تركيا تقيم نقطة جديدة في إدلب بعد «تجاوز الخلافات»

عملية «غصن الزيتون» بعفرين تدخل يومها السابع عشر

TT

تركيا تقيم نقطة جديدة في إدلب بعد «تجاوز الخلافات»

تواصلت عملية «غصن الزيتون» العسكرية في عفرين لليوم السادس عشر على التوالي، وبدأ الجيش التركي إنشاء نقطة مراقبة جديدة داخل إدلب في إطار اتفاق منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب، الذي تم التوصل إليه في مباحثات آستانة برعاية كل من روسيا وتركيا وإيران كدول ضامنة.
وواصلت المدفعية التركية أمس قصفها لمواقع وحدات حماية الشعب الكردية في عفرين، وشوهدت ألسنة الدخان تتصاعد من المواقع المستهدفة كما سمع دوي الانفجارات العنيفة في القرى الحدودية في ولاية كليس جنوب تركيا. وسيطرت القوات التركية والجيش السوري الحر على قرية «سوركه» التابعة لناحية راجو غربي عفرين بعد اشتباكات مع مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية.
وأفادت مصادر عسكرية بأن السيطرة على القرية جاء ضمن عملية تستهدف السيطرة على ناحية راجو، حيث تمكنت القوات التركية و«الجيش الحر» من السيطرة على عدد من القرى والتلال المحيطة بها خلال الأيام القليلة الماضية.
وبالسيطرة على قرية «سوركه» يرتفع عدد النقاط التي تمت السيطرة عليها منذ بدء العملية العسكرية في عفرين في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي إلى 35 نقطة تشمل قرى وبلدات وتلالاً استراتيجية.
في السياق ذاته، أعلنت رئاسة الأركان التركية، ارتفاع عدد عناصر الوحدات الكردية وتنظيم داعش الإرهابي الذين تم تحييدهم في إطار عملية «غصن الزيتون» إلى 947 مسلحا. وبحسب بيان الأركان، حيّدت القوات التركية في الساعات الـ24 الأخيرة، 12 من عناصر الوحدات الكردية و«داعش» وتنظيمات يسارية متطرفة. في المقابل، قتل جنديان تركيان وأصيب 5 آخرون بجروح، ضمن عملية «غصن الزيتون» الليلة قبل الماضية، وبذلك ارتفع عدد القتلى في صفوف الجيش التركي إلى 12 جنديا.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الداخلية التركية، أمس، اعتقال 449 شخصاً بدعوى نشر دعاية إرهابية على وسائل التواصل الاجتماعي، منذ انطلاق العملية العسكرية في عفرين. وأشارت الوزارة، في بيان، إلى القبض على 124 شخصاً أثناء مشاركتهم في مظاهرات احتجاجية منددة بعملية غصن الزيتون.
كانت الوزارة أعلنت الأسبوع الماضي، اعتقال 311 شخصاً بحجة «نشر دعاية إرهابية عن عملية عفرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي».
على صعيد آخر، بدأت القوات التركية إقامة نقطة مراقبة جديدة في منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب، ووصل رتل عسكري تركي إلى ريف حلب الغربي من أجل تشكيل نقطة مراقبة رابعة في منطقة خفض التصعيد التي تشمل أيضا محافظة إدلب، وريف حماة الشمالي، بموجب اتفاقية آستانة.
وذكرت رئاسة هيئة الأركان العامة للجيش التركي أنه تم البدء في إنشاء نقطة رابعة للمراقبة في منطقة خفض التوتر بمحافظة إدلب شمالي سوريا. وأوضحت في بيان أن إنشاء مركز المراقبة الرابع يجري في منطقة الشيخ عيسى في إدلب، بموجب اتفاق منطقة خفض التصعيد.
وتوجد حاليا ثلاث نقاط مراقبة للجيش التركي، على محور إدلب - عفرين في الجانب السوري، قرب قرية سلوى وقلعة سمعان، وتلة الشيخ عقيل.
وبموجب اتفاقية آستانة، من المنتظر أن يشكل الجيش التركي 12 نقطة مراقبة تدريجيا تمتد من شمالي إدلب إلى جنوبها.
ومن المنتظر أن تنتشر قوات روسية منضوية في «قوة مراقبة منطقة خفض التصعيد»، على الحدود الخارجية لمنطقة خفض التصعيد في إدلب، على خط الجبهة بين قوات النظام والمعارضة، عقب استكمال الجيش التركي تشكيل نقاط المراقبة.
وتشكل محافظة إدلب مع ريف حماة الشمالي وريف حلب الغربي إحدى مناطق خفض التصعيد التي تم الاتفاق عليها في محادثات آستانة، العام الماضي، بضمانة كل من تركيا وروسيا وإيران.
وأشار المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين في إسطنبول أول من أمس، إلى أنه تم تجاوز بعض الخلافات وسوء الاتصال في مرحلة بشأن منطقة خفض التصعيد في إدلب. وقال: «لكن أعتقد أننا تجاوزنا ذلك الآن، وسنبذل قصارى جهدنا لإتمام تشكيل نقاط المراقبة في أقرب وقت ممكن، حتى نتمكن من تأمين منطقة إدلب، بالطريقة التي ناقشناها وقررناها في لقاء آستانة الأخير».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».