ارتياح لبناني بعد انفراج أزمة بري ـ باسيل

عون: العبر أخذت من الأحداث الأخيرة

TT

ارتياح لبناني بعد انفراج أزمة بري ـ باسيل

انعكس الانفراج في الأزمة التي نشبت في لبنان بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل، نتيجة اتصال رئيس الجمهورية ميشال عون ببري مساء أول من أمس، أجواء إيجابية في الساحة اللبنانية، وأثنت مختلف الأطراف على مواقف الطرفين والجهود التي بذلت لاحتوائها.
وأكد الرئيس عون أمس «أن الأوضاع عادت إلى طبيعتها بعدما تم أخذ العبر من الأحداث الأخيرة، وأن مسيرة بناء الوطن ستستكمل بصلابة، وأن المؤسسات هي مركز حل المشاكل»، بينما رأى بري أنه «مهما حصل من مشاكل يبقى أن نحافظ دائماً على الأمن والاستقرار في البلد لمواجهة التحديات الكبيرة، والجميع يعرف ماذا يجري اليوم في المنطقة».
وزار أمس النائب وائل أبو فاعور الرئيس بري موفداً من رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، آملاً أن «نكون قد تجاوزنا ثلاثة أرباع الإشكالية السياسية التي وقعنا بها في الأيام الماضي»، مشيراً إلى أن هناك بعض الأمور السياسية والدستورية العالقة يمكن أن تذلل وتحل تباعاً. وأضاف: «يمكن القول: إنه في الحد الأدنى قد تم نزع الفتيل من الشارع، وعادت الأمور إلى ما يشبه نصابها في العلاقات بين الرئاسات، وهذا أمر إيجابي جداً»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «القضايا السياسية الأخرى لا تزال عالقة، وهي تحتاج أن تناقش وتذلل في المؤسسات».
ورداً على سؤاله عما إذا كان بري لا يزال يصر على اعتذار باسيل الذي كان شن هجوماً عليه، متّهماً إياه بـ«البلطجي»، ومتوعداً بـ«تكسير رأسه»، قال أبو فاعور: «أعتقد أن اتصال فخامة الرئيس أعطى مؤشراً إيجابياً يمكن معه أن تعود الحياة إلى المؤسسات. المسألة الشخصية تعود للرئيس بري، وهو الذي يقرر في هذا الشأن».
بدوره، نقل رئيس الهيئات الاقتصادية محمد شقير للرئيس عون «ارتياح الهيئات لمبادرة رئيس الجمهورية التي انعكست إيجاباً على الحركة الاقتصادية وحركة الأسواق المالية، وتركت انطباعات إيجابية»، وذلك «بعدما كان أضرّ ما حصل في الشارع خلال الأيام الماضية بالوضع الاقتصادي الصعب أصلاً الذي يمرّ به لبنان، لأن سمعة لبنان واقتصاده قد تأثرا سلباً».
وفي منطقة الحدث التي شهدت توتراً مساء الأربعاء، وكادت أن تصل إلى اشتباكات بين عناصر «التيار الوطني الحر» و«حركة أمل»، عقد لقاء بين نواب من الطرفين ومن «حزب الله» الذي كان له الدور الأبرز في «هذه المصالحة» تحت عنوان «تحصينا للوحدة الوطنية والعيش المشترك».
وأكد النائب في «حزب الله» علي عمار «الحرص على تمتين وتحصين الوحدة الداخلية والوطنية والمصير المشترك»، مشيداً بالذين «أسقطوا بوعيهم ما يريده العدو الإسرائيلي لهذا البلد العزيز السيد الحر المستقل». وأضاف: «نحن هنا لنقول سحقاً لكل مريدي الفتنة والتسلل إلى أبناء الصف الواحد والبيت الواحد»، مؤكداً أن ورقة التفاهم بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» صامدة، وقال: «هناك بعض الأصوات التي حاولت النيل من ورقة التفاهم، وأنا أقول: إن هذه الورقة باقية ما دامت الدماء تسيل في عروقنا». وختم «إلى اللقاء من جديد لمواجهة العدو الخارجي وبعض الداخل الذي لا يتغذى ولا يعيش إلا على الفتنة».
من جهته، قال النائب في «التغيير والإصلاح» آلان عون: «لقاؤنا اليوم هو رسالة معاكسة وأقوى من كل ما حصل في الأيام الماضية»، وأضاف: «وجودنا اليوم للتأكيد على أنَّنا على مستوى المسؤولية ومصرون على أننا لن نسمح بتحول أي إشكال سياسي إلى إشكال بين اللبنانيين». وأعلن أن «هذا اللقاء هو لإنهاء كل ما حصل خلال الأيام الماضية، ونقول للرئيس بري إن كرامتنا من كرامته، ولن نسمح بحصول أي شرخ على المستوى الوطني».
وأكد «أن التفاهم مع (حزب الله) مستمر، لأن هذا التفاهم هدفه الوحدة الوطنية وهو ما أظهره اليوم»، وقال: «مهما مرت الغيوم علينا، فإننا لن نقبل أن تتحول إلى عواصف ولا أحد يريد العودة إلى الوراء»، آملاً «العودة إلى المسار الصحيح، وهو مسار المؤسسات، وطي صفحة ما حدث».
كذلك، أكد النائب في كتلة «التنمية والتحرير» الحرص على التشبث بالتعايش بين اللبنانيين، وتمتين أواصر الوحدة الوطنية، مضيفاً: «مهما اختلفنا بالسياسة، وهذا أمر مشروع، علينا أن نتخلق بأخلاق الله».
وجدّد تأكيده أنه لم يكن لـ«حركة أمل» «علاقة بما حدث على الأرض وكان لنا الجرأة على الاعتذار عن أي ضرر لحق باللبنانيين، والحركة لن تغطي أي مخل بالأمن يستهدف حياة جميع اللبنانيين، وأولويتنا هي تدعيم أواصر الوحدة الوطنية الداخلية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.