السودان يلمح إلى اتخاذ «إجراءات أشد» لتصحيح علاقته مع مصر

وزير خارجية إثيوبيا يزور الخرطوم لبحث العلاقات

(رويترز) الرئيس السوداني عمر البشير
(رويترز) الرئيس السوداني عمر البشير
TT

السودان يلمح إلى اتخاذ «إجراءات أشد» لتصحيح علاقته مع مصر

(رويترز) الرئيس السوداني عمر البشير
(رويترز) الرئيس السوداني عمر البشير

قال دبلوماسي سوداني بارز، إن بلاده قد تلجأ إلى اتخاذ إجراءات أكثر قسوة، في علاقتها الدبلوماسية مع مصر، بهدف وضع العلاقات بين البلدين في «إطارها الصحيح»، ولحل القضايا العالقة.
وتفجر توتر بين البلدين خلال الفترة الماضية، وتبادلا الاتهامات، بشأن مثلث حلايب الحدودي المتنازع عليه، ومياه النيل، وسد النهضة الإثيوبي، وسط تصعيد إعلامي مستعر في القاهرة والخرطوم.
وقال سفير السودان في القاهرة عبد المحمود عبد الحليم، في لقاء مع مجموعة من الصحافيين والسياسيين بالخرطوم، حضرته «الشرق الأوسط»، مساء أول من أمس، إن استدعاءه خطوة «قد تعقبها خطوات أكثر عنفاً»، بهدف وضع العلاقات بين السودان ومصر في «إطارها الصحيح، وحل القضايا والشواغل العالقة بين البلدين»، التي أدت لاستدعائه؛ لكنه تمنى في الوقت نفسه أن يكون استدعاؤه الخطوة الأخيرة في طريق تصحيح العلاقات.
وقال السودان يوم الخميس الماضي، إنه يتحسب لتهديدات أمنية مصرية إريترية مشتركة، وحشود عسكرية في «معسكر ساوا» الإريتري، القريب من مدينة كسلا السودانية على الحدود الشرقية؛ لكن القاهرة نفت الأمر.
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد، إن الموقف المصري حيال السودان، سبق أن «عبر عنه وزير الخارجية سامح شكري في أكثر من مناسبة». وذكر شكري خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التنزاني قبل أيام، إن مصر «لديها دائما أمل في أن تشهد العلاقات (مع السودان) القدر الكافي بما يراعي تطلعات الشعبين ومصلحتهما، وفقا للاتفاقيات السابقة... وهذا يتطلب جهدا وانفتاحا لسياسات تكون داعمة لهذا التوجه... وهذا تطلع مصر دائما».
وأبلغ مصدر سياسي مصري مطلع «الشرق الأوسط» بأن «بلاده ترغب في تهدئة الأجواء مع السودان في هذه الآونة... وتأمل في ألا يكون السودان مخلبا لقوة إقليمية تريد الضغط على مصر وتسميم الأجواء».
واستدعت الخارجية السودانية 5 يناير (كانون الثاني) الحالي، سفيرها في القاهرة للتشاور، ولم تشرح أسباب الاستدعاء أو تحديد مدة بقائه في الخرطوم، فيما أعلنت مصر من جانبها أنها أبلغت رسمياً باستدعاء السفير، ونقلت تقارير صحافية عن الخارجية المصرية «أن مصر تجري تقييماً للموقف لاتخاذ الإجراء المناسب».
وكشف السفير عبد الحليم، عن إجرائه سلسلة مشاورات في الخرطوم، التقى خلالها الرئيس عمر البشير، ووزير الخارجية إبراهيم غندور، وبرلمانيين؛ لكنه لم يحدد موعداً لعودته إلى القاهرة، وقال: «بعد هذه المشاورات يتحدد موعد عودتي من عدمه، وهو أمر ليس بيدي»، وتابع: «لست ميالاً للعودة، لأستمتع بوجودي بين الإخوة والأحباب».
ولم يكشف عبد الحليم للصحافيين عن الأسباب الحقيقية لاستدعائه لرئاسة الخارجية، وقال: «حين تعلن (دبلوماسيا) أنك استدعيت سفيرك للتشاور، أفضل من أن تقول إنك استدعيته لكذا وكذا، فاللبيب بالإشارة يفهم». وتابع شارحا الخطوات التي تتبعها الدول في هذا الخصوص، قائلا: «مقياس ريختر الدبلوماسي يبدأ أولاً بأن تستدعي سفيرك، وثانياً أن تسحبه دون أن يعود، وثالثاً أن تطرد سفير البلد المعني، ورابعاً أن تقطع العلاقات الدبلوماسية، وخامساً أن تعلن الحرب».
بيد أن عبد الحليم وصف خطوة استدعائه بأنها محاولة لوضع العلاقات السودانية المصرية في إطارها الصحيح وحل القضايا العالقة، وقال: «لا بد أن تكون هذه مناسبة نضع من خلالها علاقتنا مع مصر في إطارها الصحيح، وحل القضايا والشواغل العالقة التي اقتضت الاستدعاء». ووصف استدعاءه بأنه «براعة من مستخدم القرار الدبلوماسي في البلاد».
وشارك في المناسبة عدد من السياسيين والصحافيين، بينهم مساعد الرئيس عبد الرحمن المهدي، ووزير الداخلية السوداني حامد منان، ووزير الصحة بحر أبو قردة، ووزير الثروة الحيوانية بشارة جمعة أرو، وعدد من التنفيذيين ورؤساء تحرير الصحف والفضائيات السودانية.
وأبدى السفير عبد الحليم سعادته بمواجهة الإعلام المحلي لما أسماه حملة شنها الإعلام المصري على السودان أخيراً، بقوله: «لم يكن الإعلام السوداني في السابق بهذه الجسارة؛ لكننا تعلمنا من التجارب وطورنا أنفسنا». وحث قادة الإعلام على متابعة ما أسماه «المواجهة»، وقال: «سيستمر الإعلام في أداء رسالته، فالبلاد المسنودة بإعلام قوي تنجح دبلوماسيتها، ولا يستقيم عمل دبلوماسي دون إعلام يصادم عندما تكون المواجهة واجبة، ويهادن في الوقت المناسب».
من جهة ثانية، قال إعلام السفارة الإثيوبية في الخرطوم، إن وزير الخارجية الإثيوبي، ورغيني غبيو سيزور الخرطوم، اليوم الأحد، حاملاً رسالة خاصة من رئيس الوزراء الإثيوبي للرئيس عمر البشير، ويجري خلال الزيارة مباحثات ثنائية مع نظيره السوداني إبراهيم غندور. وحسب بيان للسفارة فإن كلاً من مدير إدارة دول الجوار وهيئة «إيقاد»، السفير محمود درير، والناطق الرسمي باسم الخارجية الإثيوبية، يرافقان الوزير غبيو في زيارته للبلاد صباح اليوم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».