الأمم المتحدة تحذِّر من كارثة إنسانية في غزة

طفلة فلسطينية بين متظاهرين في مخيم رفح يحتجون على تجميد واشنطن مساعداتها لـ«أونروا» (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية بين متظاهرين في مخيم رفح يحتجون على تجميد واشنطن مساعداتها لـ«أونروا» (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تحذِّر من كارثة إنسانية في غزة

طفلة فلسطينية بين متظاهرين في مخيم رفح يحتجون على تجميد واشنطن مساعداتها لـ«أونروا» (أ.ف.ب)
طفلة فلسطينية بين متظاهرين في مخيم رفح يحتجون على تجميد واشنطن مساعداتها لـ«أونروا» (أ.ف.ب)

حذّرت الأمم المتحدة، من أن الوقود الطارئ المخصص للمنشآت الحيوية في غزة سينفد خلال الأيام العشرة المقبلة، مشددة على الحاجة الملحة إلى دعم الدول المانحة، لتجنب كارثة إنسانية بسبب أزمة الطاقة.
وأوضح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في بيان، أن الأمم المتحدة تنسّق بدعم من الدول المانحة، لتوفير الوقود الطارئ لتشغيل المولدات الاحتياطية والمركبات، لضمان توفير أدنى مستوى من الخدمات الصحية والمياه والصرف الصحي المنقذة للحياة في ظل النقص الحاد في الكهرباء الذي يواجه قطاع غزة المحاصر.
وأشار المكتب إلى أنه في الوقت الحالي يحصل نحو مليوني مواطن فلسطيني في غزة، أكثر من نصفهم من الأطفال، على الكهرباء، لما لا يزيد على 8 ساعات في اليوم.
ونوّه المكتب بالحاجة إلى 6.5 مليون دولار أميركي خلال العام الجاري، لتوفير 7.7 مليون لتر من الوقود الطارئ، ويعد هذا الحد الأدنى اللازم لتجنب انهيار الخدمات؛ وهناك حاجة إلى 1.4 لتر من الوقود شهرياً، أو نحو 10 ملايين دولار سنوياً لتشغيل المنشآت الحيوية بالكامل. وتابع البيان «في الوقت الراهن، فإن خدمات الطوارئ والتشخيص، كالتصوير بالرنين المغناطيسي والأشعة المقطعية والأشعة السينية ووحدات العناية المركزة وغرف العمليات في 13 مستشفى حكومياً، إلى جانب 55 بركة مياه صرف صحي، و48 محطة تحلية وعملية جمع النفايات الصلبة، مهددة بالخطر».
وقال القائم بأعمال المنسق الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، روبرتو فالينت: «يعد الدعم الفوري من الدول المانحة أمراً ملحاً لضمان تمكن وصول فئات السكان الفلسطينيين الضعيفة والمهمشة في غزة إلى الخدمات المنقذة للحياة والمياه وخدمات الصرف الصحي». وأضاف فالينت: «بدأت المستشفيات بإغلاق أبوابها، وسيضطر المزيد من مزودي الخدمات إلى تعليق عملهم خلال الأسابيع المقبلة إذا لم يتوفر التمويل، وسيتدهور الوضع بشكل دراماتيكي ما سيؤثر على كل سكان القطاع، وهذا ما لا يمكننا السماح بحدوثه».
وجاء بيان الأمم المتحدة بعد يوم من إعلان وزارة الصحة في قطاع غزة عن توقف مولدات الكهرباء في 3 مستشفيات و14 مركزاً صحياً، تقدم الخدمات لآلاف المواطنين في أنحاء مختلفة من محافظات القطاع.
وحذَّر أشرف القدرة الناطق باسم الوزارة في غزة، من توقف مزيد من المراكز الصحية عن خدماتها في حال توقفت مولدات الكهرباء عن العمل فيها. مشيراً إلى أنه لا يوجد أي حلول في الأفق للأزمة القاسية التي تمر بها الوزارة جراء نفاد كميات الوقود، ما سيكون له تداعيات خطيرة على مستقبل العمل الصحي.
ويعاني قطاع غزة من تدهور غير مسبوق في الأوضاع الاقتصادية والحياتية. وحسب تقارير فلسطينية، فقد تخطت نسبة البطالة في غزة 50% وأغلقت 80% من المصانع أبوابها بشكل كلي أو جزئي.
وترافق ذلك مع تقليص أكبر لكمية الكهرباء، وإعلان توقف مستشفيات عن العمل، وتراجع في المخزون الدوائي، وانعدام وجود مياه شرب نظيفة، والإضراب عن استيراد بضائع من الخارج.
وامتنع تجار ورجال أعمال في القطاع عن إدخال البضائع عبر معبر كرم أبو سالم أمس، في إطار خطوات مماثلة اتُّخذت في الأسبوعين الأخيرين احتجاجاً على الظروف المعيشية الكارثية، بينما يمتنع المواطنون عن التسوق كالمعتاد.
والأسبوع الماضي، طلب رامي الحمد الله رئيس الوزراء الفلسطيني، في مؤتمر المانحين، بإزالة قيود الاحتلال عن غزة.
وحدد الحمد الله الحاجة إلى إمدادات الغاز الطبيعي اللازمة لتطوير قطاع الطاقة في غزة، ومحطة تحلية للمياه وبناء مدارس، ضمن خطة إعادة إعمار غزة.
وناشد الحمد الله، الدول المانحة ألا تسمح للاحتلال العسكري الإسرائيلي بتدمير ما تحقق على الأرض.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.