في ظل الأداء الراقي الذي يقدمه فريق مانشستر سيتي يقف الجميع سواء كان مشجعا أو منافسا ليقدم التحية لهؤلاء اللاعبين ومدربهم جوسيب غوارديولا، لأن من يتمنى فشل سيتي خلال الموسم الحالي يشبه في واقع الأمر كمن يتمنى تمزق الأحبال الصوتية لمطرب كبير أو أوتار قدم راقصة باليه تمتع الجمهور الذي يشاهدها.
ويكتب الصحافيون ملايين الكلمات لوصف الأداء الجميل والممتع الذي يقدمه مانشستر سيتي، في الوقت الذي يستمتع فيه الجمهور بكل تمريرة وكل تحرك كان قبل ذلك يبدو مستحيلا لكن لاعبي مانشستر سيتي حولوه إلى شيء ممكن وسلس داخل المستطيل الأخضر.
في الحقيقة، لا يمكن للكلمات أن تصف ما يقدمه مانشستر سيتي بقيادة مديره الفني الإسباني غوارديولا خلال الموسم الحالي، لكننا علينا الاعتراف بأن نجاح النادي استند في الأساس على الدعم اللامحدود من شركة الاستثمار الإماراتية بقيادة الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، مالك النادي ليتمكن سيتي من شراء نخبة من أفضل لاعبي العالم والدوري الإنجليزي الممتاز.
لقد صرفت الشركة الإماراتية على التعاقدات مع اللاعبين أكثر مما أنفقته على شراء النادي، ويكفي النظر في فاتورة الرواتب، حيث يتقاضى غوارديولا سنويا نحو 15 مليون جنيه إسترليني، بينما تصل رواتب اللاعبين إلى 264 مليون جنيه إسترليني سنويا.
وفي الواقع، يتعين عليك أن تشيد بكرة القدم الجميلة التي يقدمها مانشستر سيتي وأن تدين لملاك النادي في نفس الوقت بهذا الدعم. وإذا كان الشيخ منصور مهتما ببناء مانشستر سيتي ليكون بمثابة اتحاد عالمي، نجد شركة الاستثمار القطرية تضخ ببذخ في نادي باريس سان جيرمان الفرنسي الذي تملكه من أجل أن يكون أقوى الأندية في العالم.
يشعر جمهور كرة القدم الإنجليزية بالكراهية تجاه أصحاب الأندية من أمثال عائلة غلازر الأميركية، التي اشترت مانشستر يونايتد بقروض وقلصت أرباح النادي لسداد الديون. لكن لو كانت المليارات متاحة لتحويل مانشستر سيتي أو باريس سان جيرمان إلى أندية من الطراز العالمي، فإن المشجعين لا يهتمون بالمصدر الذي تأتي منه الأموال، وينطبق نفس الأمر على المحايدين الذين يحبون كرة القدم من أجل كرة القدم. وبالنسبة لهم، فإن الحديث عن ملاك مانشستر سيتي في برنامج «مباراة اليوم» على إذاعة بي بي سي يبدو بائسا ومملا مثل الحديث عن مزارع تربية الديك الرومي وأنت تجلس على طاولة الغداء في عيد الميلاد!.
لقد نجح مانشستر سيتي بفضل الدعم المالي من ملاكه أن يفرض سيطرته على مسابقة الدوري هذا الموسم، بل وأيضا أن يحقق النادي إيرادات قياسية بلغت 473.4 مليون جنيه إسترليني (619.9 مليون دولار)، بزيادة قدرها 21 بالمائة عن العام السابق.
وأوضح النادي الذي ضمن التأهل إلى دور الـ16 في مسابقة دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، في بيان، أنه سجل في موسم 2016 - 2017 أرباحا للعام الثالث على التوالي، وتحسنا في الأداء المالي للعام التاسع تواليا.
وبحسب التقارير نجح النادي في تحقيق إيرادات تزيد على 400 مليون جنيه إسترليني لأول مرة في تاريخه.
وصرح رئيس مجلس إدارة مانشستر سيتي خلدون المبارك بأن النادي يسعى لتحقيق توازن وتنسيق بين مؤسسة كرة القدم والأعمال التجارية خارج أرض الملعب، ما يتيح له تحقيق قدر أكبر من التوسع والنمو.
ويذكر أن سيتي في ظل الملكية الإماراتية منذ 2008، فاز ببطولة الدوري المحلي مرتين وكأس رابطة الأندية المحترفة مرتين وكأس إنجلترا مرة واحدة.
ولم يحقق فريق المدرب غوارديولا، أي لقب الموسم الماضي، إلا أنه يقدم أداء مميزا هذا الموسم، أكان محليا، حيث يتصدر ترتيب الدوري بفارق 14 نقطة عن أقرب ملاحقيه، أو أوروبيا بالتأهل لدور الستة عشر لدوري الأبطال.
لقد أظهرت الإدارة المالكة لسيتي أنها تريد الاستثمار في تدريب لاعبين يافعين وموهوبين لإضافتهم إلى الكفاءات الموجودة ضمن الفريق، على أمل تحقيق مزيد من التقدم وإحراز الألقاب في المواسم القادمة.
وعلى صعيد الانتشار لم يكتف مانشستر سيتي في بداية هذا الموسم بأن يكون المتصدر وأبرز المنافسين على لقب الدوري، بل بات أكثر الفرق شعبية في الدوري الإنجليزي الممتاز على موقع «يوتيوب»، إذ وصل عدد متابعيه إلى مليون شخص.
وأوضح مدير التلفزيون الرسمي لسيتي ومسؤول وسائل التواصل الاجتماعي في النادي مايكل راسل، أن «التعامل مع يوتيوب ليس فقط كمنصة فيديو وحسب، بل إنه وسيلة تمكن النادي من الاستماع إلى مشجعينا على أساس يومي، الوصول إلى مليون مشترك في يوتيوب يمثل حدثا بارزا بالنسبة لنا».
وأشار المسؤول عن القسم الرياضي في «يوتيوب» عن منطقتي أوروبا والشرق الأوسط، توموس غرايس، إلى أن قناة سيتي على «يوتيوب» سلسة بطريقة مشابهة لأسلوب لعب الفريق، مضيفا: «مانشستر سيتي يدير قناة مثالية على يوتيوب حيث تجمع بين إبداع (صانع الألعاب البلجيكي كيفن) دي بروين، وتنفيذ (المهاجم الأرجنتيني سيرخيو) أغويرو ودهاء المدرب غوارديولا».
وإذا كان سيتي يرى أنه يسير في الطريق الصحيح فلا بد من الاعتراف بأن القوة المالية لملاكه هي التي منحته هذا الزخم والتألق، وعليه مستقبلا أن يؤكد أنه قادر على الوقوف بجوار الأندية الكبيرة تاريخيا.
لقد اعترف غوارديولا بأنه لا توجد ضمانة لأي شيء. والفوز دائما شيء من المستحيلات. وهو الاعتراف الذي يؤكد أن القوى المالية من الممكن أن تمنحك السيطرة لفترات ولكن لا تضمن لك النجاح على الدوام إذا لم تكن هناك خطط للتطوير والبناء.
من الذي يدفع تكلفة كرة القدم الجميلة التي يقدمها مانشستر سيتي؟
الدعم اللامحدود من الشركة المالكة بدأ يؤتي ثماره لكن هل يضمن استمرار التقدم؟
من الذي يدفع تكلفة كرة القدم الجميلة التي يقدمها مانشستر سيتي؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة