تلاسن وتوتر يخيمان على زيارة إردوغان لفرنسا

بسبب الصحافيين المعتقلين... وأنقرة غاضبة لإدانة أحد مسؤوليها المصرفيين بانتهاك العقوبات الأميركية على إيران

صورة أرشيفية لمحتجين في أنقرة يرفعون صورة المعتقل صلاح الدين دميرتاش الرئيس المشترك لـ{حزب الشعوب الديمقراطي} المؤيد للأكراد (رويترز)
صورة أرشيفية لمحتجين في أنقرة يرفعون صورة المعتقل صلاح الدين دميرتاش الرئيس المشترك لـ{حزب الشعوب الديمقراطي} المؤيد للأكراد (رويترز)
TT

تلاسن وتوتر يخيمان على زيارة إردوغان لفرنسا

صورة أرشيفية لمحتجين في أنقرة يرفعون صورة المعتقل صلاح الدين دميرتاش الرئيس المشترك لـ{حزب الشعوب الديمقراطي} المؤيد للأكراد (رويترز)
صورة أرشيفية لمحتجين في أنقرة يرفعون صورة المعتقل صلاح الدين دميرتاش الرئيس المشترك لـ{حزب الشعوب الديمقراطي} المؤيد للأكراد (رويترز)

خيَّمَت أجواء من التوتر، عشية الزيارة التي سيقوم بها الرئيس التركي رجب طيب إلى فرنسا، اليوم (الجمعة)، ووقع تراشق بين أنقرة وباريس تمحور حول قضية حقوق الإنسان والحريات وحبس الصحافيين. وفي الوقت نفسه أثار قرار هيئة محلفين أميركية في نيويورك بإدانة مسؤول سابق في بنك «خلق» الحكومي التركي بتهمة التحايل لخرق العقوبات الأميركية على إيران في الفترة من 2010 إلى 2015 غضب أنقرة التي واصلت، أمس، حملتها على مَن يزعم أنهم من أنصار الداعية فتح الله غولن.
وقبل ساعات من توجه إردوغان إلى فرنسا، في ثاني زيارة لإحدى دول الاتحاد الأوروبي، بعد اليونان، عقب محاولة الانقلاب التي تسببت في توتر شديد في العلاقة بين الجانبين بسبب حملة الاعتقالات والإقالات الواسعة التي طالت الآلاف، انتقد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حول حرية الصحافة في تركيا، قائلاً إنها «تستند إلى معلومات ناقصة».
وقال كالن إن تصريحات ماكرون حول حرية الصحافة ستتم مناقشتها على هامش زيارة إردوغان لباريس، وإن الملفات القضائية بتركيا هي في عهدة الجهاز القضائي و«كون الشخص صحافياً أو في أية مهمة أخرى، لا يعني أنه بريء أو أنه لم يرتكب جريمة ما».
وأشار في هذا الصدد إلى التدابير والإجراءات التي اتخذتها السلطات الفرنسية، وفي مقدمتها إعلان حالة الطوارئ، على خلفية الهجمات الإرهابية التي استهدفت العاصمة باريس ومدينة نيس، خلال الفترة الماضية.
كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال، أول من أمس (الأربعاء)، إنه سيثير خلال اجتماعه المرتقب في باريس اليوم الجمعة مع إردوغان مسألة الصحافيين المسجونين والممنوعين من ممارسة مهنتهم في تركيا. مضيفاً: «سأقوم بذلك باحترام ولكن في الوقت نفسه بدافع الدفاع عن قيمنا ومصالحنا».
وقال وزير الدولة لدى وزير الشؤون الأوروبية جان باتيست ليموين لإذاعة «سود راديو» الفرنسية: «حالياً العملية مجمدة، لأن هناك توقعات من الدول الأوروبية بشأن الحريات الأساسية، وبالتالي يتعين أن تقوم تركيا بمبادرات ملموسة جداً ليمكن بحث بعض الملفات. وفي أي حال سيتم (إبلاغ الرسالة) أثناء زيارة إردوغان».
وفي أول زيارة له إلى فرنسا منذ الانقلاب الفاشل في تركيا، سيلتقي إردوغان نظيره الفرنسي في باريس، وفضلاً عن وضع الصحافيين المسجونين وبصورة أعم ملف حقوق الإنسان في تركيا، ستتمحور المحادثات حول الملفات الإقليمية الأساسية مثل الأزمة السورية وقضية القدس والأوضاع في ليبيا واليمن.
وتسببت عمليات التطهير التي تقوم بها السلطات التركية في ظل حالة الطوارئ المفروضة بعد محاولة الانقلاب، في انتقادات كثيرة وجهها شركاؤها الأوروبيون ولا سيما برلين، ما أدى إلى توقف المفاوضات المتصلة بترشيحها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وأمس، أصدر الادعاء العام في تركيا مذكرات اعتقال بحق نحو مائة وخمسين شخصاً بينهم عسكريون بالخدمة، وآخرون متقاعدون للاشتباه في صلتهم بحركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن الذي تتهمه السلطات بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة.
ومن بين من أصدر الادعاء العام لمدينة كونيا وسط تركيا مذكرات اعتقال بحقهم 70 مشتبهاً به، بينهم 58 عسكرياً سابقون أو لا يزالون في الخدمة تلاحقهم الشرطة في 27 ولاية.
كما أصدر الادعاء مذكرات توقيف بحق 67 شخصاً في 12 ولاية، بينهم 15 من مستخدمي تطبيق «بايلوك» للرسائل المشفرة الذي تقول تركيا إن أتباع غولن استخدموه للتواصل فيما بينهم أثناء محاولة الانقلاب الفاشلة.
وفي السياق ذاته، قضت محكمة تركية، أمس (الخميس)، بسجن نائب برلماني 16 عاماً، بعد نحو سنة من اعتقاله بتهمة دعم الإرهاب. وكان إدريس بالوكن، النائب بالبرلمان عن حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، سُجِن للمرة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 تمهيداً لمحاكمته في تحقيق متصل بالإرهاب، وأفرج عنه بعد ذلك في يناير (كانون الثاني) 2017، قبل إلقاء القبض عليه مرة أخرى بعدها بشهر.
وتنصب معظم الاتهامات المنسوبة إلى بالوكن وغيره من أعضاء الحزب، وبينهم مؤسساه صلاح الدين دميرتاش وفيجان يوكسك داغ، الارتباط بحزب العمال الكردستاني المحظور. وينفي جميعهم هذه التهم.
كما أصدرت محكمة تركية، أول من أمس، حكماً بسجن النائبة بحزب الشعوب الديمقراطي ليلى بيرليك لمدة عام وتسعة شهور بتهمة «إهانة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان».
وتم اعتقال بيرليك مع 12 نائباً من الحزب في الرابع من نوفمبر 2016 بتهمة «الانتماء لمنظمة إرهابية»، وتم إطلاق سراحها بعد أربعة أشهر.
وكان البرلمان التركي أسقط في وقت سابق عضوية خمسة نواب عن الحزب بمن فيهم الرئيس المشارك فيجان يوكسيكداغ بعد صدور حكم قضائي بحقهم بتهمة دعم «الإرهاب»، والغياب عن كثير من الجلسات البرلمانية.
على صعيد آخر، عبرت أنقرة عن غضبها تجاه إدانة نائب رئيس بنك «خلق» الحكومي السابق محمد هاكان أتيلا من جانب هيئة محلفين في نيويورك، أول من أمس، في قضية التحايل المصرفي لانتهاك العقوبات الأميركية على إيران في الفترة ما بين 2010 و2015، في حين تمت تبرئته من تهمة «القيام بغسل أموال». ووصف المتحدث باسم الرئاسة التركية القضية وقرار الإدانة بـ«الفضيحة»، مؤكداً أنه لا يوجد أي معنى آخر لهذه القضية، ولهذا القرار.
وأضاف، في مؤتمره الصحافي، أمس، أنه من الواضح جداً أنّ هذه القضية ما هي إلا مكيدة للتدخل في شؤون تركيا وسياستها الداخلية، وقرار هيئة المحلفين فضيحة وتنفيذ لسيناريو مخجل من الناحية القانونية.
وأعربت الخارجية التركية، أمس (الخميس)، عن أسفها لقرار المحكمة الأميركية التنفيذي بشأن المصرفي التركي، ووصفته بـ«غير العادل والمؤسف والمستند إلى أدلة وهمية ومفتوحة للاستغلال السياسي».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».