قانون الطوارئ يوحد الشيعة مذهبيا وخصوم المالكي سياسيا

مخاطر {داعش} تفشل في مصالحة المالكي والنجيفي

رجل أمن عراقي يفتش متطوعين انضموا إلى الجيش لمقاتلة المسلحين في النجف أمس (أ.ف.ب)
رجل أمن عراقي يفتش متطوعين انضموا إلى الجيش لمقاتلة المسلحين في النجف أمس (أ.ف.ب)
TT

قانون الطوارئ يوحد الشيعة مذهبيا وخصوم المالكي سياسيا

رجل أمن عراقي يفتش متطوعين انضموا إلى الجيش لمقاتلة المسلحين في النجف أمس (أ.ف.ب)
رجل أمن عراقي يفتش متطوعين انضموا إلى الجيش لمقاتلة المسلحين في النجف أمس (أ.ف.ب)

في الوقت الذي اختتم فيه كبار القادة العراقيين اجتماعا مساء أول من أمس الأربعاء من أجل توحيد الصفوف في مواجهة زحف داعش عقب احتلالها مدينتي الموصل وتكريت إلا أن فشل البرلمان العراقي في إقرار قانون الطوارئ بعد ساعات من انتهاء الاجتماع يدل على عمق الأزمة بين كبار القياديين السياسيين في العراق على الرغم من الخطر الذي بات يتهدد البلاد. وكان القادة العراقيون الكبار، رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس البرلمان أسامة النجيفي ورئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري وزعيم المجلس الأعلى الإسلامي عمار الحكيم ونائب رئيس حزب الاتحاد الكردستاني برهم صالح ونائب رئيس الوزراء العراقي صالح المطلك تدارسوا في اجتماع خاص بمنزل الجعفري الوضع السياسي في البلاد. وقال بيان صدر عقب الاجتماع أمس إن {المُجتمِعين أكّدوا على ضرورة تحقيق المُشارَكة الوطنيّة في القرار، وتحمُّل المسؤوليّة من قبل الجميع، وأنهم توقّفوا عند مهمة الإغاثة والأمن، وتعزيزهما في المُدُن كافة بما فيها الموصل}. وشدد المجتمعون طبقا للبيان {على ضرورة مُحاسَبة المُقصِّرين في التداعيات الأخيرة، وأشادوا بالمواقف الوطنيّة، وروح التضحية التي تمتّع بها أبناء القوات المُسلّحة، وما قدَّموا من شهداء}.
وطبقا لمصدر مطلع على اجتماع كبار الزعماء في العراق أكد لـ{الشرق الأوسط} أن {مسافة الخلاف بين المالكي والنجيفي بقيت على ما هي عليه حيث لم يتبادلا الأحاديث الودية خلال الاجتماع ولا مصالحة على غرار ما حصل في مرات سابقة على الرغم من أنه لم تكن هناك مخاطر تهدد البلاد مثلا هي اليوم}. وأضاف المصدر أن {خلافات النجيفي والمالكي العميقة انعكست على جلسة البرلمان في اليوم التالي حيث كانت كتلة النجيفي أول المتغيبين عن حضور الجلسة الخاصة بإعلان الطوارئ}.
في سياق ذلك فشل البرلمان العراقي في عقد جلسة كاملة النصاب من أجل إقرار قانون الطوارئ الذي تقدم به رئيس الوزراء نوري المالكي لكي يمنح المزيد من الصلاحيات لمواجهة الوضع الأمني والسياسي المتردي في البلاد. وبينما أعلن التحالف الوطني (الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان العراقي) موافقته على إعلان حالة الطوارئ في البلاد فإن كلا من كتلتي التحالف الكردستاني ومتحدون أعلنتا رفضهما الموافقة على حالة الطوارئ، خشية من استغلال المالكي الموقف وفرض بقائه في السلطة. وأكد عضو البرلمان العراقي عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري في تصريح لـ{الشرق الأوسط} أن {إعلان حالة الطوارئ لا ينبغي أن يفهم على أنه موافقة نهائية للمالكي وهو ما أثار مخاوف الآخرين من منطلق أن هذا الأمر يمكن استغلاله للبقاء في السلطة تحت هذه الذريعة بل هناك شروط لذلك منها أنه مرهون بمدة وهي شهر قابلة للتمديد حسب الظروف كما أننا نعمل على تقليص المدة لكي نعرف ما الذي يمكن أن يفعله المالكي على صعيد تحرير الموصل وتكريت}. وأضاف أن {البلاد تتعرض إلى مخاطر تسمو على الخلافات السياسية بين الفرقاء}.
من جهتها أعلنت كتلة التحالف الكردستاني رفضها إعلان حالة الطوارئ في البلاد. وقال عضو البرلمان العراقي عن الكتلة شوان محمد طه في تصريح لـ{الشرق الأوسط} إن {التحالف الكردستاني لن يوافق على إعلان حالة الطوارئ لسببين الأول أن العراق وفي ظل هيمنة السيد المالكي كقائد عام للقوات المسلحة على كل شيء يبدو كما لو كان في حالة طوارئ والثاني أن ما لدى المالكي من صلاحيات وسلطات واسعة لا يحتاج معها إلى صلاحيات وسلطات إضافية بل نستطيع القول إن التفرد بالقرار وعدم مشاركة الآخرين هو السبب المباشر في التدهور الذي وصلنا إليه}.
من جهتها أعلنت كتلة دولة القانون التي يتزعمها المالكي أن الأخير سوف يلجأ إلى المحكمة الاتحادية لمنحه صلاحيات إضافية. وقال رئيس الكتلة في البرلمان العراقي خالد العطية في مؤتمر صحافي عقده أمس في مبنى البرلمان إن {ائتلاف دولة القانون سيلجأ إلى المحكمة الاتحادية لمنح صلاحيات أكثر إلى الحكومة}. من جهتها دعت كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم إلى إعادة هيكلة القوات الأمنية لاستعادة السيطرة على الموصل وتكريت والفلوجة. وقال رئيس الكتلة باقر جبر في مؤتمر صحافي عقده في بغداد أمس الخميس إن {على الحكومة إعادة هيكلة القوات الأمنية ووضع الخطط اللازمة لاستعادة الموصل وتكريت والفلوجة والحفاظ على سلامة البلاد}، مبينا أن {هناك قيادات فاشلة وفاسدة في الأجهزة الأمنية لا تستطيع التصرف وإدارة القوات العسكرية}. وحمل جبر تلك القيادات {مسؤولية ما حصل ويحصل}، مشيرا إلى أن {هناك إرادة أجلت الجلسة الطارئة التي شهدت حضور 128 نائبا أغلبهم من التحالف الوطني، وبالتالي لم يجر إقرار قانون الطوارئ}. وأكد جبر {إننا مع قانون الطوارئ ويجب إقراره}.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.