في مانهاتن... مكتبة مخصصة للسياسي البريطاني ونستون تشرشل

تبيع صوره وكتبه بالإضافة إلى بقايا السيجار الذي اشتهر به

باري سينغر مالك مكتبة «تشارتويل» المتخصصة  في كل ما يتعلق بونستون تشرشل (نيويورك تايمز)
باري سينغر مالك مكتبة «تشارتويل» المتخصصة في كل ما يتعلق بونستون تشرشل (نيويورك تايمز)
TT

في مانهاتن... مكتبة مخصصة للسياسي البريطاني ونستون تشرشل

باري سينغر مالك مكتبة «تشارتويل» المتخصصة  في كل ما يتعلق بونستون تشرشل (نيويورك تايمز)
باري سينغر مالك مكتبة «تشارتويل» المتخصصة في كل ما يتعلق بونستون تشرشل (نيويورك تايمز)

تلقى باري سينغر، 60 عاماً، صاحب مكتبة «شارتويل بوكسيلرز» الكائنة في ميدتاون مانهاتن -وهي المكتبة الوحيدة على مستوى العالم المخصصة لمقتنيات ونستون تشرشل- مكالمة الأسبوع الماضي من أحد المديرين التنفيذيين بالطابق العلوي يطلب فيها كوب تشرشل للقهوة على وجه السرعة. وطلب من المتصل الانتظار قليلاً واختفى لبعض الوقت في الجزء الخلفي من المتجر الذي هو عبارة عن موقع فخم من البساط الأحمر وخزائن الكتب من خشب البلوط المنحوت بعناية بالغة والذي يحتل مكاناً متميزاً من الردهة العامة في مبنى بارك أفينيو بلازا بين شارع 52 و53 في مانهاتن. ثم عاد من مكتبه حاملاً قدح القهوة الخاص بالسيد تشرشل، الذي يعتبره التذكار الشخصي الخاص به، وأجاب المدير التنفيذي عبر الهاتف: «لديَّ واحد لك، وهو على حساب المكتبة».
خلال 34 عاماً من إدارة المكتبة، تمكن سينغر من بيع منتجات تحمل اسم ونستون تشرشل مثل: سراويل ركوب الخيل، والصور التي تحمل توقيعه، وبقايا السيجار الخاص به (بسعر يبلغ 1500 دولار للقطعة الواحدة).
ولكن سينغر بالأساس ليس إلا بائعاً للكتب، وفي الوقت الحالي كان يشحن نسخة من كتاب «حياتي المبكرة» لتشرشل باعها بمبلغ 1500 دولار، إلى جانب صورة تحمل توقيع رئيس وزراء بريطانيا الأسبق خلال الحرب العالمية الثانية بمبلغ 11 ألف دولار.
وكان العام الماضي من أفضل الأعوام التي مرت على المتجر، بفضل عرض فيلمين جديدين حول شخصية رئيس الوزراء الراحل ونستون تشرشل، أحدهما بعنوان «تشرشل»، والآخر بعنوان «داركست آور»، إلى جانب مسلسل تلفزيوني يُعرض على شبكة «نيتفليكس» بعنوان «ذي كراون». كما تم تصوير المتجر نفسه في إحدى حلقات مسلسل بعنوان «بيليونس» الذي تعرضه شبكة «شوتايم».
توفي تشرشل عام 1965 عن عمر يناهز 90 عاماً، تاركاً إنتاجاً أدبياً يتجاوز 40 عنواناً ومجلداً مختلفة أُعيدت طباعتها فيما يقرب من 8 آلاف إصدار متنوع حتى الآن.
كما أن هناك ما يقرب من 800 كتاب أُلِّفت حول شخصيته، كما يقول سينغر، الذي أضاف أنه كان يملك نسخة من كل هذه الإصدارات في متجره في مرحلة من المراحل. وتضم محتويات المتجر معروضات متفاوتة، من غلاف كتاب بعنوان «تشرشل في أوروبا» بسعر 10 دولارات، وحتى النسخة الأولى من كتاب بعنوان «من أجل التجارة الحرة» من تأليف تشرشل نفسه، وهي محفوظة داخل خزانة خاصة، ويبلغ سعرها نحو 185 ألف دولار، وهو سعر قابل للتفاوض، كما أشار سينغر.
ويمكن للمرء ملاحظة الإصدارات النادرة من كل كتاب ألّفه تشرشل بنفسه على 5 أرفف تستقر خلف الأبواب الزجاجية في الجزء الخلفي من المتجر: من الطبعة الأولى لكتاب «قصة قوة الميدان في مالاكاند» (بسعر 5500 دولار)، وصولاً إلى المجلد الذي يحمل توقيعه على أحد آخر أعماله الأدبية بعنوان «تاريخ الأمم الناطقة باللغة الإنجليزية» (بسعر 6500 دولار).
وتعد المكتبة آخر المكتبات المستقلة في ميدتاون مانهاتن، ويرجع سبب استمرارها إلى ولع سينغر العميق بشخصية ونستون تشرشل، إلى جانب الترتيبات المالية المناسبة التي وفّرها «فيشر براذرز» أصحاب البناية التي يوجد فيها المتجر.
وقد استفاد سينغر كثيراً من اللمسة السحرية التي يتمتع بها تشرشل بين حفنة من الرجال الأثرياء والأقوياء الذين يعجبون أيّما إعجاب بعزمه وإصراره وقيادته، فعلى سبيل المثال، في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) الإرهابية، ابتاع رودولف غولياني، عمدة مدينة نيويورك، نسخاً من كتاب تشرشل بعنوان «خمسة أيام في لندن: مايو (أيار) 1940» للاستفادة من فحواه.
كما ابتاع كاسبار واينبرغر، وزير الدفاع الأسبق في حكومة رونالد ريغان، مجموعة من الكتب، وأبلغ سينغر بإرسال الفاتورة إلى وزارة الدفاع الأميركية.
وتعود نشأة سينغر إلى مدينة باسيك بولاية نيوجيرسي والتحق بجامعة كولومبيا. ولقد ألّف عدة كتب بنفسه، وكتب العديد من المقالات كصحافي حر في صحيفة «نيويورك تايمز» وغيرها من الصحف الأميركية.
ولا يزال كتابه بعنوان «أسلوب تشرشل: نمط حياة ونستون تشرشل» يحتل مكاناً بارزاً في المتجر ويباع بسعر 25 دولاراً للنسخة الواحدة، مع النسخ الأولى الموقّعة التي يبلغ سعرها 50 دولاراً.
قال سينغر إن اهتمامه كان طفيفاً بشخصية تشرشل قبل 35 عاماً مضت عندما التقى للمرة الأولى مع ريتشارد فيشر، قطب العقارات الأميركي الكبير الذي يحمل درجة جامعية إنجليزية مرموقة والذي كان يحمل رغبة تواقة لافتتاح مكتبة مخصصة في ردهة ناطحة السحاب التي يملكها في بارك أفينيو، وقال عنه «لدى فيشر براذرز إعجاب خاص بذلك المتجر».
وأطلق فيشر على المكتبة اسم «شارتويل» وهو اسم بلدة ونستون تشرشل في مقاطعة (كنت) البريطانية، غير أن المكتبة لم تكن مكرسة للسيد تشرشل في بادئ الأمر.
وكانت المبيعات في الأيام الأولى ضعيفة، ومن ثم بدأ سينغر في طباعة نشرات إخبارية أسبوعية تسلط الضوء على مختلف الكتب المعروضة للبيع في المكتبة، وكان يرسل تلك النشرات إلى المؤسسات المالية الكبيرة في المبنى. وفي أحد الأسابيع، ذكر في النشرة الإخبارية وجود بعض الكتب القليلة الخاص بالسيد تشرشل التي تمكن من الحصول عليها، والتي جذبت انتباه الممول المولع بالقراءة شاؤول شتاينبرغ.
وسرعان ما اتصلت سكرتيرة شتاينبرغ بسينغر في المكتبة تطلب منه مجموعة كاملة من كل ما كتبه ونستون تشرشل بنفسه، مشترطة أن تكون الطبعة الأولى المغلفة بالجلد الفاخر، وأن يحضرها في أقرب فرصة ممكنة.
وانتهى الأمر بسينغر مطالباً السيد شتاينبرغ بمبلغ 100 ألف دولار لقاء المجموعة الكاملة التي طلبها، ونصف هذا المبلغ الكبير كان مخصصاً لشراء النسخة الأصلية من كتاب «جيش السيد برودريك» من تأليف تشرشل نفسه.
ولقد حصل سينغر على صفقة معقولة، إذ يبلغ سعر المجموعة الآن أضعاف المبلغ المذكور، وما كان من سينغر إلا أن خصص مكتبته لشخصية ونستون تشرشل فحسب منذ ذلك الحين.
واحتفظ شتاينبرغ بالمجموعة الكاملة في مكتبه الفاخر الكائن بالطابق الرابع والثلاثين من ناطحة السحاب خاصته في بارك أفينيو، وكان احتفاظه بها ناشئاً من الدعم العاطفي الذي يشعر به تجاه الرجل، كما قال سينغر، حتى رغم أن خسائره المالية قد اضطرته إلى التخلي عن أصول أخرى سوى هذه المجموعة النادرة.
قضى سينغر سنوات عديدة مسافراً من وإلى إنجلترا. وطاف بمختلف المتاجر والمكتبات هناك وعلم الكثير عن شخصية وحياة ونستون تشرشل خلال تلك الرحلات.
* خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

ثقافة وفنون أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية

سحر عبد الله
يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.