الهند تحتفل بعيد الميلاد الـ220 لشاعرها الأسطوري غالب

لا يزال مؤثراً في الهند المعاصرة

شعار محرك {غوغل} الذي احتفى بالشاعر الهندي
شعار محرك {غوغل} الذي احتفى بالشاعر الهندي
TT

الهند تحتفل بعيد الميلاد الـ220 لشاعرها الأسطوري غالب

شعار محرك {غوغل} الذي احتفى بالشاعر الهندي
شعار محرك {غوغل} الذي احتفى بالشاعر الهندي

احتفت شركة «غوغل» مؤخراً، في إطار مواصلتها لتكريم بعض أفضل الشخصيات الهندية، بعيد الميلاد الـ220 للشاعر الأسطوري ميرزا أسد الله خان غالب، الذي كتب باللغة الأردية والفارسية وعاش في القرن التاسع عشر إبّان حكم إمبراطورية المغول. ولد ميرزا أسد الله خان غالب (1797 - 1869)، الذي ربما لم تقل إسهاماته في الأدب المكتوب باللغة الأردية في أهميتها عن إسهامات شكسبير في الأدب الإنجليزي، في مدينة أغرا لعائلة أرستقراطية ذات أصول تركية، لكنه هاجر فيما بعد إلى نيودلهي حيث عاش بقية حياته. تم تصوير غالب على شعار «غوغل» وهو يطل من نافذة ذات قوس في قصر ممسكاً بورقة وقلم وكأنه على وشك تدوين بعض أشعاره الخالدة، على خلفية من سماء زهرية اللون، ومآذن على الجانب الأيمن في مكان ما بمدينة دلهي، حيث عاش الشاعر أكثر سنوات حياته.
ويعد هذا الشاعر البارز، الذي كرمه المغول بمنحه لقبي دابر الملك، ونجم الدولة، حتى يومنا واحدا من أشهر الشعراء وأكثرهم تأثيراً في شبه القارة الهندية، حيث تم ترجمة أعماله إلى الكثير من اللغات الهندية والأجنبية.
ومن غير المفاجئ أن يعبر ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي لشركة «مايكروسوفت»، والذي يشتهر بمهاراته في الكومبيوتر على مستوى العالم، مؤخراً عن حبه لأشعار غالب. وصرح ناديلا، في برنامج مايكروسوفت الهند، الذي يحمل اسم «التكنولوجيا للأبد، أما الأفكار فللهند» قائلا: «هناك أمران أشعر بالشغف نحوهما قاداني إلى تحقيق أحلامي هما الشعر وعلوم الكومبيوتر». ثم بدأ خطابه مقتبساً شعر ميرزا غالب: «آلاف الآمال، يخطف كل أمل منها أنفاسك. كان لدي الكثير من الأحلام، لكنها مع ذلك لم تكن كافية».
- روح غالب المشرقة
بدأ غالب يكتب الشعر وهو في الحادية عشرة من العمر بالفارسية والتركية. في الوقت الذي كان الجميع يكتبون بالفارسية البسيطة، التي كانت لغة البلاط آنذاك، كان غالب هو من منح هذه اللغة عمقها وروحها اللامتناهيتين. رغم أن غالب كان بارعاً حتى في الشعر الفارسي، كانت أشعاره التي تمثل العمود الفقاري للغة الأردية هي ما جعلت منه أسطورة، لم تطمسها الأيام رغم مرور قرون على وفاته، مع أن أعماله المكتوبة باللغة الأردية كانت أقل كثيراً من أعماله المكتوبة باللغة الفارسية.
كان غالب شاعر البلاط خلال فترة حكم الإمبراطور المغولي بهادر شاه ظفر، والذي كان هو الآخر شاعراً معروفاً، نفاه البريطانيون إلى مدينة رانغون بعد سقوط إمبراطورية المغول.
لقد عاش ميرزا غالب في حقبة كانت لها النصيب الأكبر من الاضطرابات طوال التاريخ السياسي والاجتماعي الهندي. كانت أشعاره تعبر في بعض الأحيان عن الاضطراب السياسي خلال فترة حكم إمبراطورية المغول التي انهارت وفتحت الطريق أمام شركة «الهند الشرقية» البريطانية لاحتلال الهند في حياته.
خلال السنوات الأخيرة من حكم المغول، لم يكن غالب إحدى الشخصيات البارزة البلاط فحسب، بل أيضاً كان معلم الشعر للأمير لفخر الدين ميرزا، الابن الأكبر للإمبراطور. كذلك قام الإمبراطور بتعيينه مؤرخاً ملكياً في بلاط المغول. بعد سقوط إمبراطورية المغول عانى غالب كثيراً ليجني رزقه، حيث تجول وعاش في أزقة ضيقة في منطقة تشاندي تشوك، ورأى بعينيه الجنون والتخريب يسيطران على شوارع مدينته الحبيبة، وشهد الحصار، وقتل طريقة حياة كاملة.
- أشعاره جزء من مفرداته اليومية
عاش الشاعر الفيلسوف، الذي طرح أسئلة عن الحياة، والدين، والمجتمع، الحياة بشروطه وطريقته وكتب كثيراً عن فلسفة الحياة والتصوف.
يركز الجانب الأكبر من أشعار غالب على مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم والثناء عليه، وهو ما يوضح أن غالب كان مسلماً مؤمناً. وكتب غالب قصيدة بعنوان «السحاب الذي يحمل الجواهر» تمجيداً وتكريماً للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك كتب قصيدة مكونة من 101 بيت عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ووصف غالب نفسه فيها كعاص ينبغي أن يقف صامتاً أمام النبي محمد صلى الله عليه وسلم فهو غير جدير بمخاطبته.
اتسمت الكثير من أشعاره بالحزن النابع من تجارب الحياة الصعبة، فقد أصبح يتيماً في سن صغيرة، وعانى في طفولته كثيراً، ثم تزوج لكن تُوفي سبعة من أبنائه صغاراً. ساعدت بساطته وبصيرته في إقبال رجل الشارع العادي على شعره. الشاهد على ذلك لا يوجد في الأدب، بل في الطريقة التي جعل بها الرجل العادي أشعاره جزءا من مفرداته اليومية. يحبه الناس ويتذكرونه لأنه يمثل جزء من مشاعرهم، ويشكل وجدانهم، لا من أجل الظهور في هيئة المتعلمين المثقفين. حتى الطفل قادر على فهم أبياته، ويمكن للمرء العثور في الأزقة الضيقة بدلهي القديمة على مصلحي أحذية، وسائقي عربات ريكشا، يرددون أشعارا لغالب بحماس في تعاملهم مع الشوارع الغادرة، وأزمة الوجود الأفعوانية المتشابكة. لا عجب إذن من أن تمر القرون ولا يأتي أحد يستطيع أن يصل إلى مكانته، وأن تظل أشعاره تتردد كأقوال صادقة مثلما كانت منذ زمن مضى.
- لا يزال مؤثراً في الهند المعاصرة
بالنسبة إلى الذين لا يعرفون اللغة الأردية، تثير ترجمة أشعاره مزيجاً قوياً من الحب والجمال والنشوة واليأس. يقول دولان، طالب تاريخ بجامعة جواهر لال، يبلغ من العمر 25 عاماً: «تصدق أشعاره في أيامنا هذه وتلائم عصرنا هذا لأن تمرده يدفعنا نحو التساؤل عن الطبقية والتراتبية الاجتماعية». أما الذين يعرفون اللغة الأردية جيداً ينبهرون من قبضته القوية على اللغة التي تميزه. يقول المؤرخ رانا سافي: «يلمس غالب وترا في قلوب الجميع. من النادر ألا يشعر المرء بعد قراءة أبيات غالب الخالدة أنه قد لمس وجدانه».
لقد عاش ميرزا غارقاً في أحزانه، لكن ذلك لم يغيره، حتى عندما نفد ما معه من مال، وغرق في الديون، واصل العيش ببذخ.
بحسب أحد منشورات شركة «غوغل» كان غالب يعاني من مشكلات مالية، ولم يكن لديه يوماً ما وظيفة بدوام كامل، وكان يعيش بفضل رعاية أفراد من العائلة المالكة وأصدقائه الموسرين. لم يحظ إسهامه في الشعر والنثر بالتقدير الذي يستحقه في حياته، لكنه بدأ يجذب الانتباه حقاً بعد مماته. تم تحويل أعماله النثرية إلى أشعار غزل خالدة.
رغم كل الصعوبات المالية والاضطرابات العاطفية التي مر بها غالب، أبحر في حياته بذكاء وفكر وحب للحياة. وتُوفي عن عمر يناهز الواحدة والسبعين في منزل يقع في تشاندي تشوك في دلهي القديمة. تم تحويل المنزل، الذي يعد من مواقع التراث، إلى متحف ويجذب الكثير من الزوار القادمين من الهند وخارجها. يوجد داخل المتحف صور بالحجم الطبيعي لأشعار غالب باللغة الأردية مترجمة إلى الإنجليزية والهندية، وتمثال نصفي له، ونسخ من خطابات شهيرة مكتوبة بخط يده، وملابسه، وبعض الأواني النحاسية التي تعود إلى الزمن الذي عاش فيه الشاعر.
بالنسبة إلى المؤرخ سهيل هاشمي، يعد غالب أعظم شاعر في القرن الذي عاش فيه، ويستحق ما هو أكثر من ذلك. ويقول إن المأساة في خلوده، ومكانته الأدبية المرموقة، هي أن اللغة التي كتب بها، وهي الأردية، مرتبطة بديانة أو معتنقيها. يضيف قائلا: «لو كان قد كتب بالإنجليزية، لكان قد فاز بجائزة نوبل». الجدير بالذكر أنه تم إنتاج الكثير من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية التي تتناول قصة حياته.



اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
TT

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)
جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ نجمتين عالميتين تقديراً لمسيرتيهما، هما الأميركية فيولا ديفيس، والهندية بريانكا شوبرا.

واختتم المهرجان عروضه بفيلم «مودي... 3 أيام على حافة الجنون» الذي أخرجه النجم الأميركي جوني ديب، ويروي حكاية الرسام والنحات الإيطالي أميديو موديلياني، خلال خوضه 72 ساعة من الصراع في الحرب العالمية الأولى.

واختير فيلم «الذراري الحمر» للمخرج التونسي لطفي عاشور لجائزة «اليُسر الذهبية» كأفضل فيلم روائي، أما «اليُسر الفضية» لأفضل فيلم طويل، فنالها فيلم «إلى عالم مجهول» للفلسطيني مهدي فليفل، بالإضافة إلى جائزة خاصة من لجنة التحكيم نالها فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» لخالد منصور.