واشنطن: أضرار طويلة المدى لإحراق «داعش» آبار النفط العراقية

اعتبرته أخطر من إشعال نظام صدام الحقول الكويتية

حقول انتشر فيها الكبريت المحروق في منطقة القيارة جنوب الموصل بسبب إحراق النفط (واشنطن بوست)
حقول انتشر فيها الكبريت المحروق في منطقة القيارة جنوب الموصل بسبب إحراق النفط (واشنطن بوست)
TT

واشنطن: أضرار طويلة المدى لإحراق «داعش» آبار النفط العراقية

حقول انتشر فيها الكبريت المحروق في منطقة القيارة جنوب الموصل بسبب إحراق النفط (واشنطن بوست)
حقول انتشر فيها الكبريت المحروق في منطقة القيارة جنوب الموصل بسبب إحراق النفط (واشنطن بوست)

حذر مسؤولون أميركيون من نتائج قريبة وبعيدة المدى لإشعال «داعش» النار في آبار النفط في العراق بعد هزيمتها هناك.
وكان هؤلاء درسوا الدمار والأضرار البيئية في الكويت من قبل قوات الرئيس العراقي السابق صدام حسين التي أشعلت النيران في حقول البترول هناك قبيل انسحابها عام 1991. وقالوا، لصحيفة «واشنطن بوست» أمس (الاثنين)، إن تأثير حرق آبار النفط على البيئة العراقية يمتد من المستقبل القريب إلى البعيد، وإنه «إرث سام يسبب وفيات كثيرة للماشية، وإفساداً لحقول لم تعد تنتج محاصيل صالحة للأكل، ومضاعفات تنفسية مزمنة للأطفال وكبار السن».
وقال مسؤول أميركي تابع مصير المنشآت النفطية خلال الثلاثة أعوام الأخيرة خلال الحرب مع «داعش»: «أثرت الأضرار على منطقة تعتبر سلة الخبز في كل من العراق وسوريا. تلوثت المنطقة بسبب ممارسات صناعية تخريبية متعمدة».
وأضاف: «شاهدنا خنادق مليئة بالنفط، وشاهدنا نفطاً انسكب في النهر، وشاهدنا رماداً من النفط المحروق وقد لوث الحقول. سيجعل كل ذلك صعباً على المسؤولين توفير الغذاء النظيف والمياه النظيفة».
ونقلت الصحيفة من قيارة، في شمال العراق، أنه، خلافاً لما حدث في الكويت، استقرت السموم في المناطق المأهولة بالسكان، وفي حقول المزارعين في منطقة يبلغ عدد سكانها 100 ألف شخص تقريباً.
في الوقت نفسه، قال تقرير أصدرته الأمم المتحدة عن الموضوع نفسه، إن تخريبات «داعش» تسببت، خلال عام واحد بداية من صيف عام 2016، في فقدان مليوني برميل نفط تقريباً هناك، بعضها حرق، وبعضها تسرب إلى باطن الأرض. وأشار التقرير إلى تصريحات خبراء في البيئة إلى أن بعض النفط اختلط بماء نهر دجلة الذي يعتبر عماد حياة ملايين العراقيين، والذي يمتد لأكثر من ألف ميل حتى بغداد، ثم بعدها حتى البصرة.
بالإضافة إلى هذا، حسب التقرير، أحرق الداعشيون مصنع كبريت شمال القيارة، ما أدى إلى تسرب 35 ألف طن من المواد الكبريتية في الهواء. وتعتبر المنطقة واحدة من أكبر مواقع مخزون الكبريت في العالم. وكان الداعشيون أحرقوا المصنع لعرقلة تقدم القوات العراقية نحو في بداية العام الماضي.
وتحدث التقرير عن حرائق في منطقة القيارة في مصانع ومنشآت أخرى. وقال إن الداعشيين نفذوا أنواعاً مختلفة من التخريب والتدهور البيئي في منطقة شاسعة تمتد شمالاً إلى جبال حمرين في العراق، وغرباً إلى المزارع والحقول النفطية القريبة من نهر الفرات، ومن مدينة دير الزور في سوريا.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.