في الوقت الذي تتجه أنظار العراقيين صوب مدينة تكريت (180 كم شمال شرقي بغداد) التي تشهد قتالا بين القوات العراقية ومسلحي دولة العراق الإسلامية في الشام والعراق «داعش» فطبقا للمصادر العسكرية فإن قوات من النخبة توجهت إلى مدينة الموصل (400 كم شمال بغداد) مركز محافظة نينوى لغرض بدء عملية تحريرها من سيطرة داعش. وقال مصدر عسكري مسؤول في بيان صحافي له أمس بأن قوات من النخبة توجهت من بغداد إلى مدينة الموصل لتحريرها من سيطرة تنظيم «داعش». وأضاف أن «قوات من النخبة أرسلت إلى مدينة الموصل لتحريرها من سيطرة عصابات داعش الإرهابية، وستكون هذه القوات مدعومة بجهد جوي ولوجستي مركز».
وأشار إلى أن «بغداد تستعد لدخول الموصل بقوات نخبة مدربة على قتال الشوارع، حيث جرى إعدادها وتدريبها لفترة طويلة من قبل ضباط الجيش العراقي السابق ممن خدموا في لواءي القوات الخاصة 65 و66. وبالتنسيق مع جهاز مكافحة الإرهاب». وأوضح المصدر إلى أن «هذه القوات دربت لأغراض وأهداف أخرى، غير أن الحاجة والظرف في الوقت الحالي قد أجبرا القيادة العسكرية لتغيير مسارها باتجاه الموصل، وستكون مدعومة بجهد جوي ولوجستي مركز».
في سياق ذلك فإنه طبقا لمصدر مطلع أبلغ «الشرق الأوسط» شريطة عدم الإشارة إلى اسمه أن «كلا من القادة العسكريين الكبار في نينوى الذين كانت تنصب مهمتهم الإشراف على العمليات القتالية هناك وهم كل من الفريق عبود كنبر قائد القوات المشتركة وعلي غيدان قائد القوات البرية ومهدي الغراوي قائد الشرطة الاتحادية نقلوا من أربيل التي لجأوا إليها قبل ثلاثة أيام عند سقوط الموصل إلى بغداد بطائرة خاصة».
وأضاف المصدر أن «القيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الدفاع قررت تشكيل مجلس تحقيق عسكري لهم بشأن ملابسات ما حصل ومسؤولية كل طرف عن الهزيمة التي حلت بالجيش العراقي الذي يتكون من أربع فرق عسكرية هناك». ورجح المصدر أن «يكون القادة الثلاثة رهن الاحتجاز حاليا ريثما تتضح الصورة وفيما إذا كانوا المسؤولين المباشرين عن الذي وقع في الموصل أم تعرضوا إلى خدعة داخلية نتيجة مؤامرة خارجية كانوا ضحية لها». وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أعلن أول من أمس أن ما حصل في الموصل مؤامرة وخدعة معلنا أنه سيكشف خيوطها بعد استعادة زمام المبادرة من جديد. واستنادا لشاهد عيان من الموصل الأكاديمي عبد الله الحمداني فقد أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «أهالي الموصل فوجئوا بما حصل تماما حيث إنه لم يحصل أي قتال بين الطرفين بل دخل المسلحون بكل سهولة إلى المدينة وتوغلوا في معظم أحيائها».
وأشار إلى أن «اللافت للنظر أنه وفي اليوم التالي (أول من أمس) الأربعاء فإنه لم يكن هناك وجود لداعش الذين كنا نعرفهم من ملابسهم والرايات التي يحملونها بل ما بتنا نشاهده هم إما مواطنون حاملون رايات وشعارات حزب البعث أو جنود وضباط من منتسبي الجيش السابق الذي حله الحاكم المدني بريمر بملابسهم الزيتونية المعروفة حيث إنهم هم من بات يسيطر على الأحياء ويتولى تسيير الأمور داخل المدينة مع تقديم كل الضمانات للسكان بالبقاء في منازلهم ومساعدة النازحين ممن يرومون الخروج». وفي تكريت حيث ينتظر العراقيون حسم معركتها بفارغ الصبر يعد حسم المعركة لصالح داعش بمثابة فتح الباب أمام تقدمهم باتجاه العاصمة بغداد بينما يعد حسم المعركة لصالح الجيش العراقي بمثابة نهاية لتنظيم داعش في وقت لا يزال القتال يجري ببطء في الكثير من أحياء المدينة. من جهته كشف اللواء في الجيش السابق عبد الله السالم من أهالي تكريت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «عملية دخول مسلحي داعش إلى تكريت كانت معروفة قبل يومين تقريبا حيث إنهم كانوا يتقدمون صوب المدينة حتى بالجرافات والكرينات وليس فقط بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة» عادا أن «حركتهم باتجاه دخول تكريت تشبه تماما حركة جيش نظامي ينتقل بموجب السياقات العسكرية من مكان إلى آخر لأن المجيء بالجرافات والكرينات والسيارات الحوضية لا يمكن أن يحصل إلا لدى الجيوش النظامية التي تتحرك وفق أوامر عسكرية صارمة». وأوضح اللواء السالم أن «المفارقة أن الشرطة المحلية التي تتولى حماية المدينة كانت على علم قبل ساعات بدخول تكريت وكل الذي فعلته هو أنها أخلت مواقعها لهم بكل رحابة صدر عندما دخلوا المدينة». من جهته أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي والضابط السابق في الجيش العراقي حامد المطلك في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ما حصل أمر لم يكن متوقعا ربما من حيث التوقيت والسرعة ولكنه متوقع لجهة الفشل المتراكم الذي طالما حذرنا منه طوال السنوات الماضية». وأضاف المطلك أن «القائد العام للقوات المسلحة يملك كل السلطات بيده كل شيء ولم يسمح لأحد بالمشاركة في القرار بل بالعكس كان الآخرون من وجهة نظره متآمرين وينفذون أجندات خارجية» عادا أن «ما حصل في الموصل وتكريت هو نتيجة لهذا الفشل المتراكم الذي أصبح واضحا للجميع». وفي العاصمة بغداد فإنه رغم التطمينات الرسمية فإن هناك حذرا وترقبا في الشارع البغدادي مع عمليات نزوح بدأت تتصاعد إما نحو المحافظات الجنوبية أو إقليم كردستان.