الأسير يمثل أمام القضاء العسكري وينفي اتهامات {أحداث بحنين}

TT

الأسير يمثل أمام القضاء العسكري وينفي اتهامات {أحداث بحنين}

خرج إمام مسجد بلال بن رباح السابق، الشيخ الموقوف أحمد الأسير، عن صمته الذي اعتصم به على مدى سنتين، وقرر البوح بكل ما في جعبته، عن كيفية خروجه من معارك عبرا التي حصلت بين أنصاره والجيش اللبناني في يونيو (حزيران) 2013، وانتقاله إلى شمال لبنان، والردّ على الاتهامات ضدّه، لكنه لم يغيّر اتهامه للمحكمة العسكرية، بأنها «خاضعة لهيمنة إيران و(حزب الله)»، واصفا حكم الإعدام الصادر بحقه في أحداث عبرا بـ«الظالم».
ومثل الأسير أمس أمام هيئة المحكمة العسكرية برئاسة العميد حسين عبد الله، التي شرعت باستجوابه في ملف أحداث بحنين (شمال لبنان)، والتهم الموجهة إليه، وهي «تدريب مجموعات مسلّحة وتمويلها وتصنيع عبوات ناسفة، والتحريض على قتل عناصر من الجيش اللبناني»، في حضور وكلاء الدفاع عنه، وما إن تليت عليه مواد الاتهام وكانت هيئة المحكمة تنتظر أن يواظب على الصمت كما فعل في الجلسات السابقة، تقدّم الأسير نحو قوس المحكمة، وقال: «سأتكلّم اليوم رحمة بالشباب (الموقوفين معه)، رغم أنّني غير مقتنع بمحكمتكم التي يهيمن عليها (حزب الله) وإيران وسأسير بالملف».
لم تقتصر إفادة الموقوف على دوره في أحداث بحنين، بل عاد إلى مرحلة انتقاله من صيدا إلى طرابلس، ومنها إلى منزل الشيخ خالد حبلص في المنية، حيث تبعته عائلته بعد نحو شهرين، وكيف طلب من الأخير مساعدته على السفر بشتى الوسائل، لكنّ حبلص أقنعه بالعدول عن رأيه. وقبل أن يكمل إفادته تحدث عن تعرّضه للتعذيب خلال التحقيق معه من قبل الأمن العام، وقال: «يجب أن تعرف المحكمة أنّني تعرّضت للتعذيب والإهانة الشديدة، بقيت أربعة أيام مكبّلاً، حتى إن المحقّق قال لي (إنت عم تقول ما بدّك تخلّي حسن نصر الله ونبيه برّي يناموا؟ إنت ما راح تنام)، وبالفعل بقيت أربع ليالي من دون نوم». وتابع قائلاً: «وبينما أنا في التحقيق حضر اللواء عباس إبراهيم (مدير عام الأمن العام)، وسأل المحققين (شو ضربتوه؟) فأجابوه (شوي)، عندها ضربني هو على رأسي وقال لي: (حتى تتعلّم ما تسبّ الأوادم)».
وهنا سأله رئيس المحكمة: «هل صحيح أنّك اتفقت مع الشيخ خالد حبلص على إنشاء قوّة عسكريّة في الشمال بحيث تتولى أنت التمويل وهو يتولى التدريب؟»، فأجاب الأسير: «غير صحيح، الشيخ حبلص كان حالة في الشمال وأنا تعاملت معه على هذا الأساس، كان يزور العميد عامر حسن (مدير فرع المخابرات في شمال لبنان) علنا، والدولة كانت تعلم بذلك، أنا قمت بدعمه ماديا لإقامة دورات لتعليم القرآن الكريم ومساعدة عوائل النازحين ووصلت مجموع المبالغ التي سلّمته إياها مائة ألف دولار».
وتطرق الأسير إلى المرحلة التي تلت فراره من صيدا إلى الشمال، وقال: «منذ انتقالي إلى بحنين طلبت من أنصاري أن يتدبّر كلّ واحد أمره، ولم أطلب إنشاء خلايا أمنية أبدا، لأنّها ستحوّل صيدا إلى جهنّم، لقد حصرت تواصلي بأخي وأولادي فقط». وردا على سؤال عمّا إذا كان محمد الناقوزي (أحد عناصر الأسير) هو من أطلق «الآ ربي جي» على دورية الجيش في بحنين، ونتج عن ذلك مقتل ضباط وأربعة عسكريين، أجاب الأسير: «أنا حينها كنت في منزل الشيخ خالد حبلص، وكنت قد أنهيت عمل مسؤولي العسكري فادي عوكش، والدليل أنّه سافر إلى سوريا ومات هناك».
وفي نهاية الاستجواب طلب وكلاء الدفاع عن الأسير دعوة عدد من الشهود من بينهم اللواء عباس إبراهيم، والمحققون الذين تولوا تنظيم محاضر التحقيقات الأولية، إضافة إلى الشيخ خالد حبلص، فقرّرت المحكمة ردّ جميع الطلبات باستثناء دعوة حبلص لسماعه في جلسة 13 مارس (آذار) المقبل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».