سياسيون يحمّلون «الوفاق» مسؤولية تعثر عودة نازحي تاورغاء

TT

سياسيون يحمّلون «الوفاق» مسؤولية تعثر عودة نازحي تاورغاء

حمّلت أطراف سياسية عدة، المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، في العاصمة طرابلس، مسؤولية تعثر إعادة النازحين من مدينة تاورغاء إلى ديارهم، التي كانت مقررة مطلع الشهر الحالي، بعد اعتراضهم من قوة أمنية تابعة لحكومة الوفاق، وسط «شعور أممي بالقلق من التهديدات التي تلقاها النازحون في طريق عودتهم».
ودعا عضو المجلس الأعلى للدولة أبو القاسم قزيط، في مداخلة لفضائية «218»، المجلس الرئاسي، إلى «تحمل مسؤولياته، والإيفاء بالتزاماته أمام الليبيين، وتحديد المسؤول عن الخلل الذي حال دون عودة هؤلاء النازحين»، مشيراً إلى أن «ما حدث لهم محبط ومخيب للأمل». ودانت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، في بيان، أمس، واقعة «قيام عدد من مسلحي المنطقة العسكرية الوسطي بمصراتة التابعة لقوات (البنيان المرصوص) الموالية للسراج باعتراض طريق أهالي تاورغاء العائدين، وتعرضهم لتهديدات وترهيب عند البوابة 20 شرق مدينة سرت».
وأبدى ناصر أبديوي أحد مواطني تاورغاء، «أسفه لعدم تمكن نازحي بلدته من العودة إلى ديارهم بسلام»، وقال لـ«الشرق الأوسط» «ينبغي على المجلس الرئاسي بذل جهود أكثر من أجل ذلك»، متابعاً: «يكفينا سبع سنوات نعيش مشردين عن ديارنا دون ذنب». ورفض عضو بالمجلس الرئاسي، تحميل مجلسه أي مسؤولية عن تعثر إعادة نازحي تاورغاء، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بذلنا كل ما يمكن في هذه الأزمة، وقريباً سيتم إعادة النازحين»، لكنه رفض الرد على تساؤل حول ضلوع قوات من عملية «البنيان المرصوص» التابعة لحكومة الوفاق، في منع النازحين، واكتفي بالقول: «نجرى ترتيبات جديدة لإعادتهم».
وفي نهاية جولتها إلى ليبيا، عبّرت المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للنازحين في الأمم المتحدة، سيسيليا جيمينر، عن «قلقها الشديد إزاء النزوح الذي يواجه المواطنين في البلاد»، وقالت: «بالنسبة للكثير، بات النزوح يوماً بعد يوم، لأن انعدام الأمن والخوف من الاضطهاد يجعل العودة إلى ديارهم مستحيلة».
وأوصت جيمينر، في مؤتمر صحافي، أمس، من طرابلس، الحكومة الليبية، بتطوير خريطة طريق شاملة تماشياً مع المبادئ التوجيهية المتعلقة بالنزوح الداخلي من أجل تحديد الأدوار والمسؤوليات بوضوح للوزارات وغيرها من الهيئات المعنية، وضمان مساءلة جميع الجهات الفاعلة، ومضت تقول: «جهود كثيرة بُذلت لعودة نازحي تاورغاء مطلع فبراير (شباط) بعد 7 سنوات من النزوح».
وانتهت قائلة: «أشعر بالقلق إزاء التهديدات التي تلقاها النازحون في طريق عودتهم إلى منازلهم... عندما تحدثت إلى بعضهم كان هناك من يرغب في العودة، لكن البعض أعربوا عن مخاوفهم». وسبق لرئيس المجلس الرئاسي تحديد الأول من فبراير موعداً لعودة أهالي تاورغاء إلى مدينتهم التي هجروا منها من قبل جارتهم مدينة مصراتة، وذلك بعد اتهام الأخيرة لهم بالوقوف في صف العقيد الراحل معمر القذافي أثناء الثورة التي أطاحت بحكمه عام 2011. وتبعد مدينة تاورغاء نحو 240 كيلومتراً شرق العاصمة طرابلس، ولا يفصلها عن مدينة مصراتة سوى 40 كيلومتراً.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».