لا ينظر معارضون سوريون إلى التقدم المريب لعناصر «داعش» في ريف إدلب الشرقي خلال اليومين الماضيين، إلا في إطار «تقاطع المصالح» مع قوات النظام التي نقلت قيادات للتنظيم من جنوب دمشق إلى الشمال قبل أسبوعين، وتستخدم عناصره تمهيدا لعملياتها، بما يشبه «التمهيد الناري»، محذرين من تغلغل التنظيم المتطرف إلى عمق إدلب، والتقدم شمالا نحو جبل الحصّ الاستراتيجي.
وتمدد «داعش» على نحو مفاجئ في عمق الريف الشرقي لمحافظة إدلب، يوم الأربعاء الماضي، وبات يسيطر على 63 بلدة وقرية في ريفي إدلب وحماة، ليصل إلى مسافة تبعد نحو 15 كلم عن مطار أبو الضهور العسكري. وجرى هذا التقدم في محورين أحدهما على حساب قوات النظام والآخر على حساب «هيئة تحرير الشام»، واستقدم التنظيم تعزيزات من مئات المقاتلين وصلت عبر مناطق سيطرة قوات النظام في البادية السورية.
وبينما أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن محاور التماس بين قوات النظام وتنظيم داعش لم تشهد أي قتال سوى منذ بضعة أيام حين بدأت قوات النظام بهجوم محدود سيطرت خلاله على قرية وتلة، قبل أن ينفذ التنظيم هجوما نحو الشمال ويصل إلى تخوم بلدة سنجار، رأى المعارضون أن هذا التقدم للتنظيم «منسّق مع النظام»، ويهدف إلى التمدد في مناطق «هيئة تحرير الشام»، كي «يتمكن النظام في وقت لاحق من احتواء التنظيم والسيطرة على مناطق تمدد (داعش)».
وقال الباحث في حركة التنظيمات المتطرفة عبد الرحمن الحاج، إن تقاطع المصالح بين النظام والتنظيم ضد التنظيمات الأخرى التي تعتبر «خاصرة رخوة» بالنسبة للطرفين «يدفعهما إلى تنسيق أدوار في المعارك الحالية»، لافتا إلى أن النظام «نقل قيادات (داعش) من الحجر الأسود في جنوب دمشق قبل أسبوعين إلى ريفي إدلب لقتال (الجيش الحر) و(هيئة تحرير الشام)».
وأوضح الحاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «القوات البرية النظامية العاملة في ريف إدلب هي في الغالب غير مدربة، وهو ما يدفعه للبحث عن مقاتلين أكثر خبرة، وجدهم في (داعش) الذي يمتلك خبرة في قتال الفصائل»، لافتا إلى أن ذلك «يتم باتفاق يتيح لـ(داعش) التقدم في مناطق المعارضة، وتسليمها في وقت لاحق بصفقات للنظام».
وعن قتال «داعش» النظام في المعارك الأخيرة، اعتبر الحاج أن ذلك التمدد «هو شكل من أشكال الاتفاق، ويشكل حلقة من جبهة كبيرة تصل بالتنظيم إلى مطار أبو الظهور ويتمدد منها إلى جبل الحص الاستراتيجي في الشمال، ما يسهل على النظام استعادة المطار في وقت لاحق». ورأى أن «داعش» يمثل اليوم «قوة تمهيد أمام النظام، تشبه التمهيد الناري وتمثل طلائع النظام إلى عمق إدلب».
وتلتقي تلك المعلومات مع حديث المعارضين عن «تقدم مريب لـ(داعش) في إدلب، يستكمل ما بدأه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي حين بدأ بالتوغل في ريف حماة الشرقي إثر إبعاده من بادية حماة»، وذلك «عبر قوات النظام التي تفتح الباب أمام تقدم مشابه». وقالت مصادر إن هناك مخاوف جدية من أن يتمدد التنظيم في عمق إدلب إذا ما حصل على مبايعات من عناصر القاعدة وخلاياه النائمة في إدلب، «ما يقوي ذرائع النظام لضرب المنطقة المشمولة باتفاقات خفض التوتر».
ويحاول تنظيم داعش التقدم باتجاه تل الضمان في ريف حلب الجنوبي، وفق ما قالت مصادر إعلامية متطابقة. ونقلت «عنب بلدي» عن مصادر عسكرية معارضة أن التنظيم دخل قريتي أم تينة والمزيونة الواقعتين جنوب غربي تل الضمان، وسط اشتباكات تجري في المنطقة.
وتراجعت المعارك في مناطق أخرى، بسبب غياب الغطاء الجوي الناتج عن سوء الأحوال الجوية، التي اخترقها قصف استهدف ريف معرة النعمان الواقعة بالقطاع الجنوبي من ريف إدلب.
وكانت الطائرات الحربية استهدفت صباح أمس مناطق في بلدة أبو الظهور وأطراف قريتي مرديخ ومعردبسة بريف بلدة سراقب شرق إدلب، ومناطق أخرى في مدينة خان شيخون وقريتي فروان وبرسة الواقعة بريف إدلب الجنوبي.
إلى ذلك، جددت قوات النظام استهدافها مناطق في غوطة دمشق الشرقية، حيث قصفت بسبع قذائف صاروخية مناطق في بلدتي حزرما والنشابية الواقعتين في منطقة المرج التي يسيطر عليها «جيش الإسلام»، في حين قصفت قوات النظام بـ15 قذيفة على الأقل، مناطق في مدينة حرستا، وبيت سوى.
وتحدث موقع «عنب بلدي» أن قوات النظام تحاول فتح طريق إمداد بري لمواقعها، التي تحاصرها المعارضة داخل إدارة المركبات، في حرستا بالغوطة الشرقية. وأشارت إلى أن هجمات النظام «تركزت على محورين، الأول محور حرستا - عربين من جهة الأمن الجنائي، والثاني هو محاولة عناصر الإدارة فتح ثغرة من الداخل إلى الخارج»، رغم أن لا جديد على الخريطة الميدانية بحسب ما قال المتحدث الرسمي باسم «حركة أحرار الشام» في الغوطة.
«تقدم مريب» لـ«داعش» نحو جبل استراتيجي شمال سوريا
«تقدم مريب» لـ«داعش» نحو جبل استراتيجي شمال سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة