بعد نحو ثلاث سنوات من قيام جنود الاحتلال الإسرائيلي بقتل الشاب الفلسطيني، عبد الله غنيمات، فوجئ والداه بدعوة إلى محكمة إسرائيلية من أجل البحث في دعوى تقدم بها الجيش يطالب فيها العائلة بدفع مبلغ من المال يصل إلى 28 ألف دولار، تعويضا عن الأضرار التي لحقت بسيارة الجيب العسكري الذي تسبب في قتل ابنهما.
ومع أن محامية الدفاع عن العائلة الفلسطينية، نائلة عطية، اعتبرتها «دعوى كيدية جاءت ردا على دعوى كنا قد رفعناها نحن ضد الجيش»، إلا أنها تظل مستهجنة بشكل فظ.
وتعود حكاية الاحتلال مع هذا الشاب إلى يوم الرابع من يونيو (حزيران) 2015، عندما اجتاحت قوة للاحتلال قريته كفر مالك شرق رام الله، في ساعات الفجر، وراحت تلاحق شبانا خارجين من المسجد. وقد حددت إحدى سيارات الجيب العسكرية هدفا لها الشاب غنيمات، ولحقت به بسرعة جنونية. فقفز عن سور من الباطون واحتمى خلفه، فاصطدمت السيارة بالسور وهدمته على رأسه. وهرع المواطنون لإنقاذه، وفي الطرف الآخر من السور هرعت قوات الاحتلال لإخلاء الجنود والسيارة، وقد منعت المواطنين من الاقتراب منه.
وكما روت والدة عبد الله، فإن الحادث وقع عندما كان عائدا بعد صلاة الفجر من مزرعة للدواجن، حيث كان يعمل هناك، وتقع على مقربة من قريته، حيث طلب منه خاله الذهاب إلى البيت، لأخذ قسط من الراحة على أن يعود صباحا. وقد هرب من القوة العسكرية الإسرائيلية، خوفا من الاستفزاز، فبدأوا بملاحقته. حينها حاول القفز من سور لا يزيد ارتفاعه على 40 سم، غير أن سرعة جيب الاحتلال أدت إلى انقلابه فوق جسده. وتضيف: استيقظنا مفزوعين على صوت ارتطام الجيب العسكري بالسور، وخرجنا من البيت الذي يقع على بعد مسافة قصيرة من مكان الحادث، لنستعلم عن الأمر، ومعي جارتي. غير أن انتشار جنود الاحتلال وتهديدهم بإطلاق الرصاص الحي تجاه كل من يقترب دفعها للابتعاد قليلا. لكن الأنباء التي بدأت تنتشر تباعا وتفيد بوجود جثمان لشاب أسفل الجيب، جعل الجارة تعاود محاولتها للوصول إلى الشاب لإنقاذ حياته، دون أن أعلم أنه نجلي. ومع شروق الشمس، بدأ أهالي القرية بالتجمع في محيط الجيب العسكري، وحاولت أن أقوي عزيمة جارتي، التي كانت تظن أن الشاب هو ابنها. ثم عدت إلى منزلي بناء على طلب شقيقي الذي كان يعلم أن الشهيد هو ابني. وعلمت لاحقا أن أهالي القرية أحضروا رافعة لسحب الجيب العسكري، وإزالته من على جثمان الشاب، غير أن جنود الاحتلال أطلقوا النار باتجاه سائقها، ما أجبره على التراجع. وعقب ثلاث ساعات أحضرت وحدات الهندسة التابعة للاحتلال رافعة أخرى من أجل سحب الجيب، ليتبين لنا حينها أن من كان أسفله هو نجلي عبد الله.
وقبل سبعة أشهر، رفعت المحامية عطية، التي تعمل مستشارة قانونية في منظمة التحرير، دعوى قضائية ضد عدد من ضباط الاحتلال وجنوده، الذين تتهمهم بارتكاب جريمة قتل بحق عبد الله غنيمات. وقول عطية إنها بهذه الدعوى أرادت «استصدار قرار ضد جيش الاحتلال يشفي ولو جزءا يسيرا من غليل العائلة المكلومة، التي لا يزال الحزن يلفها على فقدان بكرها، لنصدم قبل يومين بوصول رسالة عبر البريد الإلكتروني من المحكمة الإسرائيلية، يفيد بقيام جيش الاحتلال برفع دعوى قضائية مضادة، يطالبون من خلالها عائلة الشهيد غنيمات بدفع تعويض مادي عن الضرر الذي لحق بالجيب العسكري الذي دهس ابنهم، وقتله، عملا بالمثل القائل (ضربني وبكى... سبقني واشتكى)». وتضيف: «إنها المرة الأولى التي يجري فيها رفع دعوى للمطالبة بتعويض مادي من عائلات الشهداء، ويطالب الجيش بمبلغ يقدر بـ95 ألف شيقل، أي ما يقارب 28 ألف دولار، وهو ثمن إصلاح الجيب العسكري (أداة الجريمة التي قتل بها الضحية). هم قتلوا الشاب، وارتكبوا جريمة نكراء، ويطالبون بالتعويض!!».
جيش الاحتلال يطالب أهل شاب قتله بـ28 ألف دولار لإصلاح السيارة أداة القتل
جيش الاحتلال يطالب أهل شاب قتله بـ28 ألف دولار لإصلاح السيارة أداة القتل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة