سجلت قيمة الصفقات العقارية السعودية مع نهاية 2017 انخفاضاً في قيمة الصفقات بما يقارب الـ17.5 في المائة لتحقق 58.6 مليار دولار مقارنة بعام 2016 الذي سجلت فيه قيمة الصفقات 70 مليار دولار بحسب المؤشرات العقارية، وتأتي هذه النتائج امتداداً لانخفاض الصفقات، حيث سجل عام 2017 انخفاضاً في قيمة الصفقات مقارنة بالعام 2016 بنسب أكبر، مما يشير إلى أن هناك نزولاً متسلسل الأعوام في الحركة العقارية نتيجة دخولها في تصحيح الأوضاع والأسعار بعد حزمة القرارات التاريخية التي فرضتها السعودية في وقت لاحق لضبط إيقاع العقار.
وتحدث عقاريون أن نتائج القطاع التي لخصت حال السوق خلال عام 2017 لم تكن مفاجئة، مع وجود موجة كبيرة من الضغوطات التي عانى منها القطاع خلال العام الذي وصفوه بالصعب الذي ألقى على كاهلهم من التحديات، أهمها امتصاص صدمة رسوم الأراضي والعزوف في الطلب إلى مستويات متنامية، بالإضافة إلى الفجوة بين قدرات المشترين وأسعار العارضين وتقييد التمويل العقاري، ودخول الحكومة مع المطورين في خط إطلاق مشاريع غير ربحية مثل برنامج «سكني» الذي يهدف للسيطرة على الأسعار.
وكشف عبد العزيز المقيرن المستثمر في القطاع العقاري، بأن القطاع عانى كثيراً خلال الفترة المنصرمة نتيجة اتحاد عدد من الظروف ضده إلا أن ذلك لا يعني التوقف عن العمل، بل يعني إعادة ترتيب الأوراق من جديد بعد عام حافل بالتغيرات والتقلبات لم تشهدها السوق منذ فترات طويلة، مما يعني أن إعادة ترتيب الأوراق مع العام المقبل وتكييفها بحسب الإمكانيات والظروف هو الحل الأمثل للنهوض بالقطاع من جديد خصوصاً في ظل تأثير الرسوم الذي ساهم بذلك بالإضافة إلى الفجوة الملحوظة بين العرض والطلب والتي يجب تقليصها بما يتناسب مع الحال الجديد للسوق، والذي تختلف فيه الظروف من عام لآخر، لافتا بأن 2018 سيكون صعباً على الشركات التي لن تطور من أدائها وستكون عرضة للخسائر في ظل تقلبات الطلب وتغيير مفاهيم السكن لدى المواطن.
وأضاف: «عند الرغبة في إحداث أمر جديد يجب أن يكون على حساب السعر قبل حساب عدد الصفقات التي انخفضت بحسب المؤشرات إلى ما يزيد على 17 في المائة وهو معدل كبير إلى حد لافت، نتيجة الانخفاضات السابقة التي ضربت القطاع خلال السنوات الأخيرة وخصوصاً الثلاث منها مما يعني أن الانخفاض هنا غير جديد بل هو امتداد لما قبله قد يختلف بأنه بنسب بسيطة، إلا أن المحفز الأول لعودة الصفقات العقارية إلى أضعاف ما هي عليه هو عودتها لقيمتها الواقعية التي ابتعدت عنها كثيرا»، مضيفاً أن العقلية القديمة لإدارة الاستثمارات العقارية يجب أن تتغير وتتكيف مع قدرة المشترين والظروف الاقتصادية الحالية.
وارتفع عدد الصفقات العقارية خلال 2017 مقارنة بـ2016 بنسبة 4.5 في المائة، لتستقر بنهاية العام عند 231.4 ألف صفقة عقارية، وارتفع أيضا عدد العقارات المبيعة خلال 2017 مقارنة بالعام الذي سبقه بنسبة 3.1 في المائة، ليستقر عدد العقارات المبيعة مع نهاية العام عند مستوى 245.5 ألف عقار مبيعا، أما على مستوى مساحة الصفقات العقارية خلال 2017 فقد سجلت انخفاضا مقارنة بالعام الماضي بنسبة 33.8 في المائة، لتستقر عند مستوى 2.8 مليار متر مربع بنهاية العام.
وفي الاتجاه ذاته قال فهد الربيعان الذي يدير عدداً من الاستثمارات العقارية، بأن القطاع العقاري منذ ما يقارب العقد وهو يسير باتجاه منخفض من قيمة الصفقات والمبيعات بالتوازي مع الارتفاعات المتكررة لأسعار العقار، إلا أن أهم ما يميز المقارنة بين 2016 و2017 هو الانخفاض في الأسعار في مختلف القطاعات وإن كانت بنسب غير متكافئة من النزول الحاصل في الإقبال إضافة إلى نزول في عدد الصفقات، إلا أن تسجيلها الجديد من الانخفاضات يبث الاطمئنان بأن السوق في تراجع صحيح بدليل الانخفاض الحاصل في القيمة ونتيجة عدم استطاعة معظم المستثمرين مقاومة بقاء الأسعار مرتفعة رغم انخفاض الطلب بكميات متتالية.
وأضاف الربيعان أن هناك ارتفاعا كبيرا في نسبة الأراضي مقارنة بالأفرع العقارية الأخرى، وذلك يعود إلى التسييل الكبير للأراضي الذي تزامن مع تطبيق الرسوم على الأراضي البيضاء في السعودية العام المنصرم وهو بمثابة العلامة الفارقة، حيث إن هناك عرضاً كبيراً يتم تداوله بكميات تعتبر بسيطة عن الموجودة والمعروضة، مما دفع بمؤشر العقار إلى تحقيق نسب مرتفعة في تحركات الأراضي عبر البيع والشراء نتيجة انخفاض بسيط في قيمتها وهو الأمر الذي دفع إلى الحركة الكبيرة التي تشهدها الأراضي محلياً، متوقعاً انتعاشا كبيراً في حركة الأراضي في حال تراجع أسعارها سيتوجها إلى تصدر المشهد العقاري لسنوات إضافية.
وقد شهدت السوق العقارية المحلية نشاطا قويا خلال الشهر الأخير من العام، استهدف استباق تطبيق ضريبة القيمة المضافة المزمع تطبيقها مع مطلع 2018، نتج عنه ارتفاع إجمالي قيمة الصفقات العقارية خلال ديسمبر (كانون الأول) إلى أعلى من 9.6 مليار دولار، وهو المستوى الأعلى لقيمة صفقات السوق العقارية منذ أبريل (نيسان) 2015 (11مليار دولار).
وفي صلب الموضوع تحدث سامي الحربي صاحب شركة عبر البناء للاستشارات العقارية، بأن هناك مستويات انخفاض فيما يخص القيمة جاءت كردة فعل عكسية على ضعف الطلب وبالتحديد قيمة الصفقات بعد أن عجزت السوق على تحمل انخفاضه نتيجة ارتفاع أسعار العرض، وأن تطبيق الرسوم ضمن القرارات التي غيرت وجه السوق نحو تسجيل نزول في القيمة بنسب كبيرة لا تقل عن 15 في المائة في أقل الأحوال وفي مختلف الأنشطة، موضحاً أن الاستثمار في القطاع العقاري هذه الفترة صعب للغاية، لأن السوق في تحول كبير نحو عودة الأسعار إلى طبيعتها بعد موجة من التضخم، مشيراً إلى أن تنويع الاستثمارات العقارية أمر مهم خلال الفترة المقبلة.
ولفت إلى أن انخفاض أسعار الأراضي هو المؤشر الأول لقرب نزول العقار عموماً، خصوصا أن ارتفاع قيمة الأراضي هو المتسبب الرئيسي في ارتفاع العقار بشكل عام، وموضحاً أن العقار سيشهد مزيداً من الانخفاض وهو ما يحاول التكيف معه العقاريون الذين يحاولون تصريف ما يمتلكون بأقل الأضرار.
ويلاحظ جلياً معالم الهدوء في الحركة العقارية محلياً، حيث انخفض إلى كبير إطلاق المشاريع السكنية الكبرى، التي كانت الشركات العقارية القيادية تتسابق في الإعلان على المشاريع الجديدة التي تستهدف الأفراد بشتى طبقاتهم المادية، إلا أن الترقب والنزول دفع بتلك الشركات إلى التريث وعدم الدخول في مشاريع جديدة واعتبارها خطوة متهورة لحين استقرار السوق أو حدوث أي أمر مستجد، يبنون عليه خططهم التنموية التي يبدو أنها تأثرت كثيراً.
الصفقات العقارية السعودية فقدت 17 % من قيمتها في 2017
الشهر الماضي سجل أعلى قيمة منذ أبريل 2015 استباقاً للضريبة
الصفقات العقارية السعودية فقدت 17 % من قيمتها في 2017
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة