حاولت ألا أكتب بعد الآن عن المدير الفني لنادي مانشستر يونايتد جوزيه مورينيو. وحتى عندما بدأت أكتب هذه المقالة شعرت بأنه يتعين علي أن أعترف بأنه لا يوجد سبب واضح للحديث كثيرا عن مدير فني أصبح شخصية تثير الاشمئزاز ومملة بشكل مثير للدهشة هذه الأيام. ولعل الشيء الأكثر إثارة للاهتمام فيما يتعلق بمورينيو في الوقت الحالي هو حقيقة أن الجميع لا يزال يتعامل معه بهذا القدر الكبير من الاهتمام. ولكن إلى متى ستستمر هذه الفجوة الهائلة، التي تتسع بمرور الوقت، بين الحديث عن شخصية جوزيه مورينيو من جهة والحديث عن مورينيو بصفته المدير الفني الذي حصل على لقب وحيد للدوري الإنجليزي الممتاز خلال ست سنوات، والذي يقوم بعمل لا بأس به مع فريق جيد مثل مانشستر يونايتد؟
ودائما ما نرى شكلا من أشكال الهوس والاهتمام المبالغ فيه بالشخصيات البارزة في عالم كرة القدم، لكن مثل هذه الأمور يمكن أن تختفي بسرعة كبيرة أيضا. فقبل بضعة أشهر أدركت أنني كتبت على مدى السنوات الـ15 الماضية نحو 500 كلمة في المتوسط كل أسبوع عن نجم المنتخب الإنجليزي ومانشستر يونايتد السابق وإيفرتون الحالي واين روني، أي بإجمالي عدد كلمات يصل لنحو 400 ألف كلمة، وهو ما يعادل ست روايات كاملة. وتضمن ذلك الحديث عن روني في مراحله العمرية المختلفة، بدءا من سن المراهقة وحتى الآن. ومع ذلك، سرعان ما تصل هذه الأمور إلى نهايتها، والدليل على ذلك ما حدث معي الأسبوع الماضي، فقد طُلب مني أن أكتب شيئا عن روني لمجلة ألمانية ووجدت نفسي عاجزا عن الكتابة، وحتى عندما بدأت أكتب كنت أكتب جملا منفصلة عن بعضها البعض وغير مترابطة وأكررها مرارا وتكرارا. وفي الوقت الراهن، بدأ نفس الأمر ينطبق على مورينيو، ليس فقط بين أولئك الذين ملوا وسئموا من أنانيته المفرطة منذ سنوات، ولكن بين الجميع على حد سواء.
صحيح أن مورينيو يقوم بعمل جيد مع مانشستر يونايتد، لكن من الواضح أنه فشل في تحقيق رغبته القوية في التفوق على المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا، الذي طور فريقا رائعا لمانشستر سيتي يقدم كرة قدم ممتعة ويعتلي صدارة ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق كبير عن أقرب منافسيه. لقد أصبح مورينيو يوجد الآن في «ظل غوارديولا» وأصبح مديرا فني عاديا، وليس «استثنائيا» كما كان يُلقب وكما يصور هو نفسه دائما، بعدما فشل في التفوق على غوارديولا، وكان هذا الفشل ملحوظا ومثيرا للاهتمام بصورة كبيرة.
ولجأ مورينيو لتصريحاته المعتادة، عندما أشار بشكل غريب خلال الأسبوع الجاري إلى المديرين الفنيين الذين «يشترون» النجاح، في محاولة بائسة لتصوير مانشستر يونايتد على أنه فريق مستضعف أو ضحية للأندية التي تنفق أموالا طائلة على تدعيم صفوفها.
في الحقيقة، يبدو وكأن الوظيفة الوحيدة لمورينيو في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم تكمن في إبراز وتضخيم النجاح الذي يحققه منافسه الأكبر، غوارديولا. لقد أصبح الحديث عن المال وشراء النجاح هو وسيلة مورينيو الوحيدة لتبرير فشله في المنافسة والتقليل من الإنجاز الكبير الذي حققه غوارديولا والفريق الرائع الذي كونه والأداء الممتع والمبهر الذي يقدمه ويجعله في مكانة أخرى بعيدة كل البعد عن باقي فرق الدوري الإنجليزي الممتاز.
في الحقيقة، لم يكن غوارديولا في حاجة إلى الرد على مثل هذه التصريحات الغريبة، لأن كلمات مورينيو نفسه كانت تحمل في طياتها الرد، لأن المدير الفني البرتغالي برغم ما أنفقه هو شخصيا على تدعيم فريقه خلال الموسمين الماضيين لا يزال فريقه يلعب بشكل أسوأ ويحقق نتائج أقل بالمقارنة بمانشستر سيتي. صحيح أن مورينيو حقق بطولتين أكثر من مانشستر سيتي، لكن فريق غوارديولا يتفوق من حيث عدد النقاط وإحراز الأهداف والأداء الجميل، لأنه يملك مجموعة من اللاعبين الشباب الذين يلعبون مع بعضهم البعض بتفاهم كبير، علاوة على أن المدير الفني الإسباني قد نجح في تطوير أداء عدد آخر من لاعبي الفريق بشكل ملحوظ مثل نيكولاس أوتاميندي، الذي ما زال يركض داخل الملعب ويؤدي بكل قوة ويحجز مكانا أساسيا له في تشكيلة الفريق الذي يقدم أداء ونتائج تجعله أحد أفضل فرق الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الـ25 عاما الماضية.
ومن الواضح للغاية أن الأمر يتعدى كثيرا مجرد إنفاق مزيد من الأموال، ولذا يتعين على مورينيو أن يراجع نفسه في التصريحات التي أطلقها في هذا الصدد. ومن المؤكد أنه لا يمكن لأي مدير فني أن يحقق النجاح إلا عندما يعمل مع ناد يناسب طريقة لعبه وتفكيره. ولعل الشيء الواضح للغاية في هذا الإطار هو أن مورينيو قد ضل طريقه بعيدا عن الأندية التي تناسب فلسفته، فمنذ أن رحل المدير الفني البرتغالي عن إنترميلان الإيطالي لتدريب ريال مدريد الإسباني وهو يفقد أهم ميزة لديه، والتي مكنته من تحقيق لقب دوري أبطال أوروبا مرتين، وتكمن هذه الميزة في قدرته على قيادة فريق متوسط المستوى نحو القمة والمجد بالاعتماد على مجموعة من اللاعبين الطموحين الذين ينفذون تعليماته على أكمل وجه، في ظل عدم وجود ضغوط كبيرة على الفريق الذي لا يكون مطالبا دائما بتحقيق الانتصارات.
ورغم ذلك، قد يمدد مورينيو عقده مع مانشستر يونايتد، وربما يتمكن من تكوين فريق قوي مع مرور الوقت. لكنه في الوقت الحالي يبدو عاجزا عن تنظيم لاعبيه وفريقه بالشكل الذي يمكنه من المنافسة على اللقب، ويبرر فشله باتهام الفريق الذي يقدم أفضل كرة قدم وأفضل نتائج في الدوري الإنجليزي الممتاز بأنه يشتري النجاح!
ونفى مورينيو تكهنات بشأن مستقبله مع مانشستر يونايتد قائلا إنه يرغب في البقاء لفترة طويلة في أولد ترافورد ما دام أن مسؤولي النادي سعداء بالعمل الذي يقوم به. وبعد بداية ناجحة نسبيا لولايته مع يونايتد الموسم الماضي حيث حل سادسا في الدوري الممتاز وفاز بلقب الدوري الأوروبي وكأس رابطة الأندية الإنجليزية يتفوق مانشستر سيتي تماما على يونايتد هذا الموسم. ويتأخر يونايتد بفارق 15 نقطة عن سيتي متصدر الدوري محتلا المركز الثاني وخرج بشكل مفاجئ من كأس الرابطة الشهر الماضي. وظهر جليا غضب مورينيو المتزايد من تذبذب مستوى فريقه لتظهر تكهنات عن احتمال رحيله.
وأبلغ مورينيو الصحافيين ردا على سؤال عن احتمال رحيله عن يونايتد: «إنه كلام تافه. لا أجد كلمة أفضل من ذلك لوصف هذا الكلام. رغبتي البقاء والعمل على التحسن وقيادة النادي لتحقيق ما يستحقه». وتابع: «أكرر أنني في منتصف فترة تعاقدي. تجديد التعاقد يتوقف على مجلس الإدارة لكني ملتزم بشكل كامل بالبقاء». وأضاف: «أرى نفسي هنا (بعد ثلاث سنوات) لكن الأمر يتوقف على مجلس الإدارة ومدى سعادته بما حققته وإذا ما أراد بقائي بعد انتهاء عقدي الحالي».
ويتناقض تراجع مستوى يونايتد مع تألق مانشستر سيتي بقيادة المدرب غوارديولا حيث لم يهزم في الدوري حتى الآن وينافس بقوة على كل الجبهات.
مورينيو في ورطة... كل ما يقوم به يبرز نجاح غوارديولا وتفوقه
البرتغالي أصبح يعيش في ظل مدرب سيتي وبات مديراً فنياً عادياً وليس «استثنائياً»
مورينيو في ورطة... كل ما يقوم به يبرز نجاح غوارديولا وتفوقه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة