حركتان مسلحتان مستعدتان للتفاوض مع الخرطوم بشروط

عرمان: لا نتطلع لتقاسم السلطة والثروة مع الحكومة الحالية

TT

حركتان مسلحتان مستعدتان للتفاوض مع الخرطوم بشروط

قالت الجبهة الثورية المسلحة، بزعامة مساعد الرئيس السابق منِّي أروكو مناوي، إنها تلقت طلبا للجلوس مع الحكومة السودانية في العاصمة الألمانية برلين نهاية الشهر الحالي، في وقت أكدت فيه الحركة الشعبية، بقيادة مالك عقار، إمكانية انخراطها وفصيل الحركة الآخر تحت قيادة عبد العزيز الحلو، في عملية السلام والحل الشامل، وتؤكد أنها لا تتطلع إلى تقاسم السلطة والثروة مع النظام الحالي.
وقال المتحدث الرسمي باسم تحالف الجبهة الثورية، محمد زكريا فرج الله، في بيان صحافي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن هناك طلبا لعقد لقاء بين الجبهة الثورية والحكومة السودانية في برلين بنهاية يناير (كانون الثاني) الجاري، مشيرا إلى أن اللقاء يرمي إلى توقيع اتفاق يمهد إلى إجراء مفاوضات بين هذه الإطراف.
واشترطت الجبهة، في بيانها قبل عقد هذا اللقاء مع الحكومة، أن يتم إطلاق سراح جميع المعتقلين والناشطين السياسيين الذين اعتقلتهم السلطات، بسبب مشاركتهم في المظاهرات السلمية التي انتظمت في العاصمة الخرطوم وعدد من المدن السودانية. وعبر المتحدث باسم الجبهة الثورية عن شكره لكل من جمهورية ألمانيا الاتحادية ورئيس البعثة المشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في دارفور (يوناميد)، على بذلهم الجهود في الوساطة بين الأطراف، وسعيهم إلى تحقيق السلام في السودان.
من جهة ثانية، قال نائب رئيس الحركة الشعبية - شمال ياسر عرمان في ورقة قدمها للمعهد البريطاني للدراسات الاستراتيجية في لندن، أول من أمس، إن حركته مستعدة للانخراط في عملية السلام وبمشاركة فصيل الحركة الآخر تحت قيادة عبد العزيز الحلو، وصولا للحل الشامل للأزمة في البلاد.
وقال عرمان، في ورقته، إن مفاوضات السلام ضرورية، لكي تخاطب خصوصيات مناطق الحرب ولوضع ترتيبات أمنية جديدة، وضمان المواطنة وتحقيق العدالة الاجتماعية في سياق وطني واسع، مشددا على أن الحلول الجزئية لم تنجح في الماضي، ولن تنجح في المستقبل. وأشار عرمان إلى أن الحركة الشعبية لا تتطلع إلى قسمة السلطة والثروة في ظل الوضع القائم في البلاد حالياً، لكنه عاد وقال: «نحن نتطلع بدلا عن ذلك إلى وضعية تضمن صيغة لقسمة السلطة والثروة لصالح تمكين الناس المهمشين وليس النخب... لم تعد لدينا رغبة في قسمة السلطة مع هذه الحكومة، ولكننا نرغب في تحقيق سلام قابل للاستدامة».
إلى ذلك رحب رئيس مكتب سلام دارفور، مجدي خلف الله، بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة عن حملة جمع السلاح التي حققت نجاحا كبيرا وتقدما ملموسا أدى إلى تحسن الأمن والاستقرار. وقال خلف الله إن استقرار الأوضاع عقب انتهاء التمرد سيسهم في عمليات البناء والتنمية بتنفيذ البرامج التي نصت عليها اتفاقية السلام في دارفور. وأضاف أن عملية العودة الطوعية للنازحين واللاجئين إلى قراهم ستتم بعد اكتمال تنفيذ بنود اتفاق السلام. ويتوقع أن يتم إعلان تشكيل المجلس الأعلى للسلام برئاسة الرئيس عمر البشير، ينوبه رئيس الوزراء بكري حسن صالح، ووزير رئاسة الجمهورية فضل محمد، وشخصيات وطنية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.