نائب ولد الشيخ في صنعاء لإحياء مفاوضات السلام

المناصرون لصالح في «المؤتمر» يعقدون اجتماعهم الأول وسط مطالب بمواقف «مشرفة»

معين شريم لدى وصوله مع فريق أممي إلى صنعاء أمس (إ.ب.أ)
معين شريم لدى وصوله مع فريق أممي إلى صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

نائب ولد الشيخ في صنعاء لإحياء مفاوضات السلام

معين شريم لدى وصوله مع فريق أممي إلى صنعاء أمس (إ.ب.أ)
معين شريم لدى وصوله مع فريق أممي إلى صنعاء أمس (إ.ب.أ)

في ظل انخفاض أفق التوقعات بين أنصار حزب «المؤتمر الشعبي» حول قدرة القيادات الموجودة في صنعاء على اتخاذ موقف يدين جرائم جماعة الحوثيين الانقلابية ضد الحزب، ويعلن فض الشراكة معها، من المرتقب أن يعقد أعضاء «اللجنة العامة» الموالون للرئيس الراحل علي عبد الله صالح اليوم اجتماعاً هو الأول منذ مقتله على يد ميليشيا الجماعة في الرابع من ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ويأتي اجتماع قيادات «مؤتمر صنعاء» غداة وصول نائب مبعوث الأمم المتحدة إلى صنعاء معين شريم في مسعى أممي جديد لإحياء مفاوضات السلام التي أخفقت جولاتها السابقة في سويسرا والكويت، بإقناع وفد الميليشيا بخريطة طريق تتضمن مساراً سياسياً وآخر عسكرياً لإنهاء الانقلاب، إلى جانب تضمنها خطوات لتعزيز الثقة بين الفريقين المتحاورين.
وفي وقت سابق، وضع وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي خمسة شروط للعودة إلى التفاوض مع الانقلابيين، وأكد في تصريحات خص بها «الشرق الأوسط»: «أنه لا عودة للمفاوضات مع الحوثيين، إلا بعد توقفهم عن الجرائم بحق السياسيين والمدنيين، والإفراج عن كل المعتقلين بلا استثناء، مع وقفهم لإطلاق الصواريخ، والاعتداءات على المدن وحصارها، بالإضافة إلى الاستعداد الصريح والواضح للالتزام بالمرجعيات الثلاث للحوار، والسماح للإغاثة بالوصول إلى المواطنين من دون اعتراضها».
ولم يدل المسؤول الأممي بأي تصريح لوسائل الإعلام لحظة وصوله مطار صنعاء قادماً من العاصمة الأردنية عمان، في حين من المقرر أن يلتقي في زيارته التي تعد الأولى لصنعاء منذ مقتل الرئيس السابق، قادة الميليشيا الانقلابية، بخاصة أعضاء وفدها المفاوض برئاسة المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام.
ومن غير المعروف حتى الآن إن كانت الجماعة ستوافق على إعطاء أي دور حقيقي لأعضاء حزب «المؤتمر» الموالين للرئيس السابق في أي مشاورات مقبلة مع الأمم المتحدة والحكومة الشرعية، بعدما صارت هي اللاعب الوحيد في طرف الانقلاب، إثر تصفيتها شريكها صالح والأمين العام للحزب عارف الزوكا، ووضعها بقية القيادات الموالية رهن إرادتها.
وأفاد مصدر رفيع في حزب المؤتمر لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم ذكر اسمه لاعتبارات أمنية، بأن نحو 30 من أعضاء «اللجنة العامة» (المكتب السياسي) برئاسة صادق أمين أبو راس قرروا عقد اجتماع اليوم لنقاش أوضاع الحزب الداخلية، وعلاقاته الخارجية، بما فيها الموقف من استمرار الشراكة مع جماعة الحوثيين.
وعين الرئيس السابق، القيادي في الحزب صادق أمين أبو رأس نائباً أول له عقب الخلاف مع الرئيس اليمني الحالي عبد ربه منصور هادي، في حين انشق الأخير بجناح آخر في الحزب برئاسته، وهو الجناح الموالي للحكومة الشرعية مع بقية القوى السياسية في مواجهة الانقلاب.
وقال المصدر «إن أغلبية القيادات المشاركين في الاجتماع يتبنون موقفاً مهادناً إما خوفاً من بطش الحوثيين، وإما لأنهم قرروا موالاة الجماعة، مقابل فريق آخر يطالب باتخاذ موقف قوي يدين مقتل صالح ورفاقه والتنكيل بقيادات وأعضاء الحزب، ويعلن رفض الاستمرار في الشراكة مع الحوثي في حكومة الانقلاب».
وكان ناشطون في الحزب تداولوا قبل يومين وثيقة حملت توقيعات أعضاء «اللجنة العامة» في صنعاء للتبرع بمبالغ لتمويل تكاليف الاجتماع، بعدما صادرت الميليشيات الحوثية أموال الحزب، واستولت على مقراته ووسائل إعلامه، عقب مقتل صالح والتنكيل بأقاربه والمئات من أنصار الحزب مدنيين وعسكريين، لكن لم يتسن التأكد من صحتها.
وفي السياق نفسه طالب أعضاء في الحزب وناشطون كانوا هربوا من قبضة الحوثي في صنعاء إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، بأن يتخذ المجتمعون موقفاً مشرفاً يلبي مطالب القواعد الشعبية الرافضة للوجود الحوثي، كما وجهوا تحذيرات من أن أي مواقف أخرى تصدر عن الاجتماع تبقي على الشراكة مع الميليشيا لن تكون ملزمة لأعضاء الحزب.
وقال الناشط الإعلامي في الحزب كامل الخوداني في منشور على «فيسبوك»، مخاطباً قيادات المؤتمر في صنعاء: «لا تنسوا باجتماعكم غداً في صنعاء رفع صورتي الزعيم (صالح) والأمين (الزوكا) على جدار قاعة الاجتماع وعن اليمين علم الجمهورية والشمال شعار (المؤتمر)، وبداية الاجتماع قفوا دقيقة حداد واقرؤوا الفاتحة... ثم ارفعوا رؤوسكم وانظروا إلى صورهم، وتذكروا ما ضحوا بدمائهم من أجله».
وفي تدوينة أخرى على «فيسبوك» قال الإعلامي البارز في الحزب عبد الولي المذابي: «(اللجنة العامة) أمام مفترق طرق، إما أن تكون مع الوطن وجماهير المؤتمر، أو تكون مع الميليشيا، ليس هناك طريق ثالث».
وتابع: «ننتظر موقفاً يليق بتاريخ (المؤتمر) وتضحيات (الزعيم) والأمين العام وكل شرفاء (المؤتمر) الذين قالوا لا لعصابة الكهنوت (في إشارة إلى ميليشيا الحوثي)».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.