على الرغم من أن معظم سيارات معرض ديترويت الجاري تحمل معالم عملية وتتوجه إلى السوق الأميركية خلال عامي 2018 و2019، فإن العديد من النماذج التجريبية كشفت عن تقنيات واعدة للمستقبل. كما عرضت شركاتٌ خطط التحول إلى الطاقة الكهربائية وتعزيز تقنيات التواصل في السيارات مع تقدم حثيث في تحقيق القيادة الذاتية.
ويحمل معظم السيارات المعروضة هذا العام نظم قيادة شبه ذاتية، وكلها تقريباً تستعرض تقنيات التواصل بنظم ابتكرتها شركات تقنية بالتعاون مع شركات السيارات. وتبدأ هذه التقنيات بتوفير الاتصال بالإنترنت من السيارة، وبالتالي إتاحة خدمات الخرائط الفعالة، واتصالات الطوارئ، وخدمات البريد الإلكتروني، ومواقع التواصل الاجتماعي. وتتيح سيارات اليوم شحن الهواتف الجوالة لاسلكياً، ووصلات «يو إس بي» لسماع الموسيقى الشخصية، وشحن الأدوات الإلكترونية المحمولة.
وكان لجمال التصميم دوره في اجتذاب جمهور ديترويت هذا العام، ولجأت شركاتٌ إلى خطوط وملامح مستقبلية انعكست في سيارات كونسبت مثل «إنفينيتي كيو إنسبيريشن»، ولجأت أخرى إلى نوستالجيا الماضي مثل «فورد» التي عرضت سيارة «موستانغ بوليت» مستوحاة من فيلم شهير يحمل الاسم نفسه ظهرت فيه مطاردة شهيرة من سيارة موستانغ عام 1968، وعرضت الشركة السيارة الأصلية التي ظهرت في فيلم «بوليت» قبل تقديم موستانغ «بوليت» الجديدة في الذكرى الخمسين لظهور السيارة الأصلية.
من الجوانب العملية كان عرض الشاحنات مثل «سيلفرادو» من «جنرال موتورز»، و«رام 1500» من «كرايسلر» و«فورد رينغر». وتتوجه هذه الشاحنات إلى أسواق الشرق الأوسط بالإضافة إلى السوق الأميركية. وهي تعتمد على هياكل خفيفة من الألمنيوم مع محركات بشحن توربيني لتوفير عزم الدوران اللازم مع اقتصادية في استهلاك الوقود.
توجهات الصناعة
ولا تقتصر أهمية معرض ديترويت هذا العام على السيارات المعروضة، بل تتخطاها إلى توجهات الصناعة في المدى المتوسط من خلال تصريحات رؤساء الشركات ومسؤوليها. ومن أهم التصريحات التي صدرت في المعرض كان إعلان شركة «فورد» أنها بصدد استثمار 11 مليار دولار على إنتاج 16 طرازاً لسيارات كهربائية خلال السنوات الخمس المقبلة، وهو ضِعف الاستثمار الذي سبق لها الإعلان عنه. وتشمل استثمارات «فورد» أيضاً 24 سيارة هايبرد. ومن أفكار «فورد» الجديدة سيارة رباعية رياضية تشبه موستانغ في تصميمها وتعمل بالدفع الكهربائي اسمها «ماك 1». وبحلول عام 2020 سوف تعرض الشركة أيضاً نماذج هايبرد من موستانغ.
وقالت مصادر شركة «جنرال موتورز» إنها أيضاً بصدد إنتاج 20 طرازاً كهربائياً أو بخلايا الوقود بحلول عام 2023 ولكن الشركة لم تعلن عن حجم استثمارها. وأعلنت شركة «إنفينيتي» أنها سوف تتحول إلى إنتاج سيارات كهربائية في أغلبها بحلول عام 2021. وأكد هيروتو سايكاوا رئيس شركة «نيسان»، وهي الشركة الأم لفرع «إنفينيتي»، أن التحول الكهربائي سوف يعتمد على نظام «إي باور» من «نيسان» والذي يستخدم محركات بترولية صغيرة لتوليد الكهرباء في السيارات بدلاً من المساهمة في دفعها.
من توجهات الصناعة أيضاً بيع السيارات عبر الإنترنت، وفي هذا الصدد قالت مديرة مبيعات شركة «مرسيدس» بريتا سيغر، إنها تتوقع أن تبلغ نسبة المبيعات على الإنترنت نحو 25% بحلول عام 2025.
من ناحيته أعلن سيرجيو ماركيوني رئيس مجموعة «فيات كرايسلر»، أن شركة «فيراري» سوف تنتج سيارة كهربائية سوبر تنافس بها سيارات «تيسلا»، كما أكد عزم شركة «فيراري» على إنتاج أول سيارة من النوع متعدد المهام (SUV) لكي تكون الأسرع في السوق بحلول عام 2019. ونفى ماركيوني ما تردد من أن المجموعة تنوي بيع قطاع «جيب»، وتوقع أن تتحول المجموعة إلى تحقيق فوائض مالية بداية من منتصف العام الجاري.
أجمل النماذج
من أبرز النماذج التي لفتتت الأنظار في معرض ديترويت كانت سيارة «لكزس» الرباعية الرياضية «إل إف - 1 ليمتليس» التي تعتزم الشركة إنتاجها بنظم دفع مختلفة بين الكهربائي وخلايا الوقود والهايبرد بالشحن الخارجي. وهي تنافس في القطاع الرباعي الرياضي الفاخر وتتميز بتصميم مبتكر بشبكة أمامية تحمل سمات «لكزس»، وبخط عرضي للإضاءة الخلفية. وتتوجه الشركة نحو تقديم نماذج كهربائية من كل سياراتها بحلول عام 2025.
ومن قمة الفخامة في «لكزس» إلى القدرات الرباعية الخاصة في سيارة «جي كلاس» التي قدمتها شركة «مرسيدس» للإعلام على مسرح ميتشغان وسط شعلات من النيران وتقديم من رئيس الشركة ديتر زيتشه، والممثل العالمي أرنولد شوارزنيغر. وسوف تباع السيارة في أسواق 2018 بمحرك سعته 4 لترات بثماني أسطوانات وشاحن توربيني مزدوج يولد قدرة 416 حصاناً.
من السيارات التجريبية التي ظهرت في المعرض كانت «إنفينيتي كيو» وهي ذات تصميم انسيابي بسقف زجاجي وأضواء خلفية متواصلة بعرض السيارة. وفي الداخل يبدو الكونسول الوسطي طافياً بطول السيارة بين المقاعد الأمامية والخلفية. ويتم التحكم في كل الوظائف عبر شاشة فعالة تعمل باللمس. وهي تخالف تيار السيارات التجريبية في أنها ليست كهربائية بل تعمل بمحرك بترولي مما يجعل فرص إنتاجها قريباً افتراضاً واقعياً.
ومن «بي إم دبليو» ظهرت نماذج جديدة للسيارة الهايبرد الرياضية «آي 8» بفئتي «كوبيه» و«رودستر»، كما كشفت شركة «هوندا» عن الجيل الجديد لسيارات «إنسايت» الهايبرد، وعرضت شركة «هيونداي» نموذج «فيلوستار كوبيه»، وظهر أيضاً الجيل الجديد من سيارات «جيب شيروكي». وعرضت شركة «تويوتا» طراز «أفالون» الصالون الفاخر، بينما شاركت شركة «جاك» الصينية بعدد من النماذج من بينها سيارة اسمها «جي إيه 4» من النوع الرباعي الرياضي. وعرضت شركة «فولكسفاغن» سيارة من نوع «جيتا» مصنوعة في المكسيك ومخصصة للسوق الأميركية وحدها.
وكشفت شركة «نيسان» عن نموذج افتراضي جديد في القطاع الرباعي الرياضي أطلقت عليه اسم «كروس موشن»، وهو بحجم كبير ويتسع لستة ركاب ويحمل معالم تصميم الشركة في المستقبل.
وتقول مؤشرات معرض ديترويت هذا العام إن صناعة السيارات تمتزج تدريجياً مع صناعة الإلكترونيات، وإن بعض الشركات ما زالت تعتمد على تراثها القديم مثل «موستانغ» من «فورد»، و«جي كلاس» من «مرسيدس». كما أن شركات الصين تقترب رويداً رويداً من اقتحام السوق الأميركية بنماذج عملية ظهرت بشائرها في معرض هذا العام.