مساعدون لأوباما: نتنياهو وراء فكرة الدولة الفلسطينية في سيناء

واشنطن رفضت عرضها على العرب لأنها «فاشلة» ولا يقبل بها أي فلسطيني أو عربي

TT

مساعدون لأوباما: نتنياهو وراء فكرة الدولة الفلسطينية في سيناء

بعد أسابيع من ترويج إشاعات عن «خطة عربية» لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بإقامة الدولة الفلسطينية في سيناء المصرية، كشف مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية، أمس الخميس، أن «الخطة ليست عربية، بل هي بمثابة اقتراح قديم من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عرضه على الأميركيين قبل أربع سنوات، وادعى بأنه سيستطيع إقناع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، به. لكن الأميركيين في إدارة الرئيس السابق، باراك أوباما، أبلغوه بأن خطته فاشلة ولا يوجد أي قائد عربي أو مصري أو فلسطيني يمكن أن يقبل بها».
وقد أصدر نتنياهو، أمس، بيانا عاجلا نفى فيه ذلك، وقال «إنه خبر عار عن الصحة تماما ولا أساس له».
وكان المسؤولون الأميركيون السابقون الأربعة، قالوا إن نتنياهو «اقترح في عام 2014 خطة سياسية من طراز جديد على إدارة أوباما». وأكدوا أن الحديث لم يكن عن دولة في معظم سيناء، بل عن «قيام إسرائيل بضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية، مقابل حصول الفلسطينيين على أراض في شمال سيناء، متاخمة لقطاع غزة».
وأضاف هؤلاء، حسب ما أوردته صحيفة «هآرتس» العبرية، أن نتنياهو قال لوزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري، إنه يعتقد أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد يوافق على هذه الخطة. لكن الفحص الذي أجرته واشنطن مع مصر، أسفر عن رد سلبي مطلق على هذه الفكرة. ووفقا للمسؤولين الأربعة، فإن الخطة التي عرضها نتنياهو على أوباما وكيري، تشبه في تفاصيلها ما جرى تفصيله في عدد من التقارير التي نشرت مؤخرا، عن خطة السلام التي تخطط لها إدارة ترمب. وقال أحد المسؤولين الأميركيين الحاليين، في التقرير، إن «هذه المنشورات خاطئة ولا تمثل خطة السلام التي يعمل عليها فريق برئاسة صهر ترمب، جارد كوشنر». ووصف هذا التقرير بأنه «مزيج من التكهنات الخاطئة وهراء مطلق»، مضيفا أن الخطة التي ستقدمها إدارة ترمب ستكون «جيدة للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء».
وقد أعلن نتنياهو، أمس، أنه سيلتقي الرئيس ترمب في واشنطن في شهر مارس (آذار) المقبل، وربما قبل ذلك، للتباحث في عدد من القضايا التي تهم البلدين ومنها قضية الصراع الإسرائيلي العربي.
وحسب «هآرتس»، استنادا إلى المسؤولين السابقين في الإدارة الأميركية، فإن نتنياهو ناقش مع أوباما، لأول مرة، هذا الموضوع في خريف عام 2014. بعد أشهر قليلة من انهيار مبادرة السلام التي قادها وزير الخارجية جون كيري. وقال مسؤول كبير سابق: «لقد بدأ ذلك بعد فترة قصيرة من عملية الجرف الصامد (الحرب الأخيرة على قطاع غزة)». وأضاف أن «نتنياهو جاء لمقابلة أوباما وقال له، في الواقع أن محادثات كيري انتهت بالفشل، وأنه جرت الآن حرب غزة وعملية السلام عالقة. أنا أريد طرح فكرة مختلفة عليكم». ووفقا للمسؤولين الأربعة الكبار، قال نتنياهو لأوباما وكيري، إن الخطة المقترحة ستسمح بإنشاء دولة فلسطينية في جزء من الضفة الغربية، وفي المقابل ستسمح للإسرائيليين بضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية تحت تعريف «الكتل الاستيطانية». ووفقا لأحد هؤلاء المسؤولين، فقد «استخدم هذا المصطلح، لكنه لم يقدم خريطة أو تعريفا دقيقا لتلك التكتلات».
وكان من المفترض أن يكون معظم الضفة الغربية جزءا من الدولة الفلسطينية وفقا لخطة نتنياهو، إلا أن «التعويض» الذي كان من المفترض أن يحصل عليه الفلسطينيون عن باقي الأراضي التي ستضمها إسرائيل، يأتي من خلال «إلصاق» جزء من شمال سيناء بقطاع غزة. وقال أحد المسؤولين الأميركيين سابقا: «اعتقدنا جميعا أن هذه الفكرة هي مضيعة للوقت. كنا نعلم أنه ليس هناك أي احتمال أن يوافق الفلسطينيون على ذلك. لماذا يستبدلون أراضي زراعية في الضفة الغربية، تقع بالقرب من مدنهم الكبرى، مقابل كثبان رملية في سيناء؟».
وأکد مسؤول رفيع آخر، أنه «في شمال سیناء توجد الیوم إحدى أصعب ساحات القتال ضد الإرهابيين الذين يستلهمون من داعش، فلماذا تتخيلون أن الفلسطینیین يمكن أن يتحملوا المسؤولية عن تلك المنطقة، مقابل احتفاظ إسرائیل بجزء أکبر من مستوطناتها؟ لم نجد في ذلك أي منطق، لكن بيبي أصرّ، وقال لنا إنه توجد علاقات ممتازة مع السيسي وإنه يستطيع إقناعه بقبول ذلك».
ووفقا للمسؤولين الأربعة، عندما أجرت إدارة أوباما «جس نبض» لهذه المسألة لدى كبار المسؤولين المصريين، وما إذا كانت هناك بالفعل مناقشات حول هذا الموضوع بين مصر وإسرائيل، تلقينا ردا سلبيا، بالإضافة إلى ذلك، في القمة السرية التي عقدت في العقبة في الأردن، في يناير (كانون الثاني) عام 2016. التي حضرها نتنياهو، كيري والسيسي وملك الأردن، لم تناقش هذه المسألة على الإطلاق.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».