الميليشيات تستكمل «حوثنة» صنعاء بـ26 قراراً انقلابياً

أطاحت بقيادات من حزب صالح

آثار اشتباكات الحوثيين مع قوات {المؤتمر» في صنعاء مطلع الشهر الماضي (غيتي)
آثار اشتباكات الحوثيين مع قوات {المؤتمر» في صنعاء مطلع الشهر الماضي (غيتي)
TT

الميليشيات تستكمل «حوثنة» صنعاء بـ26 قراراً انقلابياً

آثار اشتباكات الحوثيين مع قوات {المؤتمر» في صنعاء مطلع الشهر الماضي (غيتي)
آثار اشتباكات الحوثيين مع قوات {المؤتمر» في صنعاء مطلع الشهر الماضي (غيتي)

بعد نحو أربعة أسابيع من تصفية ميليشيا جماعة الحوثيين الانقلابية الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح والتنكيل بأقاربه والمئات من أعضاء حزبه، استكملت الجماعة أمس، في أول أيام السنة الميلادية «حوثنة» المؤسسات وأجهزة الدولة المختلفة في المناطق التي تسيطر عليها عبر إصدارها 26 قراراً بتعيين أنصارها في مختلف المناصب القيادية.
وشملت القرارات الحوثية إجراء تعديل وزاري على حكومة الانقلاب غير المعترف بها دولياً تضمن تعيين وزراء للإعلام والنفط والمالية ونائب لرئيس مجلس الوزراء، إضافة إلى تعيين 3 محافظين على رأس محافظات تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية وهي عدن وأبين وسقطرى.
ونصبت القرارات التي أصدرها رئيس مجلس رئاسة الانقلاب صالح الصماد وبثتها وسائل إعلام الجماعة محافظا للمحويت وقائدين من عناصرها لجهازي المخابرات (الأمن السياسي والأمن القومي)، إضافة إلى رؤساء لجهاز الرقابة والمحاسبة ومصلحتي الضرائب والجمارك وجامعتي صنعاء والحديدة وهيئة الأراضي واللجنة الوطنية للمرأة.
وتضمنت القرارات التي أطاحت بالموالين لحزب «المؤتمر الشعبي» والرئيس السابق، تعيين وزير إعلام الانقلاب مديرا لمكتب الرئاسة، إضافة إلى تنصيب عدد من نواب الوزراء والوكلاء والمستشارين في مختلف الهيئات والمؤسسات والأجهزة، بما فيها البنك المركزي والقضاء في استكمال لعملية «حوثنة» الوظائف العامة والمناصب القيادية التي بدأتها الجماعة منذ اجتياح صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014.
وفي سياق مسلسل القمع المستمر بحق أنصار الرئيس السابق ومناهضي الحوثي، اعتقلت الميليشيات مصورين شقيقين كانا يعملان ضمن طاقم قناة «اليمن اليوم»، والتي ضمتها الجماعة إلى قائمة وسائل إعلامها عقب مقتل صالح، والاستيلاء على مقار وممتلكات حزب «المؤتمر الشعبي».
وأكد عضو نقابة الصحافيين اليمنيين نبيل الأسيدي في بيان على «فيسبوك» أن الميليشيات الحوثية اختطفت مصوري قناة «اليمن اليوم» الشقيقين عماد وعلي الضيفي إلى مكان مجهول، بعد توقيفهما قبل عشرة أيام في حاجز تفتيش عند مدخل مدينة ذمار أثناء محاولتهما السفر إلى مدينة عدن.
ونصت القرارات على تعيين محمود عبد القادر الجنيد نائباً لرئيس الوزراء لشؤون الخدمات في حكومة الانقلاب، وكان يشغل منصب مدير مكتب الرئاسة، وتعيين حسين عبد الله علي مقبولي وزيراً للمالية خلفاً لصالح شعبان الذي أصبح هو الآخر مستشارا لمجلس الانقلاب، وتعيين عبد السلام جابر وزيراً للإعلام، وأحمد عبد الله ناجي دارس وزيراً للنفط والمعادن خلفاً للقيادي في حزب المؤتمر ذياب بن معيلي، الذي كان هرب من قبضة الجماعة عقب مقتل صالح إلى مسقط رأسه في مأرب.
وسبق لدارس وهو محسوب على حزب «المؤتمر» أن شغل المنصب الوزاري قبل أن يتركه في 2014، ويرجح أنه الآن بات مواليا للحوثي، في حين كان عبد السلام جابر وهو إعلامي جنوبي رئيسا لتحرير صحيفة «الجمهورية» الصادرة في تعز، بعد أن أعاد الحوثي إصدارها من صنعاء.
وقضت القرارات الحوثية بتعيين عبد الرب جرفان رئيساً لجهاز الأمن القومي، وعبد القادر قاسم أحمد الشامي رئيساً للجهاز المركزي للأمن السياسي، وكلاهما كانا قائمين بأعمال الجهازين الأمنيين قبل التعيين.
وجرى تعيين أحمد الرهوي محافظاً لأبين، وفيصل أحمد حيدر محافظاً للمحويت، وطارق سلام محافظاً لعدن، وهاشم بن عايود محافظاً لسقطرى، وأحمد دغار رئيساً لجامعة صنعاء، وعبد الله محمد محمد الشامي رئيساً لجامعة الحديدة، وحسين حمود درهم العزي نائباً لوزير الخارجية، والأخير قيادي بارز في الجماعة وكان قبل التعيين، ولا يزال الحاكم الفعلي لخارجية الانقلاب.
وإلى جانب تعيين المراسيم الحوثية جملة من المستشارين في قطاعات مختلفة، عينت أحمد عبد الله العزاني رئيساً للهيئة العامة للأراضي والمساحة والتخطيط العمراني، وهاشم الشامي رئيساً لمصلحة الضرائب، وسليم الحضرمي رئيساً لمصلحة الجمارك، ورضية راوح عبد الله رئيسة للجنة الوطنية للمرأة، وإبراهيم الحوثي رئيسا لقطاع الرقابة في البنك المركزي، وخالد محمد عبد الله شرف الدين نائباً لرئيس الهيئة العامة للاستثمار، وحسين عبد الله النميري نائباً لرئيس الهيئة العامة للمساحة والجيولوجيا.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.