الرئيس الألماني يبدأ زيارته للبنان ويؤكد دعم استقراره

عون يدعو لإنهاء معاناة النازحين بعودة آمنة لبلادهم

الرئيس اللبناني ميشال عون مستقبلا الرئيس الألماني فرانك وولتر شتاينمر في قصر بعبدا أمس (إ.ب.أ)
الرئيس اللبناني ميشال عون مستقبلا الرئيس الألماني فرانك وولتر شتاينمر في قصر بعبدا أمس (إ.ب.أ)
TT

الرئيس الألماني يبدأ زيارته للبنان ويؤكد دعم استقراره

الرئيس اللبناني ميشال عون مستقبلا الرئيس الألماني فرانك وولتر شتاينمر في قصر بعبدا أمس (إ.ب.أ)
الرئيس اللبناني ميشال عون مستقبلا الرئيس الألماني فرانك وولتر شتاينمر في قصر بعبدا أمس (إ.ب.أ)

دعا الرئيس اللبناني ميشال عون خلال لقائه نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير، إلى «بلورة حلول سلمية توقف دوامة العنف والحروب التي تضرب عدداً من الدول العربية، وتهدد استقرارها ووحدتها». وشدد على «أهمية التعاون الدولي في مواجهة الإرهاب فكراً وتنظيماً»، مشدداً على أنّ «مواجهة أعباء النزوحِ السوري مسؤولية دولية مشتركة، تستوجب وضع حد لمعاناة النازحين وتأمين عودة آمنة لهم إلى بلادهم». فيما أعلن الرئيس الألماني أن «الاستقرار في لبنان يشكّل مصلحة لألمانيا، وهذا يتجلى عبر دعمنا القوات المسلّحة». وأعرب عن تقدير بلاده «لتعاطي لبنان مع اللاجئين السوريين في لبنان، وحسن استقبالهم وطريقة التعامل معهم».
بدأ الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير زيارة رسمية للبنان أمس، استهلها بلقاء نظيره اللبناني ميشال عون في قصر بعبدا، جرى خلاله بحث العلاقات المشتركة والتطورات في المنطقة، وبعد خلوة بين الرئيسين ثم محادثات موسّعة، عقدا مؤتمراً صحافياً مشتركاً، قال فيه عون إن «ألمانيا تشكّل قوة اقتصادية حيوية، ونحن نسعى إلى تعزيز تعاوننا معها، فيما يُشكّل لبنان، بوابة تبادل حضاري، وثقافي، وسياسي، في حوض البحر المتوسّط». وأشار إلى أن «المحادثات تطرقت إلى مشاركة ألمانيا في ثلاثة مؤتمرات مهمة ينتظرها لبنان ويجري لها كل التحضيرات اللازمة وهي: مؤتمر روما-2 لدعم الجيش اللبناني والقوى الأمنية، ومؤتمر الأرز الذي ينعقد في باريس لدعم الاقتصاد اللبناني، ومؤتمر بروكسل للدول المضيفة للنازحين السوريين».
أضاف عون «أَجرينا جولة أفق في الأوضاعِ والتطورات الإقليمية، وكان هناك تركيز على ضرورة تَبلور حلول سلمية توقف دوامة العنف والحروب والإرهاب، التي اشتعلت في العديد من الدول العربية مهدِدة استقرارها ووحدتها وانتقلت شظاياها حتى إلى أرجاء مختلفة من العالم». وتابع «أكّدتُ أمام الرئيس شتاينماير أنّ مواجهة أعباء النزوحِ السوري هي مسؤولية دولية مشتركة، ويجب العمل سريعاً على وضعِ حد لمعاناة النازحين وتأمين عودة آمنة لهم إلى بلادهم».
ولفت الرئيس اللبناني إلى أن المحادثات «تناولت ملف الأمن ومكافحة الإرهاب، فكانت مناسبة لعرض ما حقّقه لبنان في هذا المجال، ونجاحه في ضبط وتفكيك عشرات الشبكات والخلايا الإرهابية، إضافة إلى المواجهة العسكرية الناجحة والحاسمة التي خاضها الجيش ضدّ الإرهابيين في جرود البقاع الشمالي». وشدد على «أهمية التعاون الدولي، في المواجهة مع الإرهابيين فكراً وتنظيماً، حيث يشكِل لبنان جزءاً من الجهود الدولية الرامية إلى القضاء على الإرهاب». وختم عون كلامه «أكّدتُ لفخامة الرئيس، ضرورة وقوف بلاده إلى جانب لبنان في وجه الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة عليه، وشدَدتُ على أهمية الالتزام بتطبيق القرار الدولي رقم 1701 بكل مندرجاته».
من جهته، أكد الرئيس الألماني أنه «يحقّ للبنان أن يكون فخوراً بكل ما حققه بشأن التعايش بين جميع أطيافه المختلفة والأديان المختلفة». وقال «تحدثت مع الرئيس عون حول اللاجئين السوريين في لبنان، وأعربت له عن تقدير ألماني لاستقبالهم وطريقة التعامل معهم». واعتبر أن «التعايش في لبنان نموذجي للمنطقة بأسرها، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية كبيرة جداً نتيجة النزوح السوري»، مشيراً إلى أن «أزمة النزوح السوري مؤثرة والتحديات كبيرة بالنسبة للبنان، واستخدمنا كل الأمور لمساعدة لبنان». وأضاف «نهتم بالاستقرار داخل لبنان ومن مصلحتنا أن يستمر، ونحن دعمنا القوات المسلّحة، وماضون في تقديم هذا الدعم».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».