14 كيلومتراً تفصل قوات النظام عن «أبو الضهور»

قتلى في تفجير طال مقر «أجناد القوقاز» في إدلب

نازح من قصف الطيران الروسي وطيران النظام على ريف إدلب (أ.ب)
نازح من قصف الطيران الروسي وطيران النظام على ريف إدلب (أ.ب)
TT

14 كيلومتراً تفصل قوات النظام عن «أبو الضهور»

نازح من قصف الطيران الروسي وطيران النظام على ريف إدلب (أ.ب)
نازح من قصف الطيران الروسي وطيران النظام على ريف إدلب (أ.ب)

تواصل قوات النظام تقدمها في ريف إدلب الجنوبي شمال سوريا حيث وصلت إلى حدود محافظة حلب الإدارية بعد سيطرتها على بلدة سنجار واقترابها أكثر من مطار أبو الضهور العسكري، في وقت قالت فيه «هيئة تحرير الشام» إن حملة النظام على إدلب «لن تكون نزهة سهلة».
وكان مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن، قد صرح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أمس: «سيطرت قوات النظام الأحد على بلدة سنجار وخمس قرى أخرى في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وباتت على بعد 14 كيلومتراً من مطار أبو الضهور العسكري».
ويأتي تقدم النظام نحو مطار أبو الضهور بعد أكثر من سنتين على سيطرة «هيئة تحرير الشام»، (جبهة «النصرة» في حينها)، وفصائل معارضة أخرى في سبتمبر (أيلول) عام 2015 عليه، في أعقاب حصاره نحو عامين.
وقال مصدر في الجيش الحر في إدلب لـ«الشرق الأوسط»، إن النظام يعتمد سياسة الأرض المحروقة في إدلب، «وهو يتقدم من دون أي مقاومة نتيجة اتفاق آستانة الذي أدى إلى تعهد تركيا بانسحاب (هيئة تحرير الشام) من المنطقة، مقابل دخول عفرين الخاضعة لسيطرة (قوات سوريا الديمقراطية)»، مرجحا أن «عدم السماح لأنقرة بالدخول لغاية الآن، سيؤدي إلى رد فعل عكسي من قبلها».
وأشار «المرصد السوري» إلى أن قوات النظام سيطرت على أكثر من 95 قرية في حماة وإدلب منذ 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ بينها نحو 60 في إدلب وحدها خلال الأربعة عشر يوما الماضية التي سجّل خلالها نزوح ما يزيد على 70 ألف مدني، لافتا إلى أن المعارك انتقلت الآن إلى منطقة شمال غربي سنجار بعد أن سيطر النظام وحلفاؤه على البلدة، معبرا عن مخاوف من نزوح كبير للمدنيين في الأيام القليلة المقبلة بسبب القتال المستمر.
وكان المطار يُشكل آخر مركز عسكري لقوات النظام في محافظة إدلب. ومنذ سيطرة الفصائل عليه، بات وجود قوات النظام يقتصر على مقاتلين موالين لها في بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين.
وتوقع عبد الرحمن أن تدور معارك عنيفة جداً حين تصل قوات النظام إلى مطار أبو الضهور، و«هو أمر بات وشيكاً كونه لم يعد أمامها سوى قرى قليلة لا تحصينات كبيرة فيها للفصائل». وأوضح أنه إذا سيطرت قوات النظام على المطار «فسيصبح أول قاعدة عسكرية تستعيد السيطرة عليها في محافظة إدلب».
إلى ذلك، «استهدف تفجير كبير مساء أمس، مقر فصيل (أجناد القوقاز) في مدينة إدلب، مُوقعاً 18 قتيلاً، بينهم مدنيون»، بحسب مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، الذي صرح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بذلك، من دون أن يحدد عدد القتلى من مقاتلين ومدنيين. ولم يتمكن المرصد من تحديد ما إذا كان التفجير ناتجاً عن سيارة مفخخة أو استهداف بطائرة من دون طيار لقوات التحالف الدولي أو روسيا، إلا أن ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي تحدثوا عن سيارة مفخخة.
وأسفر التفجير عن إصابة العشرات بجروح؛ خصوصاً في صفوف المسلحين، وفق عبد الرحمن الذي أشار إلى أن «مقر (أجناد القوقاز) تدمر بشكل شبه كامل، كما طالت الأضرار المباني المحيطة به».
ويتألف فصيل «أجناد القوقاز» من مئات المقاتلين القادمين من منطقة القوقاز في وسط آسيا، ويتحالفون مع «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، ويشاركون إلى جانبها اليوم في المعارك ضد الجيش السوري في ريف إدلب الجنوبي.
وبالإضافة إلى عرب، يقاتل إلى جانب الفصائل المتطرفة في سوريا مسلحون من دول آسيوية؛ خصوصاً من وسط آسيا، فضلاً عن الأويغور من إقليم شينجيانغ الصيني.
وتسيطر «هيئة تحرير الشام» على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، فيما يقتصر وجود الفصائل المسلحة الأخرى على مناطق محدودة فيها.
وتدور منذ 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي معارك عنيفة بين قوات النظام من جهة؛ و«هيئة تحرير الشام» وفصائل أخرى من جهة ثانية، إثر هجوم واسع لقوات النظام تهدف من خلاله للسيطرة على ريف إدلب الجنوبي الشرقي وتأمين طريق استراتيجية محاذية تربط مدينة حلب؛ ثانية كبرى مدن سوريا، بدمشق، وقد نجحت منذ ذلك الحين في السيطرة على 60 قرية وبلدة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي. وتسيطر «هيئة تحرير الشام» منذ أشهر على الجزء الأكبر من محافظة إدلب، فيما يقتصر وجود الفصائل المقاتلة على مناطق أخرى محدودة.
وعقدت «هيئة تحرير الشام» «اجتماعاً طارئاً للمجلس العسكري» بحضور قائدها أبو محمد الجولاني، وفق ما نقل حساب الهيئة الرسمي أمس على «تلغرام».
وأصدرت الهيئة بياناً قالت فيه: «قد كنا حذرنا من قبل من حملة قريبة للنظام المجرم، وهو أمر متوقع خصوصاً بعد انتهائه من معارك البوكمال والشرقية»، مضيفة: «لن تكون حملة نظام الإجرام تلك نزهة سهلة» رغم أنها أقرت بسيطرة قوات النظام على بعض القرى.
ويأتي تحرك قوات النظام باتجاه إدلب، بعد انتهائها من آخر كبرى المعارك ضد تنظيم داعش في محافظة دير الزور الحدودية مع العراق.
وتشكل محافظة إدلب مع أجزاء من محافظات محاذية لها إحدى مناطق اتفاق خفض التوتر الذي تم التوصل إليه في مايو (أيار) الماضي في آستانة برعاية روسيا وإيران وتركيا، وملاذا لعشرات الآلاف من مسلحي المعارضة والمدنيين الذين اضطروا لترك منازلهم في مناطق أخرى في غرب سوريا استعادها النظام وحلفاؤه.
ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن المعارك والغارات الجوية أجبرت أكثر من 60 ألف شخص على مغادرة منازلهم منذ 1 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، واصفة وضع المدنيين بـ«المتردي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.