العبادي يخوض انتخابات مايو مع العامري والحكيم ضمن «ائتلاف النصر»

قلَب الطاولة على المالكي... ووضع حزب {الدعوة} في مهبّ التكهنات... والصدر يستنكر «التخندق الطائفي»

عناصر من قوات الأمن العراقية يعاينون موقع تفجير طال حاجز تفتيش في بغداد أول من أمس (أ.ب)
عناصر من قوات الأمن العراقية يعاينون موقع تفجير طال حاجز تفتيش في بغداد أول من أمس (أ.ب)
TT

العبادي يخوض انتخابات مايو مع العامري والحكيم ضمن «ائتلاف النصر»

عناصر من قوات الأمن العراقية يعاينون موقع تفجير طال حاجز تفتيش في بغداد أول من أمس (أ.ب)
عناصر من قوات الأمن العراقية يعاينون موقع تفجير طال حاجز تفتيش في بغداد أول من أمس (أ.ب)

بعد ساعات من تسوية ربما هي الأصعب في تاريخ حزب الدعوة، قلب رئيس الوزراء والقيادي البارز في الحزب، حيدر العبادي، الطاولة على زعيم الحزب ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، حين حسم خياره بالائتلاف مع ائتلاف «الفتح» الذي يضم قوى الحشد الشعبي وعدداً من الأحزاب والكيانات السياسية.
وأصدر العبادي بياناً في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، قال فيه: «أعلن لأبناء شعبي الكريم بكل أطيافه ومكوناته وتحت راية العراق الواحد تشكيل ائتلاف (النصر) العابر للطائفية والتفرقة والتمييز، وأدعو المخلصين والكيانات السياسية للانضمام لائتلافنا الوطني الجديد». وبيّن أن «ائتلاف (النصر) سيمضي قدماً بالحفاظ على النصر وتضحيات الشهداء والجرحى والوفاء لمواقف الأبطال في سوح القتال، ومحاربة الفساد والمحاصصة بجميع أشكالها، والاعتماد على الكفاءات الوطنية المخلصة». وأضاف العبادي أن الائتلاف «سيعمل لكل العراقيين، ويعزز وحدة البلاد، وسيادتها الوطنية، ويصحح المسارات الخاطئة، ويحقق العدالة والمساواة بين العراقيين في الحقوق والواجبات». وأكد أن «أوان قطاف النصر قد حان لجميع أبناء شعبنا، فلنعمل معاً لعهد جديد ولحياة أفضل لأجيالنا القادمة، فثروتنا الوطنية والبشرية كفيلة بجعل العراق في طليعة البلدان المستقرة والمزدهرة إذا أحسنّا اختيار الطريق وأخلصنا النيات».
وبعد ساعات من إعلان العبادي، أعلن تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم انضمامه للتحالف الذي تباينت المواقف والآراء بشأن طبيعته، سواء من جهة العبادي ومَن معه من حزب الدعوة وكيانات سياسية أخرى، أو «الحشد» الذي يضم فصائل مختلفة لديها آراء ومواقف بشأن كيفية ضمان الساحة الشيعية في ظل تعددية الشركاء فيها.
بدوره، استنكر زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أمس، دخول رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في تحالف انتخابي مع «الحشد الشعبي» باسم «نصر العراق».
وقال الصدر، في بيان: «أعزي شعبي المجاهد الصابر لما آلت إليه الاتفاقات السياسية البغيضة من تخندقات طائفية مقيتة، لتمهد عودة الفاسدين مرة أخرى، وقد عرض علينا الالتحاق، ورفضنا ذلك رفضاً قاطعاً». وتابع: «العجب كل العجب مما سار عليه الأخ العبادي الذي كنا نظن به أنه أول دعاة الوطنية ودعاة الإصلاح»، وشدد على أنه لن يدعم «سوى القوائم العابرة للمحاصصة» و«البعيدة عن التحزب والتخندق الطائفي».
ويقول سياسي عراقي لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم الكشف عن اسمه، إن «انضمام تيار الحكمة إلى هذا التحالف قد يَقوى موقف العبادي لجهة ضمان الولاية الثانية التي لا ينافسه فيها، بل قد يشكل بيضة القبان في حال كان هناك منافسون من داخل قوى الحشد لهذا المنصب»، مشيراً إلى زعيم منظمة بدر، هادي العامري، «الذي ربما يطمح في الحصول على منصب رئاسة الوزراء للدورة المقبلة رغم صعوبة ذلك أميركياً بل وحتى إيرانياً لأن كل المؤشرات تقول: إن إيران داعمة للعبادي، وقد تكون هي التي شجعت قوى الحشد على الائتلاف معه، وهو ما يضع المالكي في موقف صعب كما يضع حزب الدعوة في مهبّ التكهنات لجهة صعوبة الاختيار بين المالكي والعبادي في المحافظات الوسطى والجنوبية ذات الغالبية الشيعية».
ويمضي السياسي العراقي قائلاً إن «هذا لا يعني أن الطريق بات مفروشاً بالورود بالنسبة إلى العبادي، فربما يخسر الولاية الثانية لأنه لا يملك حتى الآن القاعدة التنظيمية التي تدعمه بقوة خصوصاً في ظل تشظّي (الدعوة) بينه وبين المالكي»، لافتاً إلى أن «المالكي قد يستفيد من هذا الوضع فيلجأ إلى نوع من التصعيد العاطفي في الوسط الشيعي في سبيل الالتفاف حوله».
من جهته، يرى الناطق الرسمي باسم «عصائب أهل الحق»، الدكتور نعيم العبودي، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا الائتلاف سيكون باباً مفتوحاً لانضمام كتل وأحزاب جديدة لأسباب من بينها أنه سيكون ذا شعبية في مناطق الوسط والجنوب، وسوف تكون المنافسة واضحة جداً في الانتخابات المقبلة». وأضاف أن «هذا الائتلاف سيكون خطوة في التغييرات الجذرية في العملية السياسية لكن لا بد أن تسبق ذلك خطوات جدية»، مبيناً أن «ما نسعى إليه هو إلغاء المحاصصة، وسوف يكون ذلك كله تحت سقف الدستور والقانون».
في سياق ذلك، يرى القيادي السُّني البارز في ائتلاف «متحدون» أثيل النجيفي، لـ«الشرق الأوسط»، أنه «على الرغم من عودة الأحزاب الدينية المتمحورة ضمن تحالف شيعي ودخولهم في قائمة واحدة ستُفرض شخصيات الأغلبية السياسية قبل الانتخابات، لكنني ما زلت مقتنعاً بأن تعدد القوائم في المحيط السُّني والكردي هي حالة صحية ستسمح بتغيير الوجوه وإعادة تقييم القيادات ومنح أمل للتغيير في مناطقها».
ويرى أستاذ الإعلام في جامعة كربلاء غالب الدعمي أن تحالف «نصر العراق» يأتي في إطار «رعاية إيرانية واضحة بعد اجتماع التيارات المذكورة مع القائد الإيراني سليماني». في إشارة إلى قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني الذي ترددت أنباء عن تواجده في بغداد هذه الأيام. ويقول الدعمي لـ«الشرق الأوسط» إن «دخول العبادي في هذا التحالف محفوف بالمخاطر لأنه سيخضعه للتفاوض بعد الانتخابات، وسيقع في الخطأ نفسه الذي وقع فيه سلفه نوري المالكي بعد انتهاء الولاية الأولى عندما تحالف مع جهات حصدت الأصوات لأنها انضمت لقائمته حين كان يحظى بتأييد شعبي كبير». ويضيف أن تلك القوى تخلت لاحقا عن المالكي لأنها «مجبرة تحت تأثير النفوذ الإيراني على بعضها، وتأثير النفوذ الأميركي على بعضها الآخر، وبالنتيجة خسر الولاية الثالثة حين كرر تحالفه معها».
بدوره، لا ينكر عضو المكتب السياسي لحركة «عصائب أهل الحق» ليث العذاري، التأثير الإيراني والأميركي والتركي والخليجي على طبيعة التحالفات الانتخابية في العراق، لكنه يرى أن «المصلحة السياسية لطرفي التحالف هي من دفعت تحالف العبادي - العامري وبقية الجهات إلى الواجهة». ويقول: «لا خيارات كثيرة أمام حيدر العبادي بعد إعلان انسحابه من دولة القانون، وكذلك خيارات تحالف (الفتح) قليلة، لذلك قررا التحالف خدمة لمصالحهما المشتركة». وبرأيه، فإن «المصالح هي الأساس في كل تحالف، ولا مجال للحديث عن إملاءات هذا الطرف أو ذاك، سواء كانت إيرانية أو غيرها».
أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة إياد العنبر، فيبدي قدرا من التشاؤم حيال التحالف الجديد ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «العبادي لم يعد رهاناً لتحقيق الإصلاح السياسي، فتحالفه مع قوى الحشد الشعبي يتناقض مع مواقفه التي كانت ترفض مشاركتهم بالعملية السياسية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».