الفوضى التي تعم المجال»، لافتا إلى أن التعليم الأولي «تتجاذبه مؤسسات متضاربة الأهداف والمنطلقات ولا نعرف ما يتم تلقين الأطفال في كثير منها».
وطالب أفاية في اللقاء التواصلي ذاته، بـ«إخضاع مؤسسات التعليم الأولي بِرُمتها للضبط والمراقبة والتقييم وتقديم الحساب، وربطه بالتعليم الابتدائي في إطار سيرورة تربوية متكاملة»، مشيرا إلى أن المجلس أوصى بـ«وضع إطار مرجعي وطني يضمن المستلزمات التربوية المبنية على أسس علمية للتربية في سن الطفولة الصغرى»، بالإضافة إلى «إلزام الجماعات الترابية، في إطار الجهوية المتقدمة، بالإسهام في مجهود التعميم المبني على مستلزمات الجودة».
كما اعتبر أفاية أن ملف التعليم «سياسي ومجتمعي يقر الجميع بذلك، وهو بالضرورة يهم الحاضر والمستقبل وقضية وطنية تتعالى عن الحزبيات والتخندق»، وذلك في دعوة صريحة منه إلى الأحزاب السياسية بالبلاد للترفع عن الحسابات السياسية وتوظيفها في هذا الملف الحساس، مبرزا أن التعليم «حق من حقوق الإنسان وواجب على الدولة والأسرة وينبغي إقراره».
من جانبه، أقر عزيز قيشوح، عضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، بأن التعليم الأولي بالبلاد يعاني عدة اختلالات و«لا يستجيب إلى مواصفات التعليم الأولي الناجح»، وأضاف: «نحن غير راضين عن التعليم الأولي». ودعا إلى توسيع التعليم الأولي وتعميمه على جميع الأطفال.
وشدد المتحدث ذاته على ضرورة إقرار «إطار مرجعي موحد الأهداف للنموذج البيداغوغي (التربوي) لهذا النوع من التربية، مع تنويع المقاربات بجعلها تستحضر البيئة الثقافية، والإمكانات المتوافرة محليا»، معتبرا تمويل التعليم الأولي «مسؤولية الدولة، ويجب أن تخصص له نسبة مئوية كافية من الميزانية العامة، باعتبار هذا الطور استثمارا وقاعدة لكل إصلاح». وبخصوص لغة التدريس، التي يتوقع أن تثير جدلا بالبلاد، نص رأي المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي على «استثمار المكتسبات اللغوية والثقافية الأولية للطفل، وإدراج اللغتين العربية والفرنسية؛ مع التركيز على التواصل الشفهي، انسجاما مع طبيعة هذا الطور التربوي»، وهو ما أثار انتقادات بعض الحاضرين في اللقاء، الذين عدوا أن القرار ينطوي على «إقصاء واضح للغة الأمازيغية باعتبارها لغة رسمية للدولة إلى جانب العربية، ومحاباة للفرنسية والتمكين لها في هذه المرحلة الأولية»، مسجلين أن الأطفال في هذا السن «لا يحتاجون إلى الفرنسية لأنها لا علاقة لها بالموروث الشفهي أو الثقافي للبلاد».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».