اتفاقية التجارة الأميركية ـ الكورية تبدأ الطريق الشاق

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الكوري الجنوبي مون جيه إن لدى حضورهما مؤتمراً صحافياً مشتركاً في سيول في نوفمبر الماضي (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الكوري الجنوبي مون جيه إن لدى حضورهما مؤتمراً صحافياً مشتركاً في سيول في نوفمبر الماضي (رويترز)
TT

اتفاقية التجارة الأميركية ـ الكورية تبدأ الطريق الشاق

الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الكوري الجنوبي مون جيه إن لدى حضورهما مؤتمراً صحافياً مشتركاً في سيول في نوفمبر الماضي (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الكوري الجنوبي مون جيه إن لدى حضورهما مؤتمراً صحافياً مشتركاً في سيول في نوفمبر الماضي (رويترز)

أكملت الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية أول جولة من محادثاتهما لمراجعة اتفاقية التجارة الحرة بينهما، في الوقت الذي تسعى فيه واشنطن إلى خفض عجزها التجاري مع سيول.. إلا أن واشنطن قالت إن هناك «عملا كثيرا يتعين إنجازه» للتوصل لاتفاق تجاري جديد.
ونقلت وكالة أنباء «يونهاب» الكورية الجنوبية عن بيان أصدرته وزارة التجارة في كوريا، أن كل جانب أثار قضايا تتعلق بمراجعة وتنفيذ البلدين لاتفاقية التجارة الحرة.
وبدأت الجولة الأولى في تمام الساعة العاشرة صباح يوم الجمعة في مكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة في واشنطن، وقد ترأس وفد التفاوض الكوري الجنوبي يو ميونغ هي، مدير إدارة السياسات التجارية بوزارة التجارة، في حين ترأس الجانب الأميركي مساعد الممثل التجاري الأميركي مايكل بيمان.
وقالت وزارة التجارة والصناعة والطاقة في سيول إن المحادثات ركزت على المجالات ذات الاهتمام المشترك والقطاعات الحساسة. وقال رئيس وفد التفاوض الكوري للصحافيين بعد انتهاء الجولة الأولى إن الولايات المتحدة عبرت عن اهتمامها بقطاع السيارات.
ومن جهته، قال روبرت لايتهايزر الممثل التجاري للولايات المتحدة بعد المحادثات مع مسؤولين تجاريين كوريين جنوبيين في واشنطن: «أمامنا عمل كثير يتعين إنجازه للتوصل لاتفاق يخدم المصالح الاقتصادية للشعب الأميركي».
وأضاف لايتهايزر، في بيان، أن «أهدافنا واضحة، وهي ضرورة أن نحقق تجارة عادلة ومتبادلة بين بلدينا، سنمضى قدما للأمام بأسرع ما يمكن لتحقيق هذا الهدف». وقال البيان: «اتفق الجانبان على المتابعة لمناقشة موعد الاجتماع المقبل في المستقبل القريب جدا».
وبحسب المعلن سابقا، فإن المفاوضات سوف تستمر كل ثلاثة أو أربعة أسابيع، وسيكون مكان انعقادها بالتناوب بين سيول وواشنطن، لكن من غير الواضح ما إذا كان سيتم التوصل إلى اتفاق.
يذكر أنه من المعروف أن كوريا الجنوبية عبرت عن اهتمامها بمجال تسوية المنازعات بين المستثمرين والدولة ومجال المعالجات التجارية، كما أوضحت موقفها من القطاعات الحساسة بما في ذلك التجارة في المنتجات الزراعية والسمكية.
وكان رئيس الوفد الكوري قد تحدث للصحافيين فور وصوله واشنطن يوم الخميس، حيث تعهد بإعطاء أولوية للمصلحة الوطنية والسعي لتحقيق توازن المصالح مع الولايات المتحدة.
وعلى الجانب الآخر، ومنذ توليه الرئاسة في عام 2017، سحب الرئيس دونالد ترمب الولايات المتحدة من المحادثات بشأن التوصل لاتفاق تجاري يضم 14 دولة بين آسيا والمحيط الهادي، وبدأ محادثات للتوصل لاتفاق جديد لاتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، كما بادر بمراجعة الاتفاقية المبرمة مع كوريا عام 2012.
وتبنت الولايات المتحدة موقفا متشددا في محادثات «نافتا» التي توقفت على ما يبدو، في الوقت الذي لم يكن تبقى فيه سوى جولتي مفاوضات فقط، بينما تصر فيه إدارة ترمب على أن «تقديم التنازلات هو السبيل الوحيد أمام كندا والمكسيك للإبقاء على الاتفاقية».
وتبدو الأمور الاقتصادية في كوريا الجنوبية جيدة رغم التوترات مع جارتها الشمالية، إذ أظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي بكوريا الجنوبية يوم الخميس أن احتياطي النقد الأجنبي للبلاد سجل أعلى مستوى له في نهاية عام 2017 على خلفية ضعف الدولار الأميركي.
وقال البنك المركزي في بيانه، إن احتياطي النقد الأجنبي لكوريا الجنوبية في نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي بلغ 389.27 مليار دولار، بزيادة قدرها 2.02 مليار دولار على الشهر الذي سبقه. وكان احتياطي النقد الأجنبي سجل أعلى مستوى له في تاريخه في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي محققا 387.25 مليار دولار، وحطم رقمه القياسي منذ شهر واحد، بحسب وكالة «يونهاب» للأنباء.
وقال البنك المركزي إن الانخفاض الأخير في قيمة الدولار الأميركي أدى إلى زيادة قيمة العملات الأخرى عند تحويلها إلى العملة الأميركية. ويتكون احتياطي النقد الأجنبي من الأوراق المالية والودائع بالعملات الأجنبية، بالإضافة إلى ودائع الاحتياطي لدى صندوق النقد الدولي ووحدات حقوق السحب الخاصة وسبائك الذهب. وقال البنك المركزي إن كوريا الجنوبية جاءت في المركز التاسع عالميا من حيث حجم احتياطي النقد الأجنبي في نهاية نوفمبر، بعد الصين واليابان وسويسرا والمملكة العربية السعودية وتايوان وروسيا وهونغ كونغ والهند.
ومن جهة أخرى، سجلت قيمة تعهدات الاستثمار الأجنبي المباشر في كوريا الجنوبية خلال العام الماضي رقما قياسيا متجاوزة المستهدف، وقدره 20 مليار دولار. وذكرت وزارة التجارة والصناعة والطاقة الأربعاء الماضي أن قيمة تعهدات الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2017 وصلت إلى 22.94 مليار دولار، بزيادة قدرها 7.7 مليار دولار عن العام السابق، حيث تمثل هذه القيمة أعلى مستوى لها على الإطلاق، وتتجاوز 20 مليار دولار للسنة الثالثة على التوالي.
وأشارت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية إلى زيادة قيمة الاستثمارات الفعلية التي تمت بواسطة الشركات والمستثمرين الأجانب بنسبة 20.9 في المائة سنويا إلى 12.82 مليار دولار خلال العام الماضي.
وانخفضت قيمة تعهدات الاستثمار الأجنبي المباشر في الأرباع الثلاثة الأولى من العام الماضي بمعدل 9.7 في المائة عن الفترة نفسها من العام الأسبق، لتصل إلى 13.59 مليار دولار، غير أنها سجلت رقما قياسيا فصليا في الربع الأخير ليبلغ 9.36 مليار دولار.
وقالت الوزارة في بيانها إن البلاد تم تقييمها كوجهة استثمارية مستقرة على الرغم من الأزمة النووية لكوريا الشمالية، مضيفة أن الأسباب الرئيسية في زيادة الاستثمار المباشر الأجنبي هي التصنيف الائتماني الأعلى للبلاد، وتوسيع الاستثمار في الصناعات التحويلية المتعلقة بالثورة الصناعية الرابعة، وتحديث الهيكل الصناعي وغيرها.


مقالات ذات صلة

تقرير: نتنياهو وترمب يبحثان الوضع في سوريا و«حرب غزة» واتفاق الرهائن

شؤون إقليمية دونالد ترمب يلتقي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض في مارس 2019 (رويترز)

تقرير: نتنياهو وترمب يبحثان الوضع في سوريا و«حرب غزة» واتفاق الرهائن

بحث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الليلة الماضية، الوضع في سوريا، و«حرب غزة»، واتفاق الرهائن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة من فيديو متداول تظهر مسيرات في سماء نيو جيرسي (أ.ب)

لغز المسيّرات الغامضة في سماء أميركا مستمر... وترمب يدعو إلى إسقاطها

لا تزال مُسيّرات مجهولة تظهر في السماء فوق شمال شرقي الولايات المتحدة في نهاية هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ ترمب لدى حضوره مباراة كرة قدم أميركية في ماريلاند برفقة نائبه جي دي فانس ومالك منصة «إكس» إيلون ماسك والمرشّحة لإدارة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد في 14 ديسمبر (رويترز)

ترمب يستكمل تعييناته قبل أسابيع من تنصيبه

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، اليوم، إنه اختار ريتشارد ألين غرينيل، رئيس مخابراته السابق، مبعوثاً رئاسياً للمهام الخاصة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يعهد لرئيس شركته «تروث سوشيال» بقيادة المجلس الاستشاري للاستخبارات

عيّن الرئيس الأميركي المنتخب، السبت، حليفه ديفين نونيز، وهو مشرّع أميركي سابق يدير الآن منصة «تروث سوشيال»، رئيساً للمجلس الاستشاري للاستخبارات التابع للرئيس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.