منظمة حقوقية متفائلة باتساع «مقاومة» الشعبوية

TT

منظمة حقوقية متفائلة باتساع «مقاومة» الشعبوية

اعتبرت «هيومن رايتس ووتش» في تقريرها السنوي لعام 2018، أن فوز الفرنسي إيمانويل ماكرون يشكل «المثال الأوضح لنجاح مقاومة الشعبوية» التي انتشرت في الكثير من دول العالم. وأشادت المنظمة في تقريرها السنوي بمقاومة المد الشعبوي، وقالت: إن ذلك أمر ممكن، مشيدة «بالهجوم المضاد» السياسي من قبل الحركات الجماهيرية في العالم تحت تأثير صدمة انتخاب الكثير من الشخصيات والأحزاب الشعبوية في أوروبا.
وبينما ترسم وثيقتها المرجعية، التي تستعرض الوضع في تسعين بلداً، صورة قاتمة للوضع عن التعصب والعنصرية وانتهاكات حقوق الإنسان، اختارت المنظمة غير الحكومية هذه السنة التركيز على جوانب تدعو إلى التفاؤل.
وعبرت المنظمة، التي تتخذ نيويورك مقراً لها، عن ارتياحها في بيان أن «القادة السياسيين الراغبين في النضال من أجل مبادئ حقوق الإنسان أظهروا أنه يمكنهم وضع حد للخطط الشعبوية». وأضافت: «عندما تضافرت جهود هؤلاء القادة مع تحركات الجماهير والفاعلين النشطين من خلفيات عدة، أثبتوا أن صعود الحكومات المناهضة للحقوق ليس حتمياً».
وقال المدير التنفيذي للمنظمة، كينيث روث، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية: «قبل عام وبينما كان دونالد ترمب يدخل إلى البيت الأبيض» في الولايات المتحدة «كنا في حالة يأس». وأضاف: «كان لدينا انطباع بأن الشعبويين في أوج صعودهم ولا يمكننا فعل أي شيء لوقفهم».
وقال كينيث روث، لوكالة الصحافة الفرنسية: إن ماكرون «خاض فعلاً حملته بالدفاع عن الديمقراطية وحقق فوزاً كبيراً، أما منافسة أقل تسامحاً بكثير وحاقدة»، في إشارة إلى مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، وإن كان معدو التقرير رأوا أن «الأشهر الأولى له في منصبه أظهرت سجلاً مختلطاً... مع زيارته الصامتة للصين بما يدعو إلى القلق». قالت: «هيومن رايتس ووتش»: إنه «في أوروبا الوسطى واجهت الحكومات الشعبوية الاستبدادية أيضاً مقاومة» شعبية، وكذلك من الاتحاد الأوروبي. وذكرت خصوصا بولندا والمجر.
وتحدث التقرير عن تعبئة الشارع ضد «جهود الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الرامية إلى إفراغ الديمقراطية من مضمونها في فنزويلا». كما تحدث عن «مسيرة النساء في الولايات المتحدة» التي تحولت إلى «ظاهرة عالمية لدعم حقوق المرأة (...) حتى قبل حركة #أنا أيضاً» ضد التحرش الجنسي. وحول الولايات المتحدة، عبّر روث عن ارتياحه «لموجة المقاومة من قبل من قبل قضاة وقادة سياسيين ومجموعات مواطنين، وكذلك الرأي بشكل عام».
وقال: إن الرئيس دونالد ترمب «سبب الكثير من الأضرار لكن تم احتواء هذه الأضرار، خصوصاً جهوده لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة ولتقليص برنامج التأمين الصحي». لكن التقرير لا يقتصر على الأنباء السارة. وقال كينيث روث: إن «بعض القوى الرئيسية التي كنا نميل إلى الاعتماد عليها لتشجيع حقوق الإنسان اختفت». وذكر خصوصاً بريطانيا التي باتت «منشغلة بـ(بريكست)»؛ ما يمنعها من لعب دور أساسي في هذا المجال.
ونقلت المنظمة في بيانها عن روث تحذيره، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، من «تراجع الحكومات التي قد تدافع عن حقوق الإنسان بما فيها الولايات المتحدة، المملكة المتحدة المشغولة بخروجها من الاتحاد الأوروبي، والبلدان الأوروبية التي تتصدى لتأثير الشعبويين الكارهين للأجانب». لكنها قالت: إن «كثيراً من الدول الصغيرة والمتوسطة قفزت إلى الواجهة»، مثل هولندا ولشتنشتاين وآيسلندا و«أحدثت فرقاً» بتحركها بشأن بعض المناطق التي تشهد أزمات. وعبرت المنظمة عن أسفها لأنه في النمسا وهولندا «تنافس زعماء أحزاب يمين الوسط عن طريق اعتماد مواقف كراهية الأجانب ومهاجمة المهاجرين والمسلمين، ومن ثم تعميم السياسات الشعبوية المسيئة».
ومن هذه الصورة المتناقضة، يستخلص روث «درساً» يفيد بأن «هناك معركة جارية» ضد الشعبوية، وأنها «معركة تستحق أن تخاض».


مقالات ذات صلة

لا نهاية قريبة لظاهرة التشدد الهندوسي الشعبوي في الهند

حصاد الأسبوع لا نهاية قريبة لظاهرة التشدد الهندوسي الشعبوي في الهند

لا نهاية قريبة لظاهرة التشدد الهندوسي الشعبوي في الهند

تمكّن حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الهند من الخروج منتصراً في أربع ولايات هندية من أصل خمس شهدت الانتخابات المحلية في الفترة الأخيرة. وكان ينظر إلى هذه الانتخابات باعتبارها اختباراً لشعبية رئيس الوزراء القومي اليميني ناريندرا مودي قبل الانتخابات العامة المقرّرة في 2024، عندما يسعى للحصول على فترة ولاية ثالثة. حزب بهاراتيا جاناتا، رأس اليمين القومي الهندوسي الهندي، احتفظ بالسلطة في أربع ولايات - أوتار براديش (أكبر ولايات الهند من حيث عدد السكان) وأوتارانتشال وغوا ومانيبور. ونال الحزب أكبر عدد من الأصوات داخل الولايات الأربع من بين الأحزاب السياسية المشاركة في السباق الانتخابي.

براكريتي غوبتا (نيودلهي)
حصاد الأسبوع آراء متشائمة إزاء مستقبل التسامح والتعددية

آراء متشائمة إزاء مستقبل التسامح والتعددية

> يرى العالم السياسي الهندي سوهاس بالشيكار، أن ثمة جوانب رئيسة للتحوّل الجاري على صعيد الثقافة السياسية للهند المعاصرة، أبرزها: أولاً، أن الناخب الهندوسي العادي اليوم يميل، على ما يبدو، أكثر عن أي وقت مضى ليصبح جزءاً من كتلة الناخبين المؤيدة للهندوتفا، والتي جرت تعبئتها سياسياً. وأظهر حزب بهاراتيا جاناتا، على مدى العقد الماضي، مراراً وتكراراً قدرته على استقطاب فعّال للناخبين على أساس الهوية الدينية.

أولى «الشعبوية»... من شعار إلى برنامج حكم

«الشعبوية»... من شعار إلى برنامج حكم

بعدما بدأت شعاراً فقط، باتت «الشعبوية» الآن برنامج حكم يتسع على امتداد عدد من الدول الغربية المؤثرة، ويمتد صداه إلى دول أخرى. وتمثل آخر الحصاد الشعبوي بوصول بوريس جونسون إلى منصب رئيس الحكومة البريطانية مؤخراً، رغم أن حدثاً كهذا كان يبدو مستبعداً قبل عقد من الزمان؛ فأن يصل سياسي بمواصفات جونسون إلى قيادة إحدى أعرق الديمقراطيات الغربية لم يكن في الحسبان، فلا حزبه، حزب المحافظين، كان يتيح ذلك، نظراً لميل تقليدي في صفوفه إلى الاعتدال واتساع مساحة النقاش الداخلي، ولا بريطانيا كانت تُعرف عنها مسايرتها لسياسات هي أقرب إلى العنصرية والتماهي مع اليمين المتطرف، كما هي اليوم. وقبل وصوله إلى لندن، كان هذ

«الشرق الأوسط» (لندن)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.