الإطاحة بالإصلاحات تهدد الانتخابات اللبنانية

رئيس البرلمان يحذر من فتح باب تعديل القانون

TT

الإطاحة بالإصلاحات تهدد الانتخابات اللبنانية

لفح الخلاف المحتدم بين رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري حول مرسوم ترقية ضباط دورة 1994 الذي انسحب مؤخرا على أزمة الكهرباء، ملف الانتخابات النيابية التي من المفترض إجراؤها في شهر مايو (أيار) المقبل. فبعد أن نعت اللجنة الوزارية المختصة أول من أمس الإصلاحات الانتخابية، تفاقمت المخاوف من أن يكون الإطاحة بالإصلاحات بوابة لإلغاء الانتخابات برمتها، في ظل إصرار رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل على إدخال تعديلات إلى القانون الانتخابي، وقرار بري قطع الطريق على أي مسعى مماثل لاعتباره «فتح باب التعديلات سيؤدي للإطاحة بالقانون وبالتالي تطيير الانتخابات».
وقد حاولت القيادات اللبنانية أمس استيعاب الهواجس المتنامية حول مصير الانتخابات، مؤكدة أن الاستحقاق النيابي حاصل في موعده، ونقل عدد من النواب عن رئيس المجلس نبيه بري «تأكيده وإصراره على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها»، مشيرا إلى أن «محاولات البعض طرح وإثارة بعض الإشكاليات لن تحول دون هذا الاستحقاق». وأشار في معرض الحديث عن موضوع «الميغاسنتر» (أي مراكز الاقتراع المخصصة للناخبين الذين لن يصوتوا في أماكن سكنهم)، إلى أنه «كان أول من طالب بالتسجيل السابق في حين كان البعض ممن يطالبون به اليوم أشد المعارضين له»، وقال إن «مثل هذه التعديلات الآن يفتح الباب للإطاحة بالقانون وبالتالي تطيير الانتخابات، وهذا ما لن نسمح به أبدا، فقد انتظرنا ولادة قانون الانتخاب عشر سنوات وهو لا يحتاج إلى تعديل ولن ندخل به مجددا إلى مجلس النواب».
ويُعتبر وزير الخارجية جبران باسيل أبرز المطالبين بإدخال تعديلات إلى قانون الانتخاب إن كان لجهة سعيه لتمديد الفترة الزمنية التي تسمح للبنانيين المغتربين بتسجيل أسمائهم للاقتراع، أو لجهة ربطه مؤخرا عدم إقرار البطاقة الممغنطة بوجوب تعديل القانون. فقد تحدث بعد اجتماع اللجنة الوزارية الثلاثاء الماضي عن «تعديل إلزامي للقانون بسبب عدم إنجاز البطاقة الممغنطة، وإلا تكون نتائج الانتخابات عرضة للطعن»، علما بأن أكثر من خبير انتخابي أكدوا أن القانون الجديد يلحظ إجراء الانتخابات ببطاقة الهوية أو جواز السفر، ما يعني عدم لزوم إدخال أي تعديل في حال عدم اعتماد البطاقة الممغنطة. وهو ما أكده أيضا المدير التنفيذي للجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات عمر كبول، موضحا أن التعديل يجب أن يحصل في حال اعتماد البطاقة وليس العكس كما نصت المادة 84 من هذا القانون، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن المادتين 95 و118 لحظتا إمكانية الاقتراع عبر بطاقة الهوية وجواز السفر.
وحذر كبول من أنه «وفي حال استمر السجال السياسي بهذه الوتيرة المرتفعة خاصة أنه انسحب من الخلاف على مرسوم الضباط إلى الإصلاحات الانتخابية، فإن ذلك سيفاقم المخاوف على مصير الانتخابات النيابية». وقال: «الدخول في متاهة تعديل القانون يهدد حقيقة الاستحقاق النيابي كله، خاصة أن الخلاف الحاصل بين الفرقاء ليس خلافا تقنيا على الإصلاحات بل يندرج في خانة المناكفات السياسية»، لافتا إلى أن «تلكؤ وزارة الداخلية بإطلاق التدريبات اللازمة للمعنيين بالاستحقاق النيابي كما دعم بدء هيئة الإشراف على الانتخابات ببرامج التثقيف لتعريف الناخب على القانون الجديد وكيفية الاقتراع، عوامل تشير إلى أن الأمور تسير ببطء».
من جهته، طالب النائب بطرس حرب بـ«وقف مهزلة التلاعب بقانون الانتخاب وبمصير الانتخابات نفسها، عبر السجال المتصاعد في الأيام الأخيرة بين القوى السياسية حول البطاقة الممغنطة واستحداث (الميغاسنتر)، أو تسجيل الناخبين المسبق الذي كانت إحدى القوى السياسية الرئيسية ترفضه والآن تعود وتقبل به». واعتبر أن «هذا الجدال العقيم والتراشق المزاجي وغير المبرر حول مواد قانون الانتخاب، الذي أقره مجلس النواب منذ نحو سبعة أشهر، يطرح تساؤلات حول نيات البعض الرامية إلى نسف القانون، وبالتالي إلى تطيير الانتخابات النيابية أو تأجيلها عن موعدها المقرر في 6 مايو المقبل بعد أن تبين لهم أنه لا يخدم مصالحهم الحزبية والشخصية».
كذلك انتقد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب نبيل نقولا، «محاولة الإطاحة بالإصلاحات التي كانت السبب الرئيسي للتمديد الأخير للمجلس النيابي»، محذرا من «نيات للإطاحة بالانتخابات، تماما كما أطيح بالإصلاحات وهو ما لا يمكن أن نسمح به على الإطلاق».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».