مصادر فرنسية: منهج تيلرسون مختلف تماماً عما انتهجه كيري

الوزير يريد أميركا «واسطة العقد» في كل ما يتعلق بالمسألة السورية

TT

مصادر فرنسية: منهج تيلرسون مختلف تماماً عما انتهجه كيري

مفاجأة الاجتماع الخماسي المصغر الذي استضافته باريس، مساء أول من أمس، في مقر وزارة الخارجية وشارك فيه وزراء خارجية الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والمملكة السعودية والأردن، كان غياب تركيا رغم وجود وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو في باريس، وحضوره المؤتمر الخاص بالشراكة الدولية لمحاربة الإفلات من العقاب للمسؤولين عن استخدام السلاح الكيماوي.
وسألت «الشرق الأوسط» المصادر الفرنسية الرسمية عن الأسباب، فكان الجواب أن جاويش أوغلو «لم يُستبعد ولكنه لم يُدعَ». بيد أن مصادر أخرى شاركت في الاجتماع أفادت بأن ثمة سببين رئيسيين وراء تغييب تركيا: الأول أن حضور الوزير التركي كان سيعني أن غالبية المناقشات ستنصب على الوضع في عفرين وترك الأوجه الأخرى من المسألة السورية جانباً. والثاني أن الطرفين اللذين دعيا إلى الاجتماع ورأساه (أي باريس وواشنطن) «أرادا التركيز على المجموعة الصغيرة من البلدان المنسجمة في قراءتها وتناولها للحرب في سوريا ولتطوراتها، وبالتالي لم يكن من الملائم دعوة أنقرة للمشاركة». وفي أي حال، فإن اجتماعاً جانبياً ضمَّ في باريس وزيري خارجية تركيا والولايات المتحدة.
ونقل عن أوساط الوزير ريكس تليرسون أن المناقشات التي كان محورها العملية العسكرية التركية في عفرين ونتائجها وتتماتها، كانت «صريحة وجدية». وتعني كلمة «صريحة» في اللغة الدبلوماسية أن النقاش كان عاصفاً، فيما كلمة «جدية» تدل على حساسية الوضع. ويفهم على ضوء تسريبات الطرف الأميركي، أن استبعاد جاويش أوغلو كان لتلافي الصدامات داخل الاجتماع، وربما حتى لا تُفهَم مشاركة الوزير التركي على أنها وقوف إلى جانب أنقرة، أو الموافقة على ما تقوم به في عفرين.
وتقول المصادر الفرنسية إن أهمية الاجتماع تمثلت بالنسبة للمشاركين الخمسة، من جهة، في السعي الموحد «لإعادة مفاوضات جنيف إلى قلب المسألة السورية»، بمعنى «انتزاعها» من روسيا وإيران (وتركيا)، التي ترعى محادثات آستانة و«مؤتمر» سوتشي المفترض أن ينعقد يومي 29 و30 في المنتجع الروسي المطل على البحر الأسود. ورغم الفائدة التي قد تنتج عن «سوتشي»، فإن الخمسة يرفضون بقوة أن تكون «بديلاً» عن مسار «جنيف». واعتبر الوزير الفرنسي أن مؤتمر سوتشي لن ينتج عنه شيء يُذكر، لأنه ليس أكثر من «لويا جيرغا» (تسمية بشتونية تعني مجلس المصالحة الموسع، نسبة لقبائل البشتون التي تمثل أغلبية الشعب الأفغاني). لذا، فإن المناقشات تركزت على «الوسائل والطرق» التي تمكن من تحقيق هذا الهدف.
وبالنسبة لأربعة من الأطراف الخمسة المشاركة، فإن فائدة لقاء باريس التشاوري كانت «في الاستماع» لعرض من الوزير تليرسون للسياسة الأميركية الجديدة ولخطط واشنطن في سوريا، بعد أن أنجزت خططها الجديدة التي عرضها تليرسون بالتفصيل يوم 17 من الشهر الحالي في ستانفورد. وتوقفت المصادر الفرنسية عند تغير «جوهري في منهج العمل» بين تيلرسون والوزير السابق جون كيري، إذ كان الأخير يتفق مع نظيره الروسي، على المسائل موضع النظر «ثم يأتي كيري لتسويقها لدى شركاء أميركا». أما تليرسون فقد اعتمد نهجاً مختلفاً تماماً إذ «يسعى أولا إلى التوافق مع حلفاء واشنطن وشركائها في الملف السوري، وينطلق من ذلك مسلحاً بدعمهم للتفاوض مع الطرف الروسي».
لاقت مشاركة تليرسون في اجتماع مساء الثلاثاء «ارتياحاً» جماعياً لأنه عكس بوضوح إعادة انخراط واشنطن في المسائل العسكرية والسياسية السورية على السواء، بعد أن كانت الإدارة الأميركية قد «اختصرت» دورها بمحاربة «داعش» والقضاء على التنظيم الإرهابي. ونقلت المصادر المشار إليها عن الوزير تليرسون قوله، خلال الاجتماع، أنه «يريد أن تكون أميركا مجدداً واسطة العقد» في كل ما يتعلق بالمسألة السورية كما يريد في الوقت عينه «التركيز على العمل الجماعي».
رغم أن المصادر الفرنسية تلافت الخوض في تفاصيل المناقشات التي أجراها الوزراء الخمسة، فقد أزاحت الغلالة عن بعض ما طرح خلالها لجهة تعيين «المحددات» التي تلقى إجماعاً للخروج من الحرب في سوريا والدخول حقيقة في العملية السياسية. وتعتبر الأطراف الخمسة أن ما سيحصل في فيينا، في إطار الجولة التاسعة من المناقشات، سيكون «مؤشراً» لمدى جدية موسكو لسعيها للحل السياسي ولمدى التزامها، كما تدعي بالقرار «2254». وعملياً، ترى أطراف اجتماع باريس أن الأنظار ستكون منصبَّة على معرفة ما إذا كانت الضغوط الروسية قد نجحت في دفع النظام السوري لقبول الخوض في المسائل المفضية إلى الحل السياسي، وهو ما رفضه حتى الآن تحت ذرائع مختلفة.
وتربط الدول الخمس قبولها الاستجابة لدعوة موسكو للمشاركة في اجتماع «سوتشي» بما سيحصل في فيينا اليوم وغداً، وبمدى توفير الدعم للمبعوث الدولي. وهناك عنصران إضافيان سيؤثران على موقف الخمسة: الأول القرار الذي سيتخذه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لجهة إشراك دي ميستورا أو الامتناع عن ذلك. والثاني انتظار ما ستنوي المعارضة السورية القيام به بناء على ما تقترحه روسيا عليها لجهة نسبة مشاركتها وموقعها وقدرتها على طرح أفكارها ومقترحاتها والضمانات التي ستحصل عليها. وخلاصة الدول الخمس أن الرد معياره «صدق مسار سوتشي ومدى ما سيوفره من دعم لجنيف».
يبقى أنه رغم التحول النوعي في المعادلة السورية مع عودة العامل الأميركي بقوة، فإن مجموعة الخمس ما زالت تراهن على «تفهُّم» روسيا وحاجتها للتفاوض، ووعيها أن الانتصار العسكري «لن يكون كافياً لصنع السلام وإعادة الإعمار والقضاء النهائي على الإرهاب». ووفق هذا المنطق الذي لا يبدو جديداً، ستفهم موسكو أن بقاء الأسد والنظام على حاله «ليس الحل، ولن يكون الطريق المفضي إلى إعادة الإعمار». ورهان الخمسة الآخر، «التناقض» واختلاف المصالح بين روسيا وإيران. لكن هذه القراءة يمكن أن تتأثر بتغير الأوضاع الميدانية ونشوء نزاعات كانت كامنة، ما سيفرض على الخمسة أن يعيدوا النظر بها لتتلاءم مع المتغيرات شرط أن تكون المنطلقات سليمة.



وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
TT

وزراء عرب يناقشون خطة إعمار غزة مع مبعوث ترمب

جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)
جانب من الاجتماع الذي استضافته الدوحة بشأن فلسطين الأربعاء (واس)

ناقشت اللجنة الوزارية الخماسية بشأن غزة، الأربعاء، مع ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، خطة إعادة إعمار القطاع التي أقرتها القمة العربية الطارئة في القاهرة بتاريخ 4 مارس (آذار) الحالي.

جاء ذلك خلال اجتماع استضافته الدوحة، بمشاركة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، والشيخ محمد بن عبد الرحمن رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، والدكتور أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني، والدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، وخليفة المرر وزير الدولة بوزارة الخارجية الإماراتية، وحسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.

وبحث المشاركون تطورات الأوضاع في غزة، واتفقوا على مواصلة التشاور والتنسيق بشأن الخطة كأساس لجهود إعادة إعمار القطاع، بحسب بيان صادر عن الاجتماع.

بدر عبد العاطي يلتقي ويتكوف على هامش الاجتماع في الدوحة (الخارجية المصرية)

وأكد الوزراء العرب أهمية تثبيت وقف إطلاق النار في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، مشددين على ضرورة إطلاق جهد حقيقي لتحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين، بما يضمن تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.

وجدَّدوا تأكيد الحرص على استمرار الحوار لتعزيز التهدئة، والعمل المشترك من أجل ترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة، عبر تكثيف الجهود الدبلوماسية، والتنسيق مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية.

وسبق الاجتماع لقاء للوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني، في الدوحة، بحثوا خلاله «سبل الترويج وحشد التمويل للخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة، لا سيما في ظل استضافة مصر للمؤتمر الدولي لإعادة الإعمار بالتعاون مع الأمم المتحدة والحكومة الفلسطينية، وبحضور الدول والجهات المانحة»، بحسب الخارجية المصرية.

من لقاء الوزراء الخمسة العرب والمسؤول الفلسطيني في الدوحة (الخارجية المصرية)

كان الاجتماع الوزاري الاستثنائي لمنظمة التعاون الإسلامي في جدة (غرب السعودية)، الجمعة الماضي، قد أكد دعم الخطة العربية لإعادة إعمار قطاع غزة، مع التمسُّك بحق الشعب الفلسطيني في البقاء على أرضه.

ورداً على سؤال لـ«الشرق الأوسط»، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في تصريحات أعقبت «اجتماع جدة»، إن الخطة أصبحت عربية - إسلامية، بعد تبنّي واعتماد «الوزاري الإسلامي» جميع مخرجات «قمة القاهرة»، مؤكداً السعي في الخطوة المقبلة لدعمها دولياً، عبر تبنيها من قِبل الاتحاد الأوروبي والأطراف الدولية؛ كاليابان وروسيا والصين وغيرها، للعمل على تنفيذها.

بدر عبد العاطي خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري الإسلامي بمحافظة جدة (الخارجية المصرية)

وأشار الوزير المصري إلى تواصله مع الأطراف الدولية بما فيها الجانب الأميركي، وقال إنه تحدّث «بشكل مسهب» مع مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط عن الخطة بمراحلها وجداولها الزمنية وتكاليفها المالية. وأضاف أن ويتكوف تحدث عن عناصر جاذبة حولها، وحسن نية وراءها.

إلى ذلك، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الأربعاء، في بداية اجتماع بالبيت الأبيض مع رئيس الوزراء الآيرلندي مايكل مارتن: «لن يطرد أحد أحداً من غزة».

من جهته، دعا رئيس الوزراء الآيرلندي خلال لقائه ترمب، إلى وقف إطلاق النار في غزة، وقال: «نريد السلام، نريد إطلاق سراح الرهائن»، مضيفاً: «يجب إطلاق سراح جميع الرهائن، ويجب إدخال المساعدات إلى غزة».