مبعوث فرنسي في رام الله ناقلاً «رسالة أميركية»

TT

مبعوث فرنسي في رام الله ناقلاً «رسالة أميركية»

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أوفد مستشاره الرفيع، أورليان لا شيفالييه، إلى رام الله في «مهمة دبلوماسية دقيقة»، هي عبارة عن «نقل رسالة من الإدارة الأميركية» تدعو الفلسطينيين إلى «التروي والانتظار» حتى تصدر «خطة السلام الأميركية»، وتقول لهم إنهم قد يغيّرون في ضوئها رأيهم في السياسة الأميركية.
وقالت هذه المصادر إن المستشار السياسي الخاص بالرئيس الفرنسي، لا شيفالييه، زار رام الله خلال الأسبوع الماضي، والتقى بمسؤولين فلسطينيين كبار، أبرزهم أمين سر اللجنة التنفيذية رئيس دائرة المفاوضات، الدكتور صائب عريقات، ورئيس جهاز المخابرات ماجد فرج. وأضافت أنه أجرى مع الفلسطينيين مباحثات حول مبادرة ترمب المرتقبة، دافعاً باتجاه عدم رفضها وإعطائها فرصة. وأكدت أن هذه الزيارة تمت بالتنسيق التام مع الإدارة الأميركية. وأن المستشار الفرنسي أوضح خلالها أن الرئيس ماكرون ينصح الرئيس محمود عباس بأن يفتح الباب أمام الحوار باعتبار أنه «يجب إعطاء فرصة لعملية سياسية بين إسرائيل والفلسطينيين بناء على مبادرة ترمب والامتناع عن قطع الخيوط».
وأكدت مصادر إسرائيلية، أمس، هذه الأنباء، وأكدت أن مبعوث الرئيس الفرنسي قال للفلسطينيين إن أحداً لا يعرف بعد ما هو المضمون الدقيق لخطة السلام الأميركية وإن من حقهم أن يرفضوها إذا لم تعجبهم. ولكن ينبغي المساعدة على تهيئة الأجواء لطرحها، وهذا غير ممكن في الأسلوب الحاد الذي يتبعه الرئيس عباس. وكشفت هذه المصادر أن ماكرون، الذي يجري اتصالات هاتفية شبه يومية مع ترمب، طرح الموضوع الفلسطيني بقوة أمامه وخرج بانطباع أن خطته تتضمن أموراً جدية وأن إسرائيل أيضاً ستشعر بأنه لا يأخذ مطالبها بعين الاعتبار.
ومعروف أن نائب الرئيس الأميركي، مايكل بنس، سيصل إلى المنطقة غداً الأحد وأن مبعوث الرئيس الأميركي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، وصل أول من أمس، الخميس. وفيما يركز بنس على الموضوع الإيراني، سيركّز غرينبلات على بحث الخطوات المستقبلية بعد خطاب عباس في المجلس المركزي الفلسطيني، والذي قالت الحكومة الإسرائيلية إنه جاء حاداً بسبب غضب الرئيس الفلسطيني على «صفقة القرن» التي يعتزم ترمب طرحها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».