لبنان يعتمد «ترشيد الإنفاق» لتنشيط اقتصاده المنهك

ترجيح وصول الدين العام لعتبة 86 مليار دولار نهاية العام

TT

لبنان يعتمد «ترشيد الإنفاق» لتنشيط اقتصاده المنهك

ينكب لبنان على محاولة استيعاب التدهور الاقتصادي والمالي الذي يعاني منه منذ سنوات والذي يهدد بوصول دينه العام نهاية العام الجاري إلى عتبة الـ86 مليار دولار. وتعتمد الحكومة حاليا سياسة «ترشيد الإنفاق» لتنشيط الاقتصاد المنهك قبل أسابيع من موعد مؤتمر «باريس 4» الذي سينعقد في العاصمة الفرنسية لدعم الاستثمار في لبنان.
وقد أوعز رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري قبل أيام إلى جميع المؤسسات الحكومية بأن تخفض ميزانياتها للعام 2018 بنسبة 20 في المائة، «بما يتماشى مع سياسة ترشيد الإنفاق والسيطرة على المالية العامة»، ليتم بذلك إدخال التعديلات اللازمة إلى موازنة العام الحالي التي تأخرت الحكومة أصلا بدراستها وإرسالها إلى المجلس النيابي.
وتكثر الوعود بـ«إصلاحات» من شأنها أن تضع حدا للهدر والفساد المستشري في البلاد، والذي ترجح أكثر من دراسة للبنك الدولي بأن كلفته تتراوح ما بين 4 و10 مليارات دولار. ويؤكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إطلاق سلسلة إجراءات اعتمدت من أجل وضع حد لهدر الأموال العامة وترشيد الإنفاق، ومنها استحداث الحكومة الإلكترونية ومكننة إدارات الدولة وتجديدها، فيما يعد الحريري بإنجاز «خطّة طموحة للاقتصاد اللبناني، تقوم على إصلاحات مهمّة للغاية في كل النواحي، تتقاطع مع مقتضيات باريس 4. تؤدي إلى تنمية مستدامة وخلق فرص عمل، ووضع حدّ لهجرة الشباب اللبناني».
ووقّع وزير الاقتصاد والتجارة، رائد خوري، مؤخرا، بتفويض من مجلس الوزراء، عقداً مع شركة «ماكنزي» العالمية بقيمة مليون و300 ألف دولار أميركي، لإعداد خطة اقتصادية للدولة، بعدما أقرت أول موازنة في البلاد منذ العام 2005 نهاية العام الماضي. وأكد خوري أن الحكومة بدأت «عدداً من الخطوات الإصلاحية، مثل تحسين الجباية من المرافئ العامة كالجمارك والقطاعات الخدماتية، وضبط الحدود وإقفال معابر التهريب، وسدّ مزاريب الهدر في الإدارات، وتقنين الهبات التي تعطى لجمعيات من دون دراسة وافية». إلا أن عددا كبيرا من الاقتصاديين والمعنيين بالوضع المال يعتبرون أن كل ما تقوم به الحكومة حاليا لا يرتقي لحجم التحديات التي تواجهها، وهو ما يعبّر عنه بوضوح الوزير السابق فادي عبود معتبرا أن «الانكباب على ترشيد الإنفاق أشبه بإعطاء أدوية مسكنة لمريض بحالة حرجة». وأشار عبود في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المطلوب «اتخاذ إجراءات سريعة لجذب الاستثمارات والحد من تصوير لبنان كعدو للمستثمر»، مشددا على وجوب أن يترافق ذلك مع «استنفار الحكومة لإعادة فتح الطريق البرية التي تصلنا بالعراق والخليج لرفع حجم صادراتنا». وأضاف: «كما أن المطلوب وضع حد للفساد والهدر المستشري في مرفأ بيروت كما للرشاوى التي تتفشى في الاستيراد والتصدير والتي تفوق قيمتها الـ500 مليون دولار».
ولفت عبود إلى أن لبنان يأتي ضمن قائمة الدول الـ10 الأكثر فسادا في العالم، مؤكدا «أننا قادرون تماما على إنتاج الكهرباء وحل أزمة النفايات، لكن ما يمنع ذلك هو أن هذين الملفين يشكلان بابين رئيسيين للتنفيعات والمحاصصة».
ويعول المسؤولون اللبنانيون حاليا على موازنة العام 2018 التي يؤكدون أنها تتضمن عددا كبيرا من الإصلاحات، وهي، وبحسب رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان «كناية عن 22 بندا جرى إقرارها في الهيئة العامة وتعهدت الحكومة بشخص رئيسها اعتمادها في متن مشروع الموازنة».
ويصف الخبير المالي والاقتصادي وليد أبو سليمان ما تقوم به الحكومة حاليا وبخاصة لجهة انكبابها على «ترشيد الإنفاق» بأنّه «خطوة أولى على طريق الألف ميل»، لافتا إلى أن «تقليص النفقات نحو ملياري دولار، إذا ما اعتبرنا أن حجم النفقات 15 مليارا، أمر جيد، لكن لا يجب أن ننسى أن عجز مؤسسة كهرباء لبنان وحدها يتخطى المليارين، كما أن خدمة الدين العام تتخطى الـ5 مليارات». وأضاف أبو سليمان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف، فإن الدين العام مرشح لبلوغ 86 مليار دولار نهاية العام والمطلوب لتدارك الأسوأ الانكباب على وضع حد لنزيف الكهرباء وللتوظيف العشوائي الذي نخشى أن يتفاقم ونحن على أبواب الانتخابات».
وكشفت مجلة L’observateur الفرنسية في تحقيق أجرته مؤخرا أن «السياسيين وفعاليات سياسية وقوى سياسية وأحزاب حققت المليارات وألزمت لبنان بأن تصبح ديونه بقيمة 80 مليار دولار، وفي نهاية العام 2018 86 مليار دولار». وسألت المجلة «كيف أن إعادة إعمار سوريا تكلف 65 مليار دولار من كهرباء إلى مياه إلى إعادة إعمار الأبنية المهدّمة إلى شق الطرقات، في حين أن لبنان بلغت ديونه 80 مليار دولار ولم يتم إنشاء أي معمل كهرباء ولم يتم إنشاء أي محطة لضخ المياه للمناطق، كما لم يتم إنشاء طرقات أو إقامة أوتوسترادات جديدة أو إعادة إعمار مدن وقرى كانت تهدمت في الحروب الماضية».



مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

مصر: «حماس» ستطلق سراح 33 محتجزاً مقابل 1890 فلسطينياً في المرحلة الأولى للاتفاق

طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل العلم الفلسطيني فوق كومة من الأنقاض في وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الخارجية المصرية، السبت، أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة ستشهد إطلاق حركة «حماس» سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 1890 فلسطينياً.

وعبرت الوزارة، في بيان، عن أملها في أن يكون الاتفاق البداية لمسار يتطلب تكاتف الجهود الإقليمية والدولية لتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني.

ودعت مصر المجتمع الدولي، خاصة الولايات المتحدة، لدعم وتثبيت الاتفاق والوقف الدائم لإطلاق النار، كما حثت المجتمع الدولي على تقديم كافة المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني، ووضع خطة عاجلة لإعادة إعمار غزة.

وشدد البيان على «أهمية الإسراع بوضع خارطة طريق لإعادة بناء الثقة بين الجانبين، تمهيداً لعودتهما لطاولة المفاوضات، وتسوية القضية الفلسطينية، في إطار حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس».

وأشارت الخارجية المصرية إلى التزامها بالتنسيق مع الشركاء: قطر والولايات المتحدة، للعمل على التنفيذ الكامل لبنود اتفاق وقف إطلاق النار من خلال غرفة العمليات المشتركة، ومقرها مصر؛ لمتابعة تبادل المحتجزين والأسرى، ودخول المساعدات الإنسانية وحركة الأفراد بعد استئناف العمل في معبر رفح.

وكانت قطر التي أدت مع مصر والولايات المتحدة وساطة في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار، أعلنت أن 33 رهينة محتجزين في غزة سيتم الإفراج عنهم في إطار المرحلة الأولى من الاتفاق.

وكانت وزارة العدل الإسرائيلية أعلنت أن 737 معتقلا فلسطينيا سيُطلق سراحهم، إنما ليس قبل الساعة 14,00 ت غ من يوم الأحد.

ووقف إطلاق النار المفترض أن يبدأ سريانه الأحد هو الثاني فقط خلال 15 شهرا من الحرب في قطاع غزة. وقُتل أكثر من 46899 فلسطينيا، معظمهم مدنيون من النساء والأطفال، في الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، وفق بيانات صادرة عن وزارة الصحة التي تديرها حماس وتعتبرها الأمم المتحدة موثوقا بها.

وأعربت الخارجية المصرية في البيان عن «شكرها لدولة قطر على تعاونها المثمر»، كما ثمّنت «الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإنهاء الأزمة إلى جانب الرئيس الأميركي جو بايدن».