الحوثي يدشن لأتباعه «مقابر جديدة» ويخصص ميزانية ضخمة لتمجيد قتلاه

صورة متداولة بمواقع التواصل الاجتماعي لمقبرة حوثية جديدة في محافظة ذمار
صورة متداولة بمواقع التواصل الاجتماعي لمقبرة حوثية جديدة في محافظة ذمار
TT

الحوثي يدشن لأتباعه «مقابر جديدة» ويخصص ميزانية ضخمة لتمجيد قتلاه

صورة متداولة بمواقع التواصل الاجتماعي لمقبرة حوثية جديدة في محافظة ذمار
صورة متداولة بمواقع التواصل الاجتماعي لمقبرة حوثية جديدة في محافظة ذمار

يتضور ملايين اليمنيين جوعاً في المناطق التي تسيطر عليها ميليشيا جماعة الحوثيين الانقلابية بسبب عدم دفع رواتبهم منذ 16 شهراً، في الوقت الذي خصصت فيه الجماعة الموالية لإيران ميزانية ضخمة للإنفاق على إنشاء مقابر جديدة لقتلاها بالتزامن مع احتفالاتها السنوية بما تسميه«أسبوع الشهيد».
وأفادت مصادر مناهضة للجماعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن الميليشيا الحوثية خصصت هذه السنة أكثر من 50 مليار ريال يمني (الدولار= 450 ريالاً) للإنفاق على تجهيز عشرات المقابر الجديدة لقتلاها في عدد من مناطق صنعاء وذمار وريمة وحجة وصعدة وتعز وإب وللإنفاق على احتفالات الجماعة السنوية بما تسميه «أسبوع الشهيد».
واستنفرت الجماعة من يومين قياداتها المحلية في المحافظات وأعضاء حكومتها الانقلابية غير المعترف بها لتدشين المقابر الجديدة في ظل حفاوة إعلامية من قبل وسائل إعلام الجماعة، قابلتها سخرية واسعة في أوساط الناشطين اليمنيين.
رئيس مجلس انقلاب الميليشيات دشن في حي «الجراف» شمال صنعاء واحدة من المقابر الضخمة، التي تطل على شارع المطار الرئيسي، وهو الحي الذي يشكل معقلاً تقليدياً لقيادات الجماعة وأنصارها، كما دشن مسؤولو الجماعة مقابر أخرى في مدينة حجة ومديرياتها فضلاً عن محافظات ذمار وريمة وإب.
وعلقت الميليشيات صوراً ضخمة للقتلى من قياداتها في مختلف الأماكن المخصصة للدعاية الإعلانية بشوارع صنعاء والأماكن العامة وفي الشوارع الرئيسية لمراكز المحافظات في سياق احتفالاتها السنوية بما تسميه «أسبوع الشهيد».
وبدأت الجماعة في إقامة الندوات ومعارض الصور والفعاليات المختلفة، في مختلف المناطق التي تسيطر عليها، وأمرت المؤسسات الحكومية والمدارس بإقامة فعاليات للمناسبة لتخليد القتلى والحض على السير على نهجهم وتحبيب المواطنين في الالتحاق بجبهات القتال لنيل ما تصفه الجماعة بـ«شرف الشهادة»، وهي مساعٍ قضت بحسب سكان على رغبة الناس في الحياة وحشرهم في دعاية الموت.
ودأبت الجماعة الانقلابية على محاكاة «حزب الله» اللبناني في إقامة ما تسميه «أسبوع الشهيد» بشكل سنوي، واختارت له ذكرى الأسبوع الذي قُتِل فيه الذراع اليمنى لمؤسس الجماعة حسين الحوثي سنة 2004، ويدعى زيد علي مصلح وكان يشغل مديراً لمدرسة «الهادي» الطائفية التي أسسها الحوثي في مسقط رأسه في منطقة مران غربَ محافظة صعدة.
ويصادف أسبوع الجماعة للاحتفال بتدشين المقابر واستذكار القتلى من كل عام هجري مابين يومي 13 و19 من شهر جمادي الأولى.
ويجبر قادة الجماعة رجال المال والأعمال وأصحاب المحلات على دفع مبالغ ضخمة لتمويل الاحتفالات وإنشاء المقابر التي تطلق عليها الميليشيا «رياض الشهداء»، وتعمل على إنشائها بشكل جمالي.
ويرجح ناشطون يمنيون أن ارتفاع عدد المقابر التي استحدثتها الجماعة يعود إلى الأعداد الضخمة من القتلى في صفوفها، الذين سقطوا خلال أشهر السنة الماضية في المعارك مع قوات الجيش الوطني، وبفعل ضربات طيران التحالف العربي في مختلف الجبهات.
وتتكتم الميليشيات على الإحصاءات الحقيقية لخسائرها البشرية، إلا أن مصادر محلية غير رسمية في صنعاء تقدِّر أن الجماعة خسرت السنة الماضية، نحو 50 ألف قتيل وجريح من أتباعها المقاتلين في مختلف الجبهات.
وأمرت قبل أسبوع حكومة الميليشيا في اجتماع لها بتشكيل لجنة خاصة تضم عدداً من الوزراء الانقلابيين للإشراف على سير الاحتفال بالمقابر الجديدة والفعاليات الأخرى المصاحبة بما فيها الإنفاق على حملة الدعاية الضخمة التي تمجِّد ثقافة الموت والقتل وتحتفي بالصرعى الجدد من قادة الجماعة.
ودأب الناشطون اليمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي على السخرية من إنجازات الجماعة المتمثلة في إنشاء «المقابر»، ويقول بعضهم: «لو أن الجماعة تدفع الأموال التي تنفقها على صور القتلى الدعائية رواتب للموظفين لفعلت خيراً، أو على الأقل تقوم بدفع المبلغ المالي الذي تنفقه على اللوحة الدعائية الضخمة لأسرة القتيل التي باتت تعاني الفاقة والحرمان لمقتل عائلها».
ويعتقد الناشطون أن تغريدة القيادي البارز في الجماعة ورئيس ما يُعرَف بـ«اللجنة الثورية العليا» محمد علي الحوثي التي دعا فيها أول من أمس إلى العودة إلى الحوار للتوصل إلى حل سياسي ومصالحة يمنية وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، تعبر ضمن مدلولاتها عن «يأس الجماعة وبدء العد التنازلي لهزيمتها الميدانية أمام تقدم قوات الجيش وضربات التحالف».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.