فتحت الأحداث الأمنية والسياسية التي عاشها اللبنانيون هذا الأسبوع، الباب على كل الاحتمالات، بما فيها عودة الحرب الأهلية، قبل أن يؤدي اتصال رئيس الجمهورية ميشال عون برئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى احتواء الوضع، وتنفيس الأجواء في الشارع، من دون أن يعني ذلك انتهاء الأزمة السياسية في لبنان بشكل عام، وبين «حركة أمل» و«التيار الوطني الحر» (تيار عون) بشكل خاص.
وبين محاولة البعض التخفيف من وطأة ما حدث، وتحذير آخرين من تداعياتها، تبقى هناك حقيقة واحدة، هي أن «ما بعد مواجهة برّي ووزير الخارجية جبران باسيل ليس كما قبلها».
بل ستبقى التداعيات حاضرة داخل الحكومة الائتلافية الحالية إلى حين موعد الانتخابات النيابية المقررة في شهر مايو (أيار) المقبل، لتكون المواجهة الأكبر في انتخابات رئيس المجلس النيابي ومشاورات تشكيل الحكومة المقبلة التي ستشكّل ملعباً للاشتباك السياسي.
انفجرت المواجهة بين جبران باسيل وزير خارجية لبنان رئيس «التيار الوطني الحرّ» (التيار العوني) نهاية الأسبوع الماضي عند تسريب شريط فيديو يهاجم فيه رئيس مجلس النواب نبيه برّي، واصفاً إياه بـ«البلطجي»، ومتوعّداً بـ«تكسير رأسه». ثم تحوّلت مواقع التواصل الاجتماعي إلى ساحة حرب افتراضية بين مناصري الطرفين، استعيدت عليها لغة الحرب الطائفية التي لم يغب عنها نواب ووزراء محسوبون أيضاً على «التيار الوطني الحر» (الذي أسسه رئيس الجمهورية ميشال عون، حمو باسيل) و«حركة أمل» برئاسة برّي.
«أمل» طالبت باعتذار باسيل، وبينما ظل رئيس الجمهورية صامتاً طوال يوم الاثنين، الذي انتهى بإصدار «حزب الله» - الذي كان قد التزم الحياد في كل أزمات حليفيه السابقة - بياناً استنكر فيه كلام باسيل. إلا أن ما كان ينتظره «حزب الله» و«أمل» من عون ومناصريه بات مستحيلاً بعدما عمد مناصرو «أمل» إلى النزول إلى الشارع وإحراق الدواليب والاعتداء على مركز «التيار الوطني الحر»، فعندها كسر عون صمته ببيان اعتبر فيه «أن الخطأ الذي بُني على خطأ هو خطأ»، وطلب من الطرفين التسامح. وفي المقابل، لم يرَ «حزب الله» و«أمل» في بيان الرئيس إلا مساواة بين «القاتل» و«القتيل»، وصعّد وزراء «أمل» ونوابها مواقفهم مطالبين باسيل بالاستقالة، بينما آثر الأخير الصمت، واكتفى عبر بيان لاجتماع «تكتل التغيير والإصلاح» باعتبار «أن الملف قد انتهى».
أجواء الحرب
لكن «انتهاء الملف» بالنسبة إلى باسيل كان سبباً إضافياً للتصعيد في شارع «أمل» وصل مساء الأربعاء إلى مهاجمة ضاحية الحدث (ذات الغالبية المسيحية المارونية)، التي اعتبرت تقليدياً «خط تماس» بين المسيحيين والمسلمين، إبان الحرب (1975 - 1990)، وبذا علت لغة الحرب والتهديد على ما عداها من مواقف، قبل أن يستدرك المسؤولون في الطرفين، الأمر، ويدعون إلى التهدئة والمحافظة على السلم الأهلي، وكان لـ«حزب الله» الدور الأبرز في هذا الإطار.
ولاحقاً في بيان لها، بعد ثلاثة أيام على الأزمة، دعت «أمل» للتوقّف عن أي تحرك في الشارع قطعاً للطريق على من يريد حَرف النظر عن الموضوع الأساسي، وضرب علاقات اللبنانيين مع بعضهم. وطلبت من «جميع الحركيين على اختلاف مستوياتهم المساعدة على تطبيق هذا الأمر».
وتوجّت كل الجهود السياسية، التي لعب خلالها «حزب الله» - حليف الطرفين - دور «رأس الحربة»، باتصال أجراه الرئيس عون ببرّي سبقه لقاء بين رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس الجمهورية. وأعلنت بعده رئاسة الجمهورية عن الاتصال الذي أكد خلاله عون «أن الظروف الراهنة والتحديات تتطلب طي صفحة ما جرى أخيراً، والعمل يداً واحدة لمصلحة لبنان»، وهو ما رأت فيه حركة أمل خطوة إيجابية، ووصف برّي الاتصال بــ«الجيد جداً».
هذه الأزمة، التي كان كلام باسيل وهجومه على برّي بوصفه «البلطجي» كفيلاً بتفجيرها، لم تكن «رمّانة بل قلوباً ملآنة» - وفق المثل الشعبي اللبناني -. ذلك أن هناك تاريخاً من المواقف والمواجهات السياسية بين الجانبين منذ عشرات السنين، مروراً بالانتخابات الرئاسية التي رفض برّي خلالها التصويت لصالح عون، وما لحقها من أزمات بين الطرفين، أبرزها في الفترة الأخيرة حول ما بات يعرف بـ«أزمة المرسوم» التي لا تزال عالقة، ووصلت إلى حد المواجهة السياسية الأكبر بينهما.
«الكيمياء المفقودة» بين الرجلين (برّي - عون) واستطراداً إلى باسيل، صهر عون ورئيس «تياره»، لن تقتصر على الطرفين، بل يتوقع أن تترك تداعياتها على المعادلة السياسية اللبنانية ضاربة عرض الحائط بـ«التسوية» التي أدّت إلى انتخاب عون وتشكيل الحكومة الحريرية الحالية، والفرز السياسي عبر ما يعتبره البعض انفراداً بالسلطة من قبل «التيار العوني» و«تيار المستقبل» بغطاء من «حزب الله».
وفي هذا الإطار، يحمّل مصدر في «8 آذار» باسيل - ومن خلفه رئيس الجمهورية - المسؤولية بالقول: «لو عمد عون إلى الاتصال برئيس مجلس النواب من اليوم الأول كان الموضوع حلّ في لحظة، لكن على العكس من ذلك، بيان عون ساوى خطأ باسيل بخطأ شباب متحمسين». وأضاف أن الأمر نفسه يصدق على «مرسوم أقدمية الضباط» الذي كان في طريقه إلى الحل من خلال المبادرة التي قدّمها برّي، وتبناها رئيس الحكومة سعد الحريري، «قبل أن يؤدّي اتصال من جهة إلى إيقافها». وتابع المصدر: «كل ذلك يدل على أنهم (أي تيار عون) مصرّون على نهجهم وهو ما لن نسكت عنه».
باسيل مستفيد انتخابياً
من ناحية أخرى، رغم تأكيد مختلف الأطراف على أن الانتخابات النيابية «خط أحمر»، ترى مصادر عدّة أن ما حصل يخفي في طياته نية لتأجيل هذا الاستحقاق الذي تشير المعطيات الراهنة إلى أنه يسير في طريقه الصحيح ما لم تحصل أي مفاجآت. وليس بعيداً عن هذه الأجواء، يقول مصدر في «فريق 8 آذار» أن «ما يقال فوق الطاولة غير ما يقال تحتها... بعيداً عن الإعلام».
وبعد كلام برّي بأن هناك محاولات لتأجيل الاستحقاق كان وزير المال علي حسن خليل، ممثل «أمل» في الحكومة، واضحاً في هذا الإطار، إذ قال: «إذا كان الهدف من وراء ما حصل هو تعطيل الانتخابات، فنطمئنكم أنها حاصلة بموعدها». وهذا ما شدّدت عليه أيضاً جهات مطّلعة على موقف «حزب الله»، مؤكدة على ثوابته الثلاثة: «الاستحقاق الانتخابي، وبقاء الحكومة، والوضع الأمني الذي يجب أن يبقى مستقراً، بينما لن يتجاوز الخطاب السياسي حدود السقف الذي وصل إليه». وحسب هذه الجهات، فإن «التسوية الرئاسية، كذلك، لم تسقط رغم أن الأمور صعبة ولبنان يعيش على التسويات التي تأتي دائماً بعد خلاف معيّن» قبل أن تستدرك «لكن، لا شك، في أن الفرز السياسي سيتغيّر وملامحه واضحة منذ الآن».
جدير بالذكر، أنه منذ اللحظة الأولى لتسريب «فيديو باسيل» لم تخل الاتهامات من «أهداف انتخابية» لصالح باسيل، الذي يرفع دائماً «شعار استعادة حقوق المسيحيين»، وهو الذي كان قد خاض دورتين انتخابيتين، ولم ينجح بالفوز بمقعد نيابي. وهو يعوّل اليوم على الفوز بعد تعديل قانون الانتخابات. في المقابل، وإن كان الأمر سينعكس أيضاً إيجاباً على برّي و«حركة أمل»، فهذه الاستفادة لن يكون لها التأثير الكبير في الأرقام انطلاقاً من تحالفاته الانتخابية، خصوصاً ضمن «تحالف الثنائي الشيعي» الاستراتيجي مع «حزب الله».
خبراء بالشأن الانتخابي واستطلاعات الرأي يرجّحون ارتفاع شعبية وزير الخارجية في الشارع المسيحي المتشدد على خلفية الأزمة الأخيرة، ووفق الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين، فإن «القراءة الأولية تفيد بأن ما حصل رفع من شعبية باسيل، بعد ردّة فعل مناصري الرئيس نبيه برّي، بوصولهم إلى منطقة مسيحية، والاستياء الكبير الذي ولّده في الأوساط السياسية المسيحية حتى المتضامنة مع برّي».
رسالة برّي للحليف
في سياق ثانٍ، فإن «ربط نزاع» خلاف برّي - عون بجهود من «حليفي» الطرفين، وأبرزهم «حزب الله» ورئيس الحكومة سعد الحريري، لا يعني أن الوضع في لبنان سيعود إلى طبيعته، خصوصاً بعد اهتزاز «التسوية» التي أدت إلى انتخاب عون رئيساً، ونجحت في تشكيل حكومة برئاسة الحريري. وقد تكون الإجابة الفاترة للنائب علي بزّي (كتلة برّي) عند سؤاله، خلال «مصالحة الحدث» عما إذا كانت طويت الصفحة «ماشي الحال»، خير دليل على هذا الأمر.
وبالفعل، قواعد المعادلة السياسية بدأت تتغيّر، بما في ذلك فرز التحالفات. وأهمها، بحسب ما يرى الوزير السابق الدكتور سليم الصايغ، نائب رئيس حزب الكتائب اللبنانية، «عدم تفرّد الثنائي (التيار الوطني الحر) و(المستقبل)، بالقرار اللبناني بغطاء من (حزب الله)، تنفيذاً لما أفرزته التسوية». ويوضح الصايغ: «ردة فعل برّي ليست رسالة فقط إلى باسيل، بل إلى أصحاب التسوية مجتمعين بمن فيهم حليفه (حزب الله) بعدما عمدوا إلى التفرّد بالسلطة والقرارات. وعبّر برّي عن هذا الواقع بصراحة بعد اتصال عون به، بالقول للصحافيين عند سؤاله عن مسألة فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي: هذه عند رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وليس بالضرورة أن تحصل بالتشاور معي... هما عادة لا يتشاوران معي في الأشياء التي هي من صلاحياتي، فكيف بالدورة التي هي من صلاحياتهما؟».
ولا ينفي الصايغ أن المستفيد الأكبر من مواجهة «برّي - باسيل» هو الأخير «الذي يحاول الظهور بأنه يواجه السلاح الشيعي، وهو أمر غير حقيقي». ويضيف: «عاش لبنان أزمة وطنية هي الثانية والأكبر من نوعها خلال عهد الرئيس عون، بعد أزمة استقالة الحريري والعودة عنها، وهذا يدل على هشاشة المعادلة السياسية التي أتت بالتسوية الرئاسية». ويرى نائب رئيس الكتائب أن سلوك باسيل في هذه الأزمة الممتدة من «التوقيع على مرسوم الضباط» هو «محاولة لتظهيره بأن هناك مشكلة كبيرة بين ما يسمى الفريق الشيعي والتيار الوطني الحر... وذلك لتقديم أوراق اعتماده إلى جهات غربية وإبعاد تهمة تغطية سلاح (حزب الله) عنه».
ولا تبتعد قراءة مصدر في «أمل» كثيراً عن رأي الصايغ، إذ اعتبر أن «ما حصل ليس قضية خطأ ارتكب، وكلام لا شكّ أنه كبير بحق رئيس مجلس النواب، ما يعكس نوعاً من الاستبداد والتسلط والهيمنة من شخص اعتاد منذ فترة على هذا السلوك... هذا لم ولن نقبل به بعد الآن، وسنكون له بالمواجهة على طاولة الحكومة التي لا نزال متمسكين باستمرارها».
في المقابل، ترى جهات في «التيار الوطني الحر» أن التسوية «ما زالت مستمرة بدليل حرص الجميع على بقاء الحكومة وإجراء الانتخابات»، داعية إلى انتظار نتائجها، خصوصاً فيما يتعلق بتشكيل الحكومة المقبلة. مع الإشارة إلى أن المواجهة الأبرز في تلك المرحلة ستكون، وفق التقديرات، في حرص برّي على تكريس «التوقيع الشيعي» على المراسيم عبر التمسك بوزارة المال كي تكون من حصة الطائفة الشيعية.
المصدر في «أمل» يؤكد من جهته «أكثر من الخطأ والاعتذار نحن أمام نهج يعتمده فريق باسيل ومشروع لم يبن ولن يبني وطناً... بل يعود بنا إلى خطاب الحرب والطائفية، وهو ما لم نرض ولن نرضى به». ثم يتساءل: «هل المطلوب ضرب (اتفاق الطائف) والدستور؟ هناك من يريد أن يطبّق الدستور وهناك من يعمل لضربه، و(مرسوم الضباط) الذي تم القفز به فوق الدستور عبر تجاهل توقيع وزير المال خير دليل على هذا الأمر». ويستطرد: «من هنا معركتنا ستكون على طاولة الحكومة، وليس خارجها، في مواجهة كل الصفقات، السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي يعملون على تمريرها... ومن الآن فصاعداً سنكون لهم بالمرصاد». وكان برّي نفسه قد قال بعد المصالحة الشفهية: «في الحكومة نحن مستمرون والانتخابات حاصلة، ولكننا أيضاً مستمرون على مواقفنا من الملفات المعروفة، ومنها الكهرباء»، وهو ما سبق أن أكد عليه وزير المال علي حسن خليل بالقول: «الوضع لن يكون سهلاً والوضع السياسي ليس مريحاً... أما على الأرض فنحن طلبنا الخروج من الشارع».
تباين... أم توزيع أدوار؟
للمرة الأولى منذ بدء الخلافات بين «أمل» و«التيار الوطني الحرّ»، أخذ «حزب الله» موقفاً علنياً إلى جانب برّي، بعدما كان «عتب» الأخير على حليفه الشيعي قد وصل إلى مرحلة متقدمة. وفي هذه الأثناء، حاول الحريري المساواة بين الجانبين عبر استنكار كلام باسيل من جهة، ورفض اللجوء إلى الشارع من جهة أخرى.
عتب «أمل» على «حزب الله» لا ينفيه مصدر نيابي في كتلة «التنمية والتحرير» (كتلة «أمل») عندما يجيب على سؤال على رأيه بمدى صمود اتفاق «الحزب» و«التيار»، بالقول: «نحن موقفنا واضح ويجب توجيه السؤال لهم»، إلا أنه في الوقت عينه على مواقف الأطراف الأخرى.
وفي بيانه كان «حزب الله» رفض رفضاً قاطعاً الكلام الذي أساء إلى برّي شكلاً ومضموناً، معتبراً «أن هذه اللغة لا تبني دولة ولا تأتي بإصلاح، بل تخلق المزيد من الأزمات وتفرّق الصف وتمزّق الشمل وتأخذ البلد إلى مخاطر هو بغنى عنها». لكن استياء «حزب الله» من كلام حليفه المسيحي، ثم الانحياز إلى حليفه الشيعي، لا يعني سقوط «ورقة التفاهم» التي وقعها مع «التيار الوطني الحر» عام 2006، بحسب ما يؤكد الطرفان، ويرى فيه الوزير السابق سليم الصايغ أمراً صعباً.
ووفق مراقب مطلّع على موقف «الحزب،» فـ«إن حلفاء (الحزب) في (التيار الوطني الحر) يعرفون أن ما يربط (الحزب) و(أمل) تحالف وجودي، وهما جسدان بروح واحدة، وما يسيء للحركة لن يُقبل به ولا مجال للسكوت عنه». في حين يؤكد القيادي «العوني» الوزير السابق الدكتور ماريو عون أن «التحالف مع (الحزب) استراتيجي وصلب». وأردف «أما المواقف الأخيرة فتستوجب بعض الإيضاحات في الوقت المناسب»، مضيفاً: «موقف (الحزب) لم يكن موجّهاً ضد (التيار)، بل مؤيداً لشريكه الثاني (الشيعي)، وبالتالي، لم يكن هناك أي تجنٍ على (التيار)... وهو ما لن يؤثر على التفاهم الاستراتيجي بينهما».
الصايغ يذهب أبعد في هذه المجال فيقول: «ما يحصل لا يعدو كونه توزيع أدوار بين هذه الأفرقاء، و(حزب الله) لا يمكنه الخروج من اتفاقه مع (التيار)، والعكس صحيح، لأسباب عدة أهمها أن (الوطني الحر) يشكّل الغطاء المسيحي لسلاح (الحزب )من جهة ويستفيد منه باسيل، رئيس (التيار) من جهة أخرى عبر فرض سلطته على الدولة». ويضيف «كل ما يحصل اليوم ليس إلا شراء وقت للأزمة المفتوحة... بينما لا تزال المشكلة الأساس في الدولة وتركيبتها، والحل كان ولا يزال، إيجاد حل لسلاح (حزب الله) الذي يحكم لبنان واستكمال تطبيق اتفاق الطائف أو تعديل ما يجب تعديله».
وعلى خط الأفرقاء السياسيين الآخرين، بين حلفاء وخصوم الطرفين، كان موقف الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط، حليف برّي، والمتضرّر من التسوية الرئاسية وتداعياتها السياسية في السلطة، صريحاً إلى جانب برّي. وفي الاتجاه نفسه قال سليمان فرنجية القيادي في «تيار المردة»، وخصم باسيل، وحليف «الوطني الحر السابق» أن «الوطن يغلي و(العهد) يترنّح ورئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل يحصي الأصوات»، (في إشارة إلى الانتخابات النيابية).
بعكس جنبلاط وفرنجية، كان موقف «القوات اللبنانية» الذي صدر على لسان رئيسه الدكتور سمير جعجع بعد ردة فعل مناصري «أمل» في الشارع، والاعتداء على مركز «التيار»، ميالاً إلى باسيل، رغم «الاختلافات» بينهما. وقال ما معناه إنه بغض النظر عن رأي «القوات» أو تقييمها لما قاله وزير الخارجية، وبغض النظر عن علاقتها وتقديرها للرئيس برّي، لا يستطيع أن يقبل ما حصل في الشارع «لأنه انتهاك صريح لمنطق الدولة ووجودها».
في المقابل، كان حزب الكتائب المعارض، الذي اتّهم بتسريب فيديو باسيل، عبر مناصرة «كتائبية» كانت موجودة في لقاء قرية محمَرْش البترونية، واضحاً في استنكار كلام باسيل، لا سيما أن الحزب لم يسلم من اتهامات في الفيديو المسرّب لكلامه، ليعود بعدها ويستنكر كل ردود الفعل التي حصلت في الشارع، مؤكداً على أن «الكلمة يرد عليها بكلمة أو بالقضاء».