مصر تنفي تقريراً عن قبولها قرار ترمب بشأن القدس

الفنانة «يسرا» تعتزم مقاضاة الصحيفة الأميركية

سيدة فلسطينية أمام قبة الصخرة في القدس (أ.ف.ب)
سيدة فلسطينية أمام قبة الصخرة في القدس (أ.ف.ب)
TT

مصر تنفي تقريراً عن قبولها قرار ترمب بشأن القدس

سيدة فلسطينية أمام قبة الصخرة في القدس (أ.ف.ب)
سيدة فلسطينية أمام قبة الصخرة في القدس (أ.ف.ب)

نفت السلطات المصرية أمس صحة تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، شكك في الموقف المصري الرسمي الرافض لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. واعتبرت «الهيئة العامة للاستعلامات» المصرية أنه «لا يليق بصحيفة كبيرة نشر مثل هذه الادعاءات».
ونشرت الصحيفة تقريراً للصحافي ديفيد كيركباتريك زعم فيه أن ثمة تسريبات لتسجيلات لضابط مخابرات مصري يدعى أشرف الخولي يقدم فيها توجيهات إلى عدد من مقدمي البرامج التلفزيونية في مصر بشأن تناول موضوع القدس في الإعلام المصري. ونقلت الصحيفة عن الضابط المزعوم في الاتصالات القول: «مثل جميع إخواننا العرب... ستستنكر مصر هذا القرار علنا، ولكن في الواقع فإن (وجود صراع مع إسرائيل ليس في مصلحة مصر الوطنية)».
لكن الهيئة العامة للاستعلامات، وهي جهاز إعلامي رسمي يتبع رئاسة الجمهورية ومعني بالعلاقات العامة للدولة، فندت تقرير «نيويورك تايمز»، مشيرة إلى أن التقرير تضمن ذكر 4 شخصيات اعتبرها من مقدمي «البرامج الحوارية المؤثرة» في مصر وهم: «مفيد فوزي، وهو لا يقدم أي برامج تليفزيونية منذ سنوات، وكذلك الإعلامي سعيد حساسين، الذي توقف عن تقديم برنامجه قبل إثارة موضوع القدس بأسابيع ولا يقدم أي برامج حالياً».
وتابعت: «الاسم الثالث الذي أوردته الصحيفة كمقدم برامج سياسية مؤثرة في مصر هو للفنانة يسرا، وهي من أشهر نجمات التمثيل والسينما في مصر والعالم العربي، ولا علاقة لها بأي برامج تليفزيونية من أي نوع».
ونفت الفنانة يسرا معرفتها بأي شخص يدعى أشرف الخولي، وقالت إنها «لم تناقش مع أي شخص موضوع القدس مطلقاً، وأنها لم تدل للإعلام بأي آراء تتعلق بموضوعات سياسية، بل إنها لم تكن موجودة في مصر في تلك الفترة»، كما أعلنت في تصريحات إعلامية أنها «ستلجأ للقضاء بشأن الزج باسمها في مثل هذه التسريبات المزعومة؛ الأمر الذي يسيء لها كفنانة كبيرة».
وعن الاسم الرابع ذكرت الهيئة أنه للإعلامي «عزمي مجاهد»، الذي نفى معرفته بأي شخص يدعى أشرف الخولي.
وأكد بيان الهيئة أن التقرير الأميركي لم يقدم أدنى دليل على أن هذا الشخص (الخولي) من المخابرات العامة، وأنه تضمن ادعاءات بشأن موقف مصر من قضية القدس، مشيرة إلى أن مواقف مصر من القضايا الدولية لا يتم استنتاجها من تسريبات مزعومة لشخص مجهول، وإنما يعبر عنها رئيس الدولة ووزير الخارجية والبيانات والمواقف الرسمية.
وأضاف: «جميع هذه الجهات أعلنت مواقفها بشأن القدس وترجمته فعلياً في مواقف وإجراءات في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، دون اكتراث لتهديدات المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة بمسألة المساعدات، والتي تضمنت مصر ضمن دول أخرى».
وكانت «نيويورك تايمز» أوردت السبت الماضي، أن «ضابط المخابرات المصري أجرى 4 مكالمات هاتفية بنبرة هادئة مع مقدمين لبرامج حوارية مؤثرة في مصر، قائلا إن «مصر، شأنها في ملف القدس شأن جميع إخواننا العرب، ستنكر هذا القرار علناً، في حين أن ما هو مهم بالنسبة لنا إنهاء معاناة الفلسطينيين عبر حل سياسي يتمثل برام الله بدل القدس عاصمة لفلسطين»، محذراً من انتفاضة فلسطينية قد تضر بالأمن القومي المصري.
وفي 6 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلن ترمب، الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها، ما أثار غضباً عربياً وإسلامياً، وقلقاً وتحذيرات دولية.
وأعلنت مصر رسمياً، عبر بيانات لعدة جهات منها الخارجية، رفضها لقرار ترمب بشأن القدس فور صدوره، كما توجهت لمجلس الأمن الشهر الماضي بمشروع قرار، نيابة عن المجموعة العربية، يؤكد على ضرورة عدم المساس بوضع مدينة القدس، غير أن «الفيتو» الأميركي حال دون تمريره.
وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 21 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بتأييد 128 دولة منها مصر، قراراً تقدمت بمسودته كل من تركيا واليمن، يرفض قرار ترمب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل.
من جانبه، أعلن الدكتور أشرف زكي، نقيب الممثلين، دعمه للفنانة يسرا في قضيتها، مؤكدا أن النقابة ستدعمها في رفع هذه الدعوى، خاصة أن ما نشرته الصحيفة لا يمت للحقيقة بصلة، وزجت بأسماء الإعلاميين ويسرا بهدف الإساءة لمصر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».