«حميميم» يعمل مع تركيا لإعادة جثمان قائد طائرة روسية

المعارضة أسقطتها في إدلب والطيار قُتل خلال اشتباكه مع الفصائل

سكان قرية معصران تجمعوا قرب الطائرة الروسية التي أسقطتها المعارضة أمس أثناء تحليقها فوق سراقب بمحافظة إدلب (إ.ب.أ)
سكان قرية معصران تجمعوا قرب الطائرة الروسية التي أسقطتها المعارضة أمس أثناء تحليقها فوق سراقب بمحافظة إدلب (إ.ب.أ)
TT

«حميميم» يعمل مع تركيا لإعادة جثمان قائد طائرة روسية

سكان قرية معصران تجمعوا قرب الطائرة الروسية التي أسقطتها المعارضة أمس أثناء تحليقها فوق سراقب بمحافظة إدلب (إ.ب.أ)
سكان قرية معصران تجمعوا قرب الطائرة الروسية التي أسقطتها المعارضة أمس أثناء تحليقها فوق سراقب بمحافظة إدلب (إ.ب.أ)

لم يتبدّل المشهد الميداني في محافظة إدلب التي بقيت مسرحاً للعمليات العسكرية المستمرّة من قِبل النظام السوري وحلفائه بغطاء جوي كثيف، سمح لقوات النظام بتحقيق تقدّم إضافي باتجاه مدينة سراقب، فيما تمكنت فصائل المعارضة المسلّحة من إسقاط طائرة حربية روسية ومقتل قائدها، وهو ما أكدته وزارة الدفاع الروسية، كما أعلنت فصائل الجيش الحرّ عن تشكيل غرفة عمليات عسكرية باسم «غرفة دحر الغزاة»، بهدف التصدي لحملات قوات النظام والميليشيات الإيرانية في ريفي إدلب وحماة.
ونجحت فصائل المعارضة أمس، في إسقاط طائرة حربية روسية في أثناء تحليقها فوق مدينة سراقب، وتنفيذها غارات على المنطقة. وأعلنت وزارة الدفاع الروسية «إسقاط إحدى طائراتها المقاتلة (طراز سو - 25) من قبل مسلحين في محافظة إدلب بسوريا ومقتل قائدها». وأفادت الوزارة في بيان بـ«أن المعلومات الأولية تشير إلى أن مسلحين أسقطوا الطائرة بصاروخ محمول على الكتف في أثناء تحليقها فوق منطقة تخفيف التصعيد في إدلب». وأشارت إلى أن «قائد المقاتلة الروسية لقي حتفه خلال اشتباك مع الإرهابيين في محافظة إدلب»، موضحة أن مركز المصالحة الروسي في حميميم يعمل مع تركيا لإعادة جثمان قائد الطائرة.
بدوره أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الفصائل «تمكنت من إسقاط طائرة حربية روسية من نوع «سوخوي 25». في المنطقة الواقعة بين معرة النعمان وبلدة سراقب بريف إدلب، عندما كانت الطائرة تحلق في سماء المنطقة وتشارك في القصف الجوي المكثف على سراقب وريفها ومحيطها، مشيراً إلى أن «طائرات روسية شوهدت تحلّق في سماء المنطقة عقب إسقاط الطائرة، بحثاً عن الطيار الذي وصل عبر مظلته إلى الأرض قبل أن يفارق الحياة»، حسب ما أكد مدير المرصد رامي عبد الرحمن. وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن «الطيار قُتل خلال اشتباكه مع الفصائل المعارضة التي حاصرته وأسرته»، وذلك بعدما كانت الفصائل قد أعلنت أنها تمكنت من أسره.
ميدانياً، استهدف الطيران الحربي ريف إدلب بأكثر من 50 غارة جوية، وتركز القصف على مدينة سراقب ومحيطها، ما أدى إلى مقتل 5 مدنيين وإصابة العشرات بجروح مختلفة. وقال المرصد إن مدينة سراقب «تعرّضت منذ ساعات الصباح الباكر (أمس)، لقصف جوي وصاروخي عنيف ومركّز من الطيران الحربي الروسي وطيران النظام، وراجمات الصواريخ الروسية التي أُطلقت من ريف حلب الجنوبي وطالت عمق المدينة، مخلّفةً المزيد من الشهداء والجرحى».
وأفاد ناشطون بأن «عشرات الغارات الجوية التي نفذها الطيران الحربي الروسي استهدفت سراقب، بالإضافة إلى الصواريخ والرشاشات الثقيلة، التي تطال منازل المدنيين، وخلّفت مجزرة بحقٍّ راح ضحيتها 7 مدنيين وعشرات الإصابات». وأكدوا أن «القصف الجوي والصاروخي تسبب في فرار آلاف المدنيين من المدينة إلى مناطق أكثر أمناً».
وأظهرت لقطات فيديو نُشرت على مواقع للتواصل الاجتماعي على الإنترنت أمس (السبت)، ما يُعتقد أنها طائرات حربية تقصف محافظة إدلب بشمال غربي سوريا، أكبر جيب باقٍ تحت سيطرة المعارضة المسلحة.
من جهتها، أعلنت فصائل الجيش السوري الحر، وحركة «أحرار الشام»، عن تشكيل غرفة عمليات عسكرية باسم «دحر الغزاة»، لتوحيد الجهود العسكرية والتصدي لحملات النظام والميليشيات الإيرانية المستمرة بريفي إدلب وحماة وحلب. وقالت الفصائل في بيان إن «غرفة عمليات (دحر الغزاة)، تهدف إلى خوض معارك دفاعية وهجومية مشتركة، وتوسيع نطاق عمل الفصائل في ردع قوات النظام والميليشيات الإيرانية والاحتلال الروسي عن المناطق المحررة، ويشمل كل المحاور التي يحاول العدو التقدم منها، من ريف حماة الشمالي إلى ريف إدلب الشرقي وصولاً إلى ريف حلب الجنوبي».
وتضم غرفة العمليات كلاً من حركة «أحرار الشام»، و«جيش إدلب الحر»، و«حركة نور الدين الزنكي»، و«لواء الأربعين»، و«فيلق الشام»، و«جيش العزة»، و«جيش النخبة»، و«الفرقة الأولى مشاة»، و«جيش الأحرار»، و«جيش النصر»، و«الجيش الثاني».
إلى ذلك، دعا ناشطو محافظة إدلب، هيئة «تحرير الشام» لوقف أي عمليات اعتقال أو ملاحقة لنشطاء في مدينة بنش. وذلك على خلفية مظاهرة شعبية نظموها في المدينة، طالبوا فيها الفصائل بـ«تعزيز الجبهات ووقف تمدد قوات النظام، ورفعت فيها عَلم الثورة السورية على أحد مداخل المدينة». وتخوف الناشطون من الحشود التي استقدمتها «تحرير الشام» إلى المدينة، وسط معلومات عن نيتها لشن حملة اعتقالات تطال الناشطين.
وقال الناشطون في بيانهم: «في الوقت الذي تتصاعد فيه الصيحات الشعبية لجميع الفصائل لتعزيز الجبهات ووقف تمدد قوات النظام، فوجئنا بعد مظاهرة شعبية ضد الفصائلية في مدينة بنش، بمحاصرة المدينة ليلاً من قبل هيئة تحرير الشام». وطالبوا الهيئة بـ«وقف أي عمليات اعتقال في مدينة بنش، واحترام حق التظاهر والتعبير عن الرأي، وتوجيه السلاح لرفد الجبهات ومساندة المدنيين والتخفيف من معاناتهم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».