بعد 15 دقيقة من مشاركته للمرة الأولى مع الفريق الأول لمانشستر يونايتد، جرى جوش هاروب بسرعة لاستغلال كرة أطلقها بول بوغبا، وبالفعل نجح في اجتياز مارتن كيلي، مدفع «كريستال بالاس»، قبل أن يسددها بقدمه اليمنى لتسكن شباك الحارس واين هينيسي الذي بدا بلا حول ولا قوة. بالنسبة لهاروب، فإن باقي الأحداث لا تعدو كونها تاريخاً، فقد رحل اللاعب عن أولد ترافورد بعد ذلك بـ33 يوماً، رافضاً تجديد تعاقده لثلاث سنوات أخرى، مفضلا الانتقال إلى «بريستون نورث إند».
كان اللاعب قد أكمل الـ22 من عمره في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وإذا وصفنا هذا القرار الذي أقدم عليه بالكبير، فإن هذا الوصف لا يوفي القرار حقه. لقد ظل اللاعب مسجلاً في صفوف مانشستر يونايتد منذ أن كان صبياً في السابعة من عمره، وقرر الرحيل بعدما أبهر الجميع بأدائه في أول مباراة له مع الفريق الكبير وسجل هدفاً يبدو وكأنه كان يستعد له طيلة 14 عاماً.
واعترف هاروب بأن حالة النشوة التي أحاطته ذلك المساء الذي لا ينسى من أحد أيام مايو (أيار) والثناء الذي انهال عليه بعد تلك المباراة، زادا من صعوبة القرار الذي اتخذه. وأشار لتعرضه لتشنجات في ساقيه بعدما جرى نقله خارج الملعب إلى اليسار من مدرج سير أليكس فيرغسون. وقال: «كان قراراً بالغ الأهمية وكان الهدف الذي سجلته في مرمى (كريستال بالاس) أمراً عظيماً بالنسبة لي ولأسرتي، خاصة وأنها كانت المشاركة الأولى لي مع الفريق الأول، ولم يكن من السهل علي اتخاذ قرار الرحيل عن النادي بعد ذلك. لقد كان هذا هو الفريق الذي قضيت معه عمري بأكمله. لذا، لم تكن الأيام القليلة التي أعقبت هذا القرار بالسهلة بالنسبة لي».
ومن بين الأحداث التي سبقت هذا الإنجاز مباشرة، نجاح هاروب في إحراز ثلاثية من الأهداف باعتباره عضواً في الفريق الاحتياطي على أرض الملعب ذاته، قبل ذلك بخمسة أيام في مرمى «توتنهام هوتسبر» أمام جوزيه مورينيو ومساعديه، سيلفينو لورو وروي فاريا. وقال هاروب: «سألني مورينيو إذا كنت مستعداً للانضمام إلى الفريق الأول. لقد كان شخصاً لطيفاً وكان من السهل أن أذهب للحديث إليه إذا رغبت في ذلك، لكنني لطالما فضلت التركيز على لعب الكرة».
وناقش هاروب مستقبله واحتمالات انضمامه إلى الفريق الأول في نقاشات مع نيكي بات، مدير أكاديمية مانشستر يونايتد والذي يوعز إليه هاروب الفضل وراء رفع مستوى مهاراته ولياقته البدنية، وجون ألكسندر، الأمين السابق للنادي، بجانب عدد من أقرانه بالفريق وأصدقائه بينهم حارس المرمى الاحتياطي كيران أوهارا. واتفقت الآراء على أن مجمل الفرص المحتملة أمام هاروب ضئيلة.
الأهم من ذلك، أن هاروب حرص على الحديث باستمرار إلى والديه، آندي ونيكولا. وقال: «أثق في حكمة نصائحهما إلي. لقد قطعا مسافات ضخمة وبذلا مجهودا كبيرا كي أتمكن من الوصول إلى ما وصلت إليه، ومن الواضح أنه من دون وقتهما ومجهودهما لم أكن لأصل لهذه النقطة. من جانبه، رأى والدي أن هذا القرار الصائب بالنسبة لي، وأنني بحاجة إلى الخروج من النادي وإثبات نفسي والتألق في مكان يمكن أن يلفت الأنظار باتجاهي».
وأشار هاروب إلى الصعود السريع لتامي أبراهام الذي انتقل على سبيل الإعارة إلى «بريستول سيتي» الموسم الماضي، وجون سويفت، زميله السابق في المنتخب الإنجليزي لأقل عن 20 عاماً، والذي تألق في صفوف «ريدينغ» منذ قراراه الرحيل عن «تشيلسي» عام 2016. وهذا الموسم، يحقق توم لورانس، الذي لعب بجواره بانتظام في فريق الاحتياطي في مانشستر يونايتد، نجاحاً هادئاً في «ديربي كاونتي».
وقال هاروب: «هناك القليل من اللاعبين الذين اختاروا الانضمام لأندية بدوري الدرجة الثانية، ويبلون بالفعل بلاءً حسناً هناك»، مضيفاً أن دوري الدرجة الثانية يشكل عالم «مختلف تماماً» عن عالم كرة القدم لمن هم تحت 23 عاماً. كما يحقق زميل سابق آخر له، نيك باول، الذي كان آخر لاعب ضمه فيرغسون إلى النادي قبل رحيله عنه عام 2012، نجاحاً لافتاً في «ويغان»، بطل الدرجة الأولى.
جدير بالذكر أن بعض أصدقاء وزملاء هاروب السابقين، تحديداً سكوت مكتوميني وأكسيل تونزيبي، حصلوا على فرصة المشاركة من قبل مورينيو هذا الموسم، وإن كان ذلك كان في الغالب خلال مباريات بطولة الكأس. ورحل تونزيبي إلى دوري الدرجة الثانية الأسبوع الماضي بعد انضمامه إلى «آستون فيلا» على سبيل الإعارة حتى مايو. وعن هذا، قال هاروب: «هذا أمر رائع بالنسبة للاعبين. وربما كان هذا ليمثل سبيلاً جيداً أمامي - بصراحة لا أدري. إنه أمر رائع بالنسبة لهم وهم يبلون بلاءً حسناً، لكن قراري بالرحيل نبع عن رغبتي في نيل مزيد من الخبرة. وأشعر أن هذا كان القرار الصائب بالتأكيد».
أما عن الرسالة التي يوجهها إلى زملائه الذين قد يشعرون بالتردد إزاء اتخاذ خطوة مشابهة، قال هاروب: «أشعر أن بعض اللاعبين يجدون صعوبة في الانتقال من نادٍ ظلوا به لسنوات، وهو أمر يمكن تفهمه. والبعض يجد صعوبة لحداثة سنه في الإقدام على مثل هذه الخطوة. وأعتقد أنه يجب أن يتحلى المرء بذهن قوي وثقة بالنفس كي يقدم على ذلك. إذا كنت تثق في قدراتك، لن يكون من المهم بالنسبة لك اسم النادي الذي تلعب لحسابه».
من ناحية أخرى، فإن الرحيل عن النادي الذي قضى به صباه ترتب عليه انتقاله بعيداً عن منزل أسرته الواقع على مسافة قصيرة بالسيارة من المجمع التدريبي التابع لمانشستر يونايتد في كارينغتون. بعد أن كان يسافر بداية الأمر قادماً من مانشستر، يعيش هاروب حالياً في شقة في ورسلي، بينما يتشارك في وسيلة النقل إلى التدريب مع لاعب خط الوسط بين بيرسون، خريج سابق آخر من أكاديمية مانشستر يونايتد. أما عن أكثر ما يشتاق إليه الآن: «الطعام الذي تطهوه أمي - إنها تطهو الدجاج على نحو جيد للغاية، لكنني الآن، بدأت أعتاد العيش بعيداً، رغم أنني شعرت بصدمة كبيرة بادئ الأمر». جدير بالذكر أن هاروب واحداً من ثلاثة لاعبين سابقين من مانشستر يونايتد في الفريق الذي كان يقوده المدرب أليكس نيل، والاثنين الآخرين هما بيرسون ومارنيك فيرميجيل، نجحوا في ترسيخ سمعتهم بسرعة كخبراء في الركلات الحرة.
من ناحية أخرى، فإن الفوز بنتيجة 3 - 0 أمام «نوتنغهام فورست»، الأسبوع الماضي، دفع «بريستون» على بعد مسافة قصيرة للغاية من الأندية الستة الأولى. إذن، ما الذي يمكن للفريق تحقيقه تحت قيادة نيل؟ أكد هاروب: «نتطلع نحو الدخول إلى التصفيات وليس هناك ما يحول دون صعودنا للممتاز. لدينا رغبة حقيقية في تحسين أدائنا ونشعر أن ثمة فرصة أمامنا لتحقيق ذلك. وفي عالم كرة القدم، كل شيء يبقى ممكناً».
لماذا راهن جوش هاروب على «بريستون» بدلاً عن «أولد ترافورد»؟
استمر في صفوف ناشئي وشباب مانشستر يونايتد طيلة 14 عاماً ثم قرر الرحيل بعد أول مشاركة مع الفريق الأول
لماذا راهن جوش هاروب على «بريستون» بدلاً عن «أولد ترافورد»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة