جلسة للحكومة اللبنانية غداً... أولى بوادر طي صفحة الخلافات

أطراف «اللقاء الرئاسي» اتفقون على تفعيل المؤسسات

اجتماع رؤساء لبنان الثلاثة: ميشال عون وسعد الحريري ونبيه بري في قصر بعبدا أمس (رويترز)
اجتماع رؤساء لبنان الثلاثة: ميشال عون وسعد الحريري ونبيه بري في قصر بعبدا أمس (رويترز)
TT

جلسة للحكومة اللبنانية غداً... أولى بوادر طي صفحة الخلافات

اجتماع رؤساء لبنان الثلاثة: ميشال عون وسعد الحريري ونبيه بري في قصر بعبدا أمس (رويترز)
اجتماع رؤساء لبنان الثلاثة: ميشال عون وسعد الحريري ونبيه بري في قصر بعبدا أمس (رويترز)

اتفق رؤساء الجمهورية والحكومة ومجلس النواب؛ ميشال عون وسعد الحريري ونبيه بري، على طي صفحة التوتّرات التي طغت على لبنان في الأسبوع الماضي، ونجح الاجتماع الثلاثي الذي جمعهم بالقصر الرئاسي في رسم الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة بالتأكيد على انتظام عمل المؤسسات الدستورية وعلى أن يكون الدستور مرجعا أساسيا لأي خلافات، كما تم الاتفاق على مواجهة تهديدات إسرائيل وتعديها على الثروة النفطية والغازية اللبنانية. وأولى بوادر انفراج الأزمة جاءت عبر الدعوة إلى جلسة للحكومة غدا الخميس بعد غيابها الأسبوع الماضي نتيجة الخلاف بين بري ووزير الخارجية جبران باسيل على خلفية هجوم الأخير على رئيس مجلس النواب.
وأجمعت مصادر الأطراف الثلاثة كما المواقف على الأجواء الإيجابية التي اتسم بها «اللقاء الرئاسي»، وأكّد الجميع على أن اتفاقا حصل حول مرسوم «منح أقدمية لضباط عام 1994» الذي كان موضع خلاف بين عون وبري نتيجة تجاهل توقيع وزير المالية عليه. لكن ومع عدم اتضاح صورة تفاصيل الاتفاق، أكّدت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط»، أن الاجتماع الثلاثي رسم الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة على أن تظهر نتائج الحلّ في الأيام القليلة المقبلة، مع تأكيدها على أن المرسوم أصبح نافذا، مقلّلة من أهمية عدم نشره في الجريدة الرسمية، قائلة: «الأهم في الاتفاق هو حفظ حقوق الضباط وقبول كل الأطراف به، وهو ما يمكن القول إنه تحقّق اليوم».
في المقابل، أعادت مصادر «حركة أمل» التأكيد على أن الحلّ، كما جاء في البيان الختامي للاجتماع، هو بالعودة إلى الدستور. لكن وبما أن الخلاف الأساسي بين الطرفين كان في تفسير الدستور، مع اعتبار عون أن المرسوم يوقعه فقط رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وإصرار بري على أنه يحتاج إلى توقيع وزير المال، المحسوب في هذه الحكومة على «حركة أمل» عبر الوزير علي حسن خليل، فإن مصادر «أمل» تجيب لـ«الشرق الأوسط»: «أي خلاف بشأن الدستور السلطة الوحيدة المخولة الحسم به هو مجلس النواب، وعلى كل الأطراف الالتزام به». كما شدّدت على ضرورة النظر بإيجابية إلى كل ما حصل في اليومين الأخيرين وتم تتويجه في الاجتماع الثلاثي أمس، وتحديدا الوحدة الوطنية التي تجلّت في مواجهة التهديدات الإسرائيلية.
وفي هذا الإطار، أوضحت مصادر «التيار» أنه تم خلال اللقاء البحث في طروحات عدّة حول الادعاءات الإسرائيلية بامتلاك «بلوك 9»، وستطرح اليوم في اجتماع مجلس الدفاع الأعلى.
وعكست مواقف الرئيسين بري والحريري الأجواء الإيجابية التي سادت الاجتماع، وهو ما أتى في وقت لاحق في بيان صادر عن الرئاسة الأولى. وأجمع بري والحريري على وصف اللقاء بـ«المثمر»، وأوضح رئيس الحكومة قائلا: «الاجتماع كان مثمرا، والنتائج إيجابية، والجو إيجابي، وكان هناك شرح للمرحلة السابقة، ولمسنا الانفتاح بين الجميع، والتعاون بيننا قائم من أجل مصلحة المواطن»، مؤكدا أن «الأمور إلى حلول حقيقية في كل الملفات، والتركيز على عمل الحكومة والتشريع والمؤتمرات القادمة».
وجاء في البيان الختامي الذي صدر عن الاجتماع الثلاثي: «أجمع الرؤساء على معالجة ما حصل من خلال المؤسسات الدستورية وفقا للدستور والأنظمة والقوانين المرعية الإجراء، مؤكدين وجوب التزام وثيقة الوفاق الوطني التي ارتضاها اللبنانيون بهدف المحافظة على وحدتهم الوطنية وصيغة العيش الفريدة التي تميزهم، وعدم السماح لأي خلاف سياسي بأن يهدد السلم الأهلي والاستقرار الذي تنعم به البلاد، لا سيما أن لبنان مقبل على المشاركة في مؤتمرات دولية نظمت خصيصا من أجل مساعدته على تعزيز قواه العسكرية والأمنية، والنهوض باقتصاده، وتمكينه من مواجهة التداعيات السلبية التي نتجت عن تدفق النازحين السوريين إلى أراضيه على الصعد الأمنية والاقتصادية والصحية والتربوية والاجتماعية». كما اتفق المجتمعون على «ضرورة تفعيل عمل المؤسسات الدستورية كافة، ولا سيما منها مجلسي النواب والوزراء، وتوفير المناخات السياسية والأمنية المناسبة لإجراء الانتخابات النيابية في 6 مايو (أيار) المقبل في أجواء من الديمقراطية... وتدارسوا المعطيات المتوافرة حول إبعاد التهديدات الإسرائيلية، ورأوا فيها انتهاكا واضحا لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم (1701)، وتهديدا مباشرا للاستقرار الذي يسود المنطقة الحدودية منذ بدء تطبيق المرحلة الأولى من القرار الدولي في شهر آب (أغسطس) من العام 2006، وذلك نتيجة الجهود التي يبذلها الجيش اللبناني بالتعاون مع القوات الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل). واتفقوا على الاستمرار في التحرك على مختلف المستويات الإقليمية والدولية، لمنع إسرائيل من بناء الجدار الإسمنتي داخل الحدود اللبنانية، ومن احتمال تعديها على الثروة النفطية والغازية في المياه الإقليمية اللبنانية، وذلك من خلال سلسلة إجراءات سوف تعرض على المجلس الأعلى للدفاع في اجتماع استثنائي يعقد قبل ظهر غد (اليوم) في القصر الرئاسي».
وعند انتهاء الاجتماع، زار النائب وائل أبو فاعور الرئيس بري موفدا من رئيس الحزب الاشتراكي، وليد جنبلاط، وقال بعد ذلك: «طوينا مرحلة سوداء كنا بغنى عنها، وما حصل سابقا أصبح خلفنا، والأمور عادت إلى المؤسسات»، مضيفا: «أعتقد أننا اليوم أزلنا فترة معتمة من يومياتنا السياسية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.