الموازنة تعيق عمل البرلمان العراقي في آخر فصوله التشريعية

TT

الموازنة تعيق عمل البرلمان العراقي في آخر فصوله التشريعية

اضطرت هيئة رئاسة البرلمان العراقي إلى تأجيل الجلسة التي كان من المقرر عقدها، أمس، إلى اليوم بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني اللازم لعقدها نتيجة لعدم حضور غالبية النواب. وطبقاً للنائبة رحاب العبودة عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إن «جدول الأعمال الخاص بالجلسة لم يكن في الواقع سوى ورقة بيضاء من أجل إكمال النصاب، وهو ما لم يحصل لكون الخلاف حول الموازنة لا يزال هو الخلاف الأكبر».
وبغير العادة المتبعة في جلسات البرلمان العراقي، فإن جدول الأعمال يوزع على النواب قبل يوم على الأقل بخلاف جلسة الأمس التي لم يتمَّ فيها تثبيت جدول أعمال، رغم وجود عدة فقرات لدى هيئة الرئاسة كانت تروم مناقشتها. لكنه وطبقاً لمصدر برلماني فإن هناك اتفاقاً على إفشال الجلسة بسبب استجواب وزير الكهرباء قاسم الفهداوي، ورئيس ديوان الوقف الشيعي علاء الموسوي. وطبقاً للمصدر فإن غالبية نواب الكتل السنية خارج الجلسة بسبب استجواب الفهداوي الذي ينتمي إلى كتلة تحالف القوى العراقية بينما جرى انسحاب كتلة بدر بسبب الاعتراض على التصويت على القناعة بأجوبة وزير الاتصالات حسن الراشد الذي ينتمي إليها.
لكن النائبة العبودة، وتشاطرها في ذلك النائبة ريزان شيخ دلير عضو البرلمان العراقي عن كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني، ترى أن «السبب الرئيسي يتعلق بالموازنة لا بالاستجوابات لأن قضية الاستجوابات يمكن أن تتعلق بهذه الكتلة أو تلك بينما الخلاف على الموازنة يكاد يكون عامّاً، الأمر الذي يصعب معه تمريرها في حال لم تتم تسوية نقاط الخلاف التي لا تزال في غاية الصعوبة».
من جانبها ترى ريزان شيخ دلير في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة الموازنة هي العائق الأكبر بسبب إصرار الحكومة على تمشية هذه الموازنة العرجاء رغم أن كل الكتل السياسية وليس جهة واحدة لديها اعتراضات عليها، بينما لم تتمكن هيئة رئاسة البرلمان من إعادتها إلى الحكومة». وأضافت أن «مشكلة هيئة الرئاسة هي أنها إما مقتنعة بهذه الموازنة، بخلاف إرادة من يمثلونهم أعضاؤها داخل البرلمان من مكوِّنات، أو أنها ترى أن لا جدوى من إعادتها أو حتى تعديلها لأن رئيس الوزراء حيدر العبادي سوف يطعن بها أمام المحكمة الاتحادية وسوف يكسب الطعن كالعادة». وحول ما إذا كان اعتراض الكرد على حصتهم التي كانت حتى آخر موازنة هي 17 في المائة، بينما تم تخفيضها في هذه الموازنة لعام 2018 إلى 12.5 في المائة بسبب المشكلات بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، قالت ريزان شيخ دلير إن «المسألة لا تتعلق بالنسبة فقط، لأننا في حال تم إقناعنا في ظل عدم وجود إحصاء أو جرد سكاني نقبل بها، لكن القضية أكبر من ذلك سواء على صعيد كردستان أو المناطق الأخرى»، كاشفة أن «الموازنة الحالية شطبت تسمية إقليم كردستان واكتفت بذكر المحافظات مثل أربيل والسليمانية ودهوك، بينما الأمر يفترض ألا يكون كذلك لأن إقليم كردستان دستوري فضلاً عن أنه يتكون من أربع محافظات وليس من ثلاث بعد أن صوت البرلمان العراقي على جعل حلبجة محافظة، وبالتالي فإن الاكتفاء بذكر ثلاث محافظات يعني حرمان حلبجة من حصتها من الموازنة». ولفتت إلى أن «العائق ليس كردياً فقط إذ إن المحافظات المنتجة للنفط مثل البصرة تعترض هي الأخرى على حصتها من الموازنة، وكذلك المحافظات الغربية التي تدمرت بسبب (داعش) تعترض على حصتها».
من جهته، أكد النائب عن المكون الكلدوآشوري السرياني جوزيف صليوة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «فساد قسم من رؤساء الكتل هو الذي يحول دائماً دون انسيابية عمل البرلمان، لأن هؤلاء يتصرفون من وحي مصالحهم لا مصلحة الشعب الأمر الذي يجعل البرلمان في حال من عدم القدرة على تمرير القوانين والتشريعات المهمة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.