ماكرون ينوه بـ«سلوك» المعارضة في «جنيف» ووفد دمشق يشارك في مفاوضات فيينا

TT

ماكرون ينوه بـ«سلوك» المعارضة في «جنيف» ووفد دمشق يشارك في مفاوضات فيينا

أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ«السلوك البناء» للمعارضة السورية خلال مفاوضات جنيف، وذلك بعد استقباله وفدا من المعارضة في قصر الإليزيه، في وقت أفاد فيه السفير رمزي رمزي، نائب المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا، بأن وفد الحكومة السورية سيحضر محادثات السلام في فيينا الأسبوع المقبل.
وأفاد بيان صادر عن «الإليزيه» بأن ماكرون «أشاد بعمل الهيئة العليا (السورية) للمفاوضات، وجدد دعم فرنسا لمعارضة سورية موحدة». كما «أشاد بالسلوك البناء للمعارضة السورية خلال مفاوضات (جنيف8)، وشجعها على مواصلة جهودها خلال جولة المفاوضات المقبلة» بحسب البيان.
واستقبل الرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه وفدا من المعارضة السورية برئاسة نصر الحريري. وتابع بيان «الإليزيه» أن «فرنسا ستواصل بذل كل ما هو ممكن مع الدول المعنية من أجل التقدّم نحو عملية انتقال سياسي شاملة في سوريا» برعاية الأمم المتحدة.
وأعلنت الأمم المتحدة أول من أمس أنها ستستضيف جولة جديدة من محادثات السلام حول سوريا في فيينا الأسبوع المقبل، قبل أيام من افتتاح مؤتمر تنظمه روسيا حول سبل إنهاء الحرب.
وسيلي المحادثات المرتقبة في 25 و26 يناير (كانون الثاني) الحالي في فيينا، مؤتمر سلام يعقد في منتجع سوتشي البحري الروسي في 29 و30 من الشهر نفسه في محاولة لإيجاد تسوية للنزاع السوري المستمر منذ نحو 7 سنوات.
وقالت الأمم المتحدة إن دي ميستورا «يتوقع أن تحضر الوفود إلى فيينا وهي جاهزة لعمل جوهري معه».
من جهته، قال «الائتلاف الوطني السوري» المعارض في بيان إن الحريري التقى ماكرون ضمن جولة أوروبية تقوم بها الهيئة، استعداداً لجولة المفاوضات المقبلة التي تجرى الأسبوع المقبل في العاصمة النمساوية فيينا.
وأكد الحريري خلال لقائه الرئيس الفرنسي أن «الهيئة تسعى جاهدة لتطبيق القرارات الدولية من خلال تحقيق الانتقال السياسي الحقيقي في سوريا، وفق بيان جنيف والقرار (2254)»، بحسب البيان الذي أفاد بأن «روسيا تقف بوجه جميع المبادرات الدولية لإيجاد الحل في سوريا، ومنها مؤتمر (سوتشي)، مشدداً على أن وضع الشروط المسبقة وقصف المدن والبلدات هو الذي يقوض العملية السياسية ويمنعها من التقدم».
ولفت الحريري إلى أن «روسيا تسعى لعقد مؤتمر (سوتشي) لتحقيق ما لم تستطع تحقيقه في المحادثات التي عقدت سابقا في العاصمة الكازاخية آستانة».
والتقى وفد «الهيئة» وزير الخارجية الإيطالي أنجيلينو ألفانو، في روما، فيما ينتقل اليوم إلى العاصمة الألمانية برلين.
من جهته، أكد الرئيس الفرنسي على مواصلة دعم بلاده العملية السياسية الجارية في جنيف، مشدداً على أن عملية إعادة الإعمار لن يشارك فيها الاتحاد الأوروبي قبل بدء المرحلة الانتقالية الخالية من حكم الأسد، بحسب بيان «الائتلاف».
وفي دمشق، قال رمزي إن الحكومة السورية ستحضر محادثات ترعاها المنظمة الدولية في فيينا الأسبوع المقبل. وقال رمزي في مؤتمر صحافي بدمشق إن فيصل المقداد، نائب وزير الخارجية السوري، أبلغه بعزم الحكومة على الحضور.
وقال رمزي، بعد لقائه نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، للصحافيين: «لا شك أن نجاح فيينا هو نجاح لسوتشي. وبهدف إنجاح (محادثات) فيينا (...)، ارتأى المبعوث الخاص أن نركز على المسائل الفنية وهي المسائل الدستورية» في النقاش.
ومن المقرر أن يلي هذه المحادثات المرتقبة مؤتمر حوار بين ممثلي الحكومة والمعارضة السوريتين يعقد في منتجع سوتشي البحري نهاية الشهر الحالي، في إطار الجهود التي تبذلها روسيا بشكل رئيسي بالتعاون مع إيران وتركيا لتسوية النزاع السوري.
وردا على سؤال حول مؤتمر سوتشي، قال رمزي: «أعتقد مما يتردد أن أهم موضوع سيتم تناوله في سوتشي هو موضوع الدستور»، مؤكدا: «نحن حريصون على وجود تكامل بين المسارين كما كان الوضع بالنسبة لآستانة» في إشارة إلى محادثات عقدت برعاية موسكو وطهران حليفتي دمشق وأنقرة الداعمة للمعارضة، وأفضت إلى تشكيل مناطق خفض توتر في سوريا وتراجع وتيرة القتال.
وتابع رمزي: «عندما تأتي الأطراف السورية المختلفة (إلى فيينا) نستطيع بناء على ذلك أن نحدد موقفنا من مؤتمر سوتشي»، موضحا: «نتشاور مع الجانب الروسي وهو راع أساسي» لعملية السلام في سوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.