تعليق المساعدات الأميركية لباكستان يثلج صدر الهند

الخطوة تزيد من نفوذ بكين عدوها الآسيوي الثاني بعد إسلام آباد

شرطي باكستاني يحرس طريق الحرير الجديد (أ.ب)
شرطي باكستاني يحرس طريق الحرير الجديد (أ.ب)
TT

تعليق المساعدات الأميركية لباكستان يثلج صدر الهند

شرطي باكستاني يحرس طريق الحرير الجديد (أ.ب)
شرطي باكستاني يحرس طريق الحرير الجديد (أ.ب)

التراجع الكبير الذي أصاب العلاقات الأميركية مع باكستان، عدوة الهند اللدود، إثر القرار الأميركي بتعليق المساعدات العسكرية إلى أسلام آباد، أثلج صدر نيودلهي، إلا أنها نأت بنفسها متوخية كثيرا، من الحذر ومبتعدة عن إصدار أي تصريحات رسمية تتعلق بالأمر حتى الساعة.
بعض المصادر المطلعة بوزارة الخارجية الهندية، تؤكد أن وزيرة خارجية البلاد سوشما سواراج، قد التقت مع السفير الأميركي لدى الهند كينيث جاستر، بعد ساعات من إعلان الإدارة الأميركية عن اعتزامها تعليق كافة المساعدات الأمنية المقدمة إلى باكستان، ما لم تتخذ الأخيرة تدابير حازمة بشأن الجماعات الإرهابية التي تستهدف أفغانستان انطلاقا من أراضيها. الهند رحبت بحماس بالاستراتيجية الأميركية لجنوب آسيا التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أغسطس (آب) من العام الماضي، وكذلك باستراتيجية الأمن القومي الأميركية الجديدة في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، وكلا الاستراتيجيتين دعتا باكستان إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءات ضد الملاذات الإرهابية الآمنة على أراضيها، التي تستهدف القوات الأميركية المنتشرة في أفغانستان، أو مواجهة العواقب الوخيمة بدلا عن ذلك.
أسباب كثيرة وراء
الموقف الهندي الراهن
أولا، لم يكن الإعلان الأميركي من قبيل المفاجآت بالنسبة إلى نيودلهي، إذ جاء بعد ثلاثة شهور فقط من إخطار إدارة الرئيس ترمب للكونغرس الأميركي باعتزامها حجب شريحة من التمويل العسكري الأجنبي بقيمة 255 مليون دولار عن إسلام آباد. ثانيا، لا تزال الشكوك تساور نيودلهي بشأن الجماعات الإرهابية المناوئة للهند - مثل تنظيم «العسكر الطيبة» وتنظيم «جيش محمد» اللذين يستهدفان الهند - والتي تتخذ لها ملاذات آمنة في باكستان، وأن الهند لم تعثر على أي إشارة محددة من قبل إدارة الرئيس ترمب في التصريحات الرسمية الحالية.
وعلق السفير الهندي الأسبق لدى أفغانستان، والمسؤول الكبير حاليا في وزارة الخارجية الهندية على الأمر قائلا: «لقد أظهر الرئيس الأميركي أنه شخصية مختلفة من نواح عدة. غير أنه لا بد من متابعة الأمر من جانب الولايات المتحدة أيضا. إذ إن الاعتماد الأميركي على التعاون الباكستاني في العمليات العسكرية داخل أفغانستان لم يتوقف تماما. وتأثير الضربة القاصمة لما يحدث نتيجة لهذه الضغوط هو ما لا تزال نيودلهي في انتظاره».
وفي الأثناء ذاتها، ذكر المبعوث الأميركي إلى الهند، كينيث جاستر، مؤخرا، أن حكومة بلاده، إلى جانب حلفائها، تتطلع إلى تأمين عضوية الهند في المجموعة الدولية لموردي المواد النووية. وأضاف قائلا: «إننا قيد العمل مع شركائنا لتأمين عضوية الهند في المجموعة الدولية لموردي المواد النووية».
وكانت نيودلهي تتطلع إلى الانضمام إلى المجموعة الدولية الراقية، التي تضم 48 عضوا، والتي تسيطر على تجارة المواد النووية، غير أن الصين قد عرقلت، مرارا وتكرارا، محاولات الهند للانضمام إلى المجموعة.
بناء قاعدة عسكرية
صينية في باكستان
من غير المتوقع أن تتأثر باكستان كثيرا بحجب الولايات المتحدة مبلغ ملياري دولار من دعم صندوق التحالف؛ إذ إن الميزانية الدفاعية الباكستانية أدنى بقليل من 10 مليارات دولار، ولذلك فإن تعليق المساعدات المالية العسكرية الأميركية سوف يؤثر ولكن بدرجة ليست كافية تدفع إسلام آباد إلى تغيير سياساتها باستخدام الإرهاب، كسياسة حكومية ضد الهند وضد أفغانستان.
ومن الحقائق الواقعة أن باكستان سوف تحصل على التمويل من أكثر من جهة مانحة، ومن شأن «الأخ الحديدي»، أو الصين، أن يعمل على تخفيف المشقات الاقتصادية التي تنجم عن الموقف الأميركي الجديد. وبعد قرار وقف المساعدات، أعلن البنك المركزي الباكستاني أنه يعتزم استبدال اليوان الصيني بالدولار الأميركي في التعاملات التجارية الثنائية والاستثمارات مع الصين. وفور إعلان الولايات المتحدة عن خطوتها المتخذة ضد إسلام آباد، أشارت صحيفة «غلوبال تايمز»، لسان حال الحكومة الصينية، إلى تقارير إخبارية تفيد بأن بكين كانت تتفاوض مع إسلام آباد لبناء القاعدة العسكرية الصينية الثانية خارج البلاد، في منطقة جيواني بالقرب من ميناء غوادار الذي شيدته الصين. كما ألقت وسائل الإعلام الصينية الرسمية باللائمة على الهند في الخطوة الأميركية المتخذة أخيرا ضد باكستان، وهذا ما عبرت عنه افتتاحية الصحيفة المذكورة.
وفي حين أن البرامج النووية والصاروخية الباكستانية تحظى بالدعم والمساندة الصينية الكبيرة، وفي ضوء تطلعات بكين إلى التخفيف من آثار الشراكة الأميركية الهندية في منطقة المحيط الهندي والهادي، فإن المحور الصيني الباكستاني يبقى بوليصة التأمين الباكستانية الأولى في مواجهة القيود الأميركية الجديدة.
من الجدير بالذكر أن باكستان تعتبر المحور الرئيسي لمبادرة الرئيس الصيني والمعروفة إعلاميا باسم مبادرة «حزام واحد وطريق واحد». وهي تضخ ما يقرب من 50 مليار دولار لصالح هذا المشروع.
يقول سريرام تشوليا، الأستاذ الجامعي وعميد كلية جيندال للشؤون الدولية: «سوف تكون للخطوة الأميركية تداعيات عالمية كبيرة تتجاوز المشكلات التي تشكلها باكستان، ومن شأنها أن تجذب الصين إلى المضمار. ومن المؤكد أن تسفر عن إعادة تشكيل المشهد الجيو - سياسي في المنطقة».
تداعيات الخطوة الأميركية على الهند
يقول خبراء الدفاع إنه ليست هناك علاقة للخطوة الأميركية الأخيرة بدور الهند في هذه القضية؛ بل على العكس من ذلك، فإن الحرب الباكستانية بالوكالة إلى جانب تسلل المسلحين عبر الحدود سوف يستمر كالمعتاد. ويرجع هذا إلى أن تكاليف إلحاق الضرر بالهند لا تزال ضئيلة بالنسبة إلى باكستان. وأعلن رئيس الأركان الهندي الجنرال بيبين راوات أنه لا ينبغي أن تتوقع نيودلهي أن تقوم واشنطن بالدور الهندي عندما يتعلق الأمر بباكستان. وأضاف الجنرال راوات في مؤتمر صحافي: «من السابق لأوانه كثيرا أن نبدأ في الاعتقاد بأن كل شيء سيكون على ما يرام. ودعونا لا ننتظر أن تضطلع واشنطن بالمسؤوليات الملقاة على عاتقنا». ومع ذلك، كتب الدكتور أرفيند غوبتا، خبير السياسة الخارجية ومدير مؤسسة «فيفيكاناندا» الدولية قائلا: «بالنسبة إلى نيودلهي، فإن خفض المساعدات الأميركية عن باكستان هو من قبيل الأنباء السارة والسيئة: أولا، هي من الخطوات الإيجابية الصافية بالنسبة إلى الهند، من حيث إن علاقات عدوتها اللدود قد صارت مهتزة للغاية مع القوة العظمى الوحيدة في العالم. وما سوف يُلحق الضرر بباكستان هو عرقلة الولايات المتحدة توريد العتاد العسكري وقطع الغيار وتكنولوجيا الأسلحة. وعلى الرغم من أن باكستان قد عملت على تنويع مصادر التسلح لديها من روسيا والصين في السنوات الأخيرة، فإن الأسلحة الأميركية لا تزال تشكل العمود الفقري للجيش الباكستاني وقواته الجوية. وحرمان إسلام آباد من قطع الغيار الأساسية للطائرات الحربية الأميركية الصنع، على سبيل المثال، سوف يؤدي إلى خروجها من الخدمة بمرور الوقت. وإن حُرمت إسلام آباد من هذه المنافع، أو إذا انخفضت مستويات هذه المنافع، فهو من قبيل الانتصارات الواضحة لصالح نيودلهي».
كما أن بعض الصقور الهنود يمارسون الضغوط على نيودلهي لاتخاذ بعض الإجراءات الصارمة ضد باكستان من تلقاء نفسها. وكتب المعلق مينهاز ميرشانت قائلا: «مع ازدياد الضغوط الأميركية على باكستان، لا بد أن تعمل الهند على تنفيذ مجموعة التدابير الخاصة بها في ذلك الصدد. لا بد أن تلغي وضعية الدولة الأكثر استحقاقا للرعاية عن باكستان، مستشهدة في ذلك بموقف عدم المعاملة بالمثل. ووفقا لقواعد العمل في منظمة التجارة العالمية، فإن هذه الخطوة مشروعة تماما. ولا بد للهند من الإسراع من تنفيذ مشروعات الطاقة الكهرومائية في إقليم جامو وكشمير، حتى يمكن استغلال كامل المخصصات المائية الهندية بموجب معاهدة مياه الهند، التي - على نحو غير مفهوم - لم تستفد الهند منها على مدى عقود. وأخيرا، يجب على الحكومة الهندية السماح بعرض مشروع القانون الخاص الذي يدرج باكستان على قائمة الدول الراعية للإرهاب. وترغب نيودلهي من واشنطن أن تضطلع بهذه المسؤولية من جانب مجلس الشيوخ في الكونغرس الأميركي».
وتقول نيتا لال الصحافية الكبيرة في نيودلهي، إن موقف الهند قد يتعزز إثر موقف الرئيس الأميركي الثابت إزاء اتخاذ إجراءات صارمة ضد باكستان. ولكن مع النظر إلى طبيعة الرجل الزئبقية والاهتزازات الشهيرة في مواقفه السياسية، فالسؤال الجدير بالطرح هو: هل سوف ينفذ ترمب فعلا تهديداته المعلنة ضد باكستان؟ إن الهند لا تحبس أنفاسها حقا حيال خطوة كهذه من جانبه حتى الآن.



حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.