قررت مجموعة دول الساحل الأفريقي الخمس، وهي مالي وتشاد وبوركينا فاسو والنيجر وموريتانيا، تأسيس صندوق ائتماني سيتولى مهمة إدارة الأموال التي من المنتظر أن تقدمها جهات دولية خلال اجتماع الأسبوع المقبل في العاصمة الفرنسية باريس، وتهدف هذه الأموال إلى دعم القوة العسكرية المشتركة لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل الأفريقي.
واتخذ القرار بتشكيل هذا الصندوق الائتماني خلال اجتماع استضافته دولة مالي، أول من أمس (الاثنين)، وضم وزراء الخارجية والدفاع في الدول الخمس المعنية، وتم خلال الاجتماع الاتفاق بين الدول الخمس على شكل وهيكلة الصندوق الائتماني الأول من نوعه في شبه المنطقة الأفريقية.
وقال وزير الخارجية المالي تيمان هوبير كوليبالي، في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «القرار المهم الذي اتخذ خلال هذا الاجتماع الوزاري المشترك هو تأسيس صندوق ائتماني لمواكبة وإدارة الأموال الضخمة التي أعلن عنها لمساعدة قوة مجموعة الخمس لمكافحة الإرهاب في الساحل».
وأضاف الوزير المالي أن هذا الصندوق سيزوّد بهيئتين هما «هيئة دعم» و«هيئة مراقبة»، وذلك بهدف ضمان «الإدارة الجيدة للأموال التي يوفّرها الشركاء»، تحقيقا «للإدارة الشفافة للأموال، وضمانا لنجاح مهمة مكافحة انعدام الأمن في منطقة الساحل»، ويشكل تحدي الشفافية هاجساً كبيراً لدى دول الساحل التي تواجه حكوماتها دوماً تهماً بالفساد ونهب المال العام.
وأكد الوزير المالي، وهو الذي يتولى رئاسة الاجتماع الوزاري، في كلمة ألقاها أمام رفاقه: «التحدي يحتم على الدول الأعضاء أن تكون أكثر في الموعد، لترجمة قدراتها على إحلال السلم والأمن بمنطقة الساحل، على أرض الواقع»، وتعتبر بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر من أفقر دول العالم، وقد شكّل التمويل عائقا كبيرا أمام تشكيل هذه الدول قوتها العسكرية المشتركة للتصدي للإرهابيين ومباشرة هذه القوة مهامها، خاصة في ظل تزايد الخطر المتمثل في جماعات إرهابية بعضها مرتبط بتنظيم القاعدة والآخر بتنظيم داعش.
في غضون ذلك قال ألفا باري، وزير خارجية بوركينا فاسو، إن الأموال التي وعدت الجهات والدول المانحة بتقديمها للقوة المشتركة بين الدول الخمس وصلت «حتى الآن» إلى 294 مليون يورو «قبل قمة للدول المانحة مقرر عقدها في بروكسل في 23 فبراير (شباط) المقبل، لتكملة الاحتياجات المالية»، لهذه القوة.
ونفذت القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل الخمس أولى عملياتها «الاستطلاعية» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كما تنوي الدول زيادة كثير قواتها إلى خمسة آلاف عسكري بحلول ربيع 2018، ولكنها تواجه عراقيل تتعلق بالتمويل، إذ تشير تقديرات مجموعة دول الساحل الخمس إلى أنها تحتاج 423 مليون يورو، لم يتوفر منها «حتى الآن» سوى 289 مليوناً فقط.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن في 13 ديسمبر (كانون الأول) الماضي عن دعم مالي إضافي للقوة الأفريقية مقدم من السعودية (100 مليون يورو) والإمارات (30 مليون يورو)، وذلك خلال قمة مصغرة عقدها ماكرون مع دول الساحل الأفريقي وبعض القادة الأوروبيين وبحضور وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، وجرت القمة بالقرب من العاصمة الفرنسية باريس.
من جهة أخرى سبق أن أعلن الاتحاد الأوروبي عن دعم مالي للقوة العسكرية بقيمة 50 مليون يورو، فيما أعلنت الولايات المتحدة عن رصد 60 مليون دولار في صورة تعاون ثنائي لصالح الدول الخمس المعنية، هذا عدا عن الدعم الفرنسي المتمثل في مساندة قوية على الصعيد الدولي ودعم لوجيستي يتجسد في 70 عربة ودعم على الصعيد الميداني، وهو ما قدره الرئيس الفرنسي بما قيمته ثمانية ملايين يورو.
ويسعى الرئيس الفرنسي خلال زيارته للصين، الجارية حالياً، إلى إقناع الصينيين بتقديم دعم مالي للقوة العسكرية المشتركة في منطقة الساحل الأفريقي، وتملك الصين حضوراً اقتصاديا قوياً في منطقة الساحل، ولكن تدخلها في مجال «الحرب على الإرهاب» ما يزال دون المستوى على الرغم من توجه صيني جديد نحو التعاون العسكري مع القارة الأفريقية لتأمين مصالحها الاقتصادية.
وخلال الفترة ما بين 05 و08 يناير (كانون الثاني) الجاري نظمت وزارة الدفاع الصينية في مدينة شنغهاي أول مؤتمر خاص بالتعاون العسكري ما بين الصين وأفريقيا والدول العربية، وشهد المؤتمر مشاركة كل من الصومال وموريتانيا كضيفين بارزين، وقد أعلن وزير الدفاع الصيني خلال المؤتمر أن بلاده ستضاعف من عدد المناورات والتمارين العسكرية المشتركة مع بلدان القارة الأفريقية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون العسكري في مجال التجهيزات والتكوين، وتشكيل الوحدات الخاصة، ولكن الحديث عن التمويل كان غائباً بشكل لافت عن مجريات المؤتمر.
ويأتي قرار تأسيس دول الساحل للصندوق الائتماني الجديد، قبل أسبوع من الاجتماع الذي ستستضيفه مدينة باريس، يوم 15 يناير (كانون الثاني) الجاري، وسترأسه وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي، وسيشارك فيه نظراؤها في مجموعة دول الساحل وفي الدول المانحة بهدف «تعبئة المجتمع الدولي لتعزيز قوة مجموعة الساحل».
وفي انتظار هذا الاجتماع أعلن الأمين الدائم لمجموعة الخمس في الساحل، نجيم الحاج محمد، أن قوة المجموعة لمكافحة الإرهاب، ستبلغ كامل قدراتها في شهر مارس (آذار) المقبل، وأوضح نجيم في كلمته خلال اجتماع باماكو أول من أمس أن قرار تشكيل صندوق ائتماني يأتي «في سياق خاص يتسم بالدعم التام للمنتظم الدولي، من خلال المصادقة على قرار رقم 2391»، المساند للقوة العسكرية المشتركة شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
صندوق ائتماني لإدارة الأموال الموعودة لجيش الساحل
الدول الأفريقية الخمس الأعضاء تسعى لتأكيد التزامها بالشفافية
صندوق ائتماني لإدارة الأموال الموعودة لجيش الساحل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة