إسرائيل تخشى تبعات قرار ترمب تقليص ميزانية «أونروا»

بدوي يرتاح بجانب ناقته على شاطئ البحر قرب عسقلان أمس (رويترز)
بدوي يرتاح بجانب ناقته على شاطئ البحر قرب عسقلان أمس (رويترز)
TT

إسرائيل تخشى تبعات قرار ترمب تقليص ميزانية «أونروا»

بدوي يرتاح بجانب ناقته على شاطئ البحر قرب عسقلان أمس (رويترز)
بدوي يرتاح بجانب ناقته على شاطئ البحر قرب عسقلان أمس (رويترز)

في اللحظات الأخيرة التي تسبق تنفيذ الرئيس الأميركي دونالد ترمب تهديده بإقرار تقليص ميزانية وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، خرج مسؤولون في وزارة الخارجية الإسرائيلية بتحذير يقول إن هذا التقليص قد ينفجر في وجه إسرائيل نفسها وتكون نتائجه وخيمة عليها أيضاً وليس فقط على الفلسطينيين.
وقالت مصادر في الوزارة إن هذا التقليص سيؤدي إلى تفاقم أزمة إنسانية في قطاع غزة، وإن هذه الأزمة ليست في صالح إسرائيل. وأكدت أن موقفها هذا هو نفسه موقف القيادة الأمنية في إسرائيل.
يذكر أن ترمب كان قد هدد بوقف المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية، يوم الأربعاء، وتقليص المساعدات الأميركية لوكالة الغوث بزعم «أن الفلسطينيين لا يريدون الحديث عن السلام». وقال في تغريدة على «تويتر»: «نحن ندفع للفلسطينيين مئات ملايين الدولارات سنوياً ولا ننال أي تقدير أو احترام. هم لا يريدون حتى التفاوض على اتفاقية سلام طال تأخرها مع إسرائيل. فلماذا ينبغي علينا أن ندفع لهم أياً من هذه المدفوعات المستقبلية الضخمة؟».
وسبق تغريد ترمب بساعات تهديد آخر صادر عن السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، بأن بلادها ستوقف مساهماتها المالية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لإجبار الفلسطينيين على العودة إلى طاولة المفاوضات مع إسرائيل.
وقد سارع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى تأييد خطوة ترمب. وأعقبه وزير التربية والتعليم رئيس حزب المستوطنين «البيت اليهودي»، نفتالي بينيت، مطالباً الإدارة الأميركية بتنفيذ تهديدها بوقف تمويل «الأونروا». وقال: «إن تصريحات الرئيس ترمب والسفيرة هيلي، بإلغاء المساعدات الأميركية لـ«الأونروا» هو الشيء الصحيح الذي يتعين القيام به». وزعم بينيت، وهو عضو في المجلس الوزاري السياسي الأمني المصغر «الكابينت»، أن «الأونروا منظمة داعمة للإرهابيين، ووجودها ذاته يديم الوضع البائس لسكان قطاع غزة». وقال إنه لا ينبغي أن تكون المساعدة المقدمة إلى سكان غزة مختلفة عن مساعدة السكان السوريين الذين يعانون من نظام الإرهاب أو من أي مجموعة من أحفاد لاجئين آخرين في العالم. وتابع بينيت: «أتوقع من جميع الهيئات الحكومية الإسرائيلية بما فيها وزارة الخارجية دعم قرار خفض ميزانية المنظمة التي تخدم إرهابيي حماس وفي مدارسها يجري إخفاء الصواريخ»، بحسب قوله.
المعروف أن «الأونروا» تأسست كوكالة تابعة للأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة في العام 1949. وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية لنحو خمسة ملايين لاجئ من فلسطين مسجلين لديها. وتقتضي مهمتها «تقديم المساعدة للاجئي فلسطين في الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة ليتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم في مجال التنمية البشرية وذلك إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم». وتشمل خدمات «الأونروا» التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والحماية والإقراض الصغير. ويسود توتر في العلاقات بينها وبين كوادر العاملين فيها، البالغ عددهم 22 ألفاً، غالبيتهم فلسطينيون، بسبب تقليص ميزانيتها بشكل مستمر.
ويتم تمويل الأونروا بالكامل تقريباً من خلال التبرعات التطوعية التي تقدمها الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة. وتعد الولايات المتحدة أكبر جهة مانحة للأونروا مع تبرع العام الماضي بلغ مجموعه 368 مليون دولار، أي ما يقرب من 30 في المائة من إجمالي التمويل. لكن الولايات المتحدة وألمانيا تعتبران أكثر دولتين إخلالاً بالتزاماتهما تجاهها، أما أكثر الدول سخاء فهي الدول الإسكندنافية التي تدفع أعلى نسبة بين دول العالم من دخلها القومي مساعدات للأونروا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».